• اخر الاخبار

    الأحد، 17 مارس 2024

    الكتابة الروائية العربية تحت الطلب :بقلم الكاتبة الجزائرية / خديجة مسروق

     


    لماذا يكتب الروائي العربي اليوم؟ لدافع إبداعي أم لدافع مادي ؟

    كانت الرواية  في بداية عهودها في الوطن العربي تكتب عن موهبة فطرية تنشأ مع الأديب , و دون وسائل ترويجية ( الجرائد , التلفزيون , الفايسبوك ...) تصل القارئ الموجود في أقصى نقطة من الوطن العربي .

    يفجر الروائي طاقته الإبداعية الكامنة بداخله, فيهتز له عرش الأدب إجلالا لروحه المعطاءة  , يقوم بوصف   ما يستفزه من ظواهر موجودة في المجتمع الإنساني  , بصورة فنية تجذب القارئ فيشعرهذا الأخير  بمتعة القراءة و لذة النص , و يبقى شوقه لإعادة قراءة ذلك النص   مرات ومرات .و لا ضير أن يصقل المبدع المبتدئ  موهبته بالدربة و القراءة المستمرة,  و الإطلاع على أمهات الكتب و المراجع الأدبية التراثية العربية و أيضا  العالمية . من أجل أن  يحقق  الإنتاج الأدبي العربي   أعلى درجات الجودة الفنية.

    لقد كان الروائي العربي قديما هدفه الوحيد من الكتابة هو الكتابة نفسها و لا شيء غير ذلك . فنجيب محفوظ و طه حسين و سهيل ادريس و غيرهم كانوا  ينزلون بعدساتهم الفنية إلى الواقع لرصد الحدث .و إعادة تصويره للقارئ بجمالية خاصة , جعلت أعمالهم  خالدة على مر السنين , ما تزال تقرأ و تدرس و يتناولها الباحثون في بحوثهم الأكاديمية و العلمية .

    الكتابة الروائية العربية اليوم أصبحت لا تكلف حضورا للموهبة الفطرية , لأنه ببساطة الروائي العربي اليوم لم يعد يكتب من أجل القارئ و لا لإرضاء رغبة جامحة تدعوه للكتابة  عن موضوع ما  .

     الروائي العربي اليوم يكتب تحت الطلب و السوق هو الذي يتحكم في نوعية الإنتاج الإبداعي , فالناشر لا يمكنه أن يجازف في طبع نص  روائي لا يحقق له مردودا ماديا يعوض له التكاليف التي أنفقها من أجل طبع ذلك النص و إخراجه في صورة مكتملة ( ورق , طباعة , نقل ..)

    لماذا يكتب الروائي العربي اليوم ؟ و لمن يكتب إذن  ؟

    الكاتب الذي لايمارس حريته في الكتابة , و يكتب لرغبة تنازعه فيفجر شلال الإبداع, ليغرق  القارئ سيلا جارفا يروي ظمأه المعرفي ليس بكاتب.

    المؤسسات الثقافية  اليوم هي المسؤولة عن الفساد الثقافي في الوطن العربي , فقد أعلنت عن موت الإبداع حين قررت صناعة الوهم بترويجها للتفاهات لتصنع أدباء مزيفين يحسبون على الأدب  .و جعلت منهم نجوما يتهافتون  على إكرامياتها  . في حين يهمش من هم أولى بالتقدير و التكريم من الأدباء الذين كرسوا أقلامهم لخدمة الأدب , و إن كانوا لا تعنيهم صكوك الغفران التي تشبه البالونات التي  يحتمل تفجيرها من أول هبة ريح  .

    الروائي العربي اليوم, أصبح عبارة عن آلة تتحكم فيه قوى ضاغطة لا علاقة لها بالفن ولا  بالإبداع , ولا تقيم وزنا لذوق المتلقي .

    صوت المادة يعلو على صوت الأدب .و المبدع أصبح للأسف  يكتب لضرورة مادية لاغير.   

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الكتابة الروائية العربية تحت الطلب :بقلم الكاتبة الجزائرية / خديجة مسروق Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top