• اخر الاخبار

    الأحد، 31 مارس 2024

    قصة قصيرة بعنوان/ الجارة الحسودة ..بقلم : القاص العراقى: محمد علي ابراهيم الجبير

     

     


     

     

    حماد رجل معروف في مدينته  برجاحة عقله وحسن تصرفه ، وقدرته على حل أعقد المشاكل والخلافات ، التي تحصل بين ابناء مدينته الصغيرة ،ومن نتائج هذه القدرة احترام الناس له وسماع كلمته ،وكان في اغلب الاحيان  ينفق من ماله الخاص لحل بعض المشاكل التي لاتحل الا بالمال ،بالرغم من وضعه المالي المتوسطـ زوجته حميدة : امرأة عاقلة ،طيبة الاخلاق ،اجتماعية ، صادقة في قولها ، تحب جاراتها، وتتواصل معهن في المناسبات ، ولم تترك مناسبة فرح او حزن إلا وهي اول من يشارك ذلك الفرح او الحزن، وكانت امرأة مدبرة ،من الطراز الاول ،لاتتعب زوجها بالطلبات ، وعندما تكون بين جارتها،لاتتوقف عن مدح زوجها حماد وعن كرمه معها ، أنه يشتري لها كذا وكذا؛ وكانت عندما تذهب لجاراتها تلبس افضل ثيابها ،وتلبس مصوغاتها الذهبية البسيطة ، وتتعطر بعطرها المميز لها ، علما بان حماد يشتري الملابس وحميدة تحتفظ بهذه الملابس من سنة الى اخرى و اصبح لديها خزين من الملابس ، وكلما شاهدت جاراتها ملابسها  ، يظنن  انها ملابس جديدة ؛  وهذا جزء من تدبيرها المنزلي..

    لم يرزق حماد وحميدة اي طفل رغم مرور عشرة سنوات على زواجهما ،الا أنهما على قناعة تامة  ويقين بان الله سيرزقهم الطفل في يوم من الايام ...

    حنان زوجة حاج فهد الغني  ، احدى جارات حميدة، وكانت حميدة تعزها كثيرا ،وتفضل فضفضة احاديثا لها؛ وحاج فهد من كبار تجار البلد ، له اربعة اولاد وسبعة بنات ، كلهم في المدارس ،يلبسون افخر الملابس ويصرفون بلا حساب ، وفهد لايقصر معهم في اي شيءيطلبونه، بيتهم الواسع يحتوي على افضل انواع الاثاث ، ومجهز بأحدث انواع اجهزة التبريد والتدفئة ، مفروش بافخر انواع السجاد الاجنبي ،و سيارات على عدد الاولاد الكبار ،  وحديقة بيتهم الواسعة  فيها افضل اشجار الفواكه ،  ومع كل ذلك ،عندما تزورها حميدة وتسمع  حنان احاديثها  وخاصة عندما تمدح زوجها حماد، تشتعل نار الغيرة والحسد فيها، رغم الثراء الفاحش لزوجها  و كثرة الاموال والاولاد لديها ، والخير الوفير الذي تتمتع به ، كل ذلك لم يمليء عينها ، وتتمنى الثوب الذي تلبسه جارتها حميدة؛؛

    واثوابها وبدلاتها تمليء خَزّانة الملابس( الكانتور) باحدث الموديلات ، وتتمنى رائحة العطر التي تتعطر به حميدة، وعندها افخرانواع العطور ومن مناشيء عالمية ؛؛

     في أحد الايام لم تستطيع حنان كتمان ذلك بل طلبت من حميدة ان ترشدها على بائع القماش الذي فصلت منه بدلتها التي عليها ، حتى تشتري مثلها ؛ارشدتها على البائع ، وذهبت حنان لبائع القماش، ولكن البائع لم يعرف القماش الذي تريده بعد ان عرض عليها انواع الاقمشة ،وطلب منها ان تجلب معها نموذج من القماش المطلوب ؛وفي زيارة حميدة الثانية لجارتها حنان، طلبت منها ان تعطيها بدلتها لغرض اطلاع بائع القماش عليها وتشتري مثله ؛؛

    وفعلا في الزيارة التالية سلمتها بدلتها لتشتري مثلها ، وعندما نظر صاحب القماش ، اعتذر منها وقال لها : ان هذا القماش قبل ستة سنوات كان موجوداً وانتهى موديله الان ولايوجد عندي في المحل  حالياً ولايوجد في السوق عند أحد مثله ، يوجدعندي الافضل والاحدث؛بعد رجوعها الى بيتها ، ذهبت حنان لزيارة حميدة

    مستفسرة منها عن جواب صاحب القماش بعدم وجوده ؛لاحظت حنان ترتيب بيت  حميدة ، وديكوراثاثه،ونظافته وبساطته  تمنت ان يكون بيتها مثله ، وهي التي تملك بيتا كبيرا واسعاً ، تحيط به الحديقة الغناء  من كل جانب ،لم تتردد من سؤال حميدة عن عمر بدلتها ، اجابتها انها قبل ستة سنوات ، انها تحافظ على ملابسها ، وتحفظها بعد تنظيفها وكويها بحيث تظهر كانها جديدة  ومشتراة  يوم لبسها ..

    رجعت حنان الى بيتها وبدلة حميدة بيدها، وقلبها يكاد ان ينفجر من غيضها وحسدها لجارتها حميدة ..

    حميدة خالية البال ، ولم يخطر ببالها ان جارتها صاحبة الثراء تحسدها على ملابسها البسيطة ، وتغار عندما تحدثها عن معاملة زوجها حماد لها وانه يحبها ويلبي طلباتها ..

    رجع فهد التاجر زوج حنان الى بيته ، وجد زوجته تبكي وتشتكي ، بانه لايحبها وانه لايهتم بها مثل اهتمام حماد لزوجته الذي وفر لها كل احتياجاتها ؛استغرب الرجل من كلامها ، وهو الذي وفر لها كل شيء، قال لها:ان النعمة التي تتنعمين فيها انت واولادك ،لاتحلم بها اي امرأة ؛ وأستمرت في البكاء، وتقول ان حماد يحب زوجته حميده زاد استغراب فهد من كلام زوجته ، قال لها : وانت

    ألاتشعرين بحبي وتقديري اليك ،  وها انت تتصرفين بما تشاءين في الاموال تسافرين مع اولادك ،الى أي مكان تريدينه ،وسياراتهم  تحت تصرفك ، ألايكفيك ذلك ؟ تنظرين الى بدلة حميدة القديمة وتتمنين ان تملكين مثلها وملابسك بلا عدد ومن اثمن وارقى القماش ،ان امرك عجيب اصرت على فهد بان يشتري لها بدلة مثل بدلةحميدة هذه ويشتريها من اي محل ومن اي مكان ؛

    بحث فهد في السوق عن قماش مثل قماش  بدلة حميدة ولكنه لم يعثرعلى ذلك القماش الذي مر على وجوده ستة سنوات ؛رغم السؤال عنه في كل مكان  ؛اعتبر فهد ان رضا زوجته اصبح مشكلة ،اذ انها تبكي  كلما جاء  للبيت وغير راضية على نصيبها؛ فقرر الذهاب الى حماد ليحل مشكلته ،وعندما ذهب الى حماد ،اجابه: ما اسهل حل هذه المشكلة

      - كيف؟

    - لقد وهبتك بدلة حميدة بدون مقابل هدية منها الى حرمكم المصون

     لايسع فهد الا ان يقدم له شكره وامتنانه  لحمادعلى كرمه ؛

    وعندما قدم فهد بدلة حميدة لزوجته:

     -انها هدية لك منها ! فرحت كثيراً وكأنها لاتملك شيء ؛؛

    اسف فهد غاية الاسف على ان تكون زوجته  بهذه الدرجة من الحسد والغيرة و دناءة النفس ، كماعجب منها غاية العجب كيف سمحت لنفسها ان تلبس بدلة جارتها القديمة ، وعندها المئات من البدلات ،  انه لامرمحير وعجيب؟

      وعندما ذهب حماد الى بيته واخبر حميدة بانه اهدى بدلتها الى حنان زوجة التاجر فهد ، فرحت كثيرا كون ملابسها محط انظار وطمع زوجات الاغنياء امثال حنان زوجة التاجر فهد  وحمدت الله على قناعتها  بماتمتلك ، وتدعو الله ان يحفظ زوجها  الذي يحبها ويقدرها ،وما يقدمه لها من الحب والحنان وتلبية الممكن من احتياجاتها ، وحمدت الله على عزة نفسها  ..

    حماد وحميدة دعوا الله مخلصين ان يرزقهما طفلاً ، ليتفرغا الى رعايته  ، وترك زيارة جاراتها،لشعورها بالذنب وانها السبب في اظهار غيرة وحسد جارتها حنان، تعجبت  ايضاً من تصرف حنان ،التي سمحت لنفسها بان تلبس بدلتها القديمة ، وهي الغنية  التي تملك المئات من افخر الملابس واغلاها ثمناً..

     فكرت حميدة  في نفسها وقالت : ربما أن زياراتها الى الجيران

    إذا استمرت،  قد تسبب مشكلة اخرى مع جارة اخرى وهي لاتعلم؛

     فقررت عدم الذهاب لجاراتها  الا في المناسبات الواجبة ؛

     استجاب الله سبحانه وتعالى الى دعواتها ودعاء زوجها حماد ، ورزقوا من البنين خمسة  ومن البنات اربعة ..

     تفرغت حميد وحماد الى تربية اولادهم ، ولم يكن هناك وقت لحميدة  بزيارة جاراتها ، ولم يكن لدى حماد الوقت الكافي لحل مشاكل ابناء المدينة ، وعاشوا في هدوء وسعادة مع اولادهم ، تاركين العلاقات القوية مع الناس، وجعلها علاقات عادية، كما حددوا الزيارة الى جيرانهم ، ولم تقم حميدة بزيارة الجيران الا في المناسبات الضرورية ،كالفرح والحزن ...

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان/ الجارة الحسودة ..بقلم : القاص العراقى: محمد علي ابراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top