لماذا يكتب الروائي العربي اليوم؟ لدافع إبداعي أم لدافع مادي ؟
كانت الرواية في
بداية عهودها في الوطن العربي تكتب عن موهبة فطرية تنشأ مع الأديب , و دون وسائل
ترويجية ( الجرائد , التلفزيون , الفايسبوك ...) تصل القارئ الموجود في أقصى نقطة
من الوطن العربي .
يفجر الروائي طاقته الإبداعية الكامنة بداخله, فيهتز له
عرش الأدب إجلالا لروحه المعطاءة , يقوم
بوصف ما يستفزه من ظواهر موجودة في
المجتمع الإنساني , بصورة فنية تجذب
القارئ فيشعرهذا الأخير بمتعة القراءة و
لذة النص , و يبقى شوقه لإعادة قراءة ذلك النص
مرات ومرات .و لا ضير أن يصقل المبدع المبتدئ موهبته بالدربة و القراءة المستمرة, و الإطلاع على أمهات الكتب و المراجع الأدبية
التراثية العربية و أيضا العالمية . من
أجل أن يحقق الإنتاج الأدبي العربي أعلى درجات الجودة الفنية.
لقد كان الروائي العربي قديما هدفه الوحيد من الكتابة هو
الكتابة نفسها و لا شيء غير ذلك . فنجيب محفوظ و طه حسين و سهيل ادريس و غيرهم
كانوا ينزلون بعدساتهم الفنية إلى الواقع
لرصد الحدث .و إعادة تصويره للقارئ بجمالية خاصة , جعلت أعمالهم خالدة على مر السنين , ما تزال تقرأ و تدرس و
يتناولها الباحثون في بحوثهم الأكاديمية و العلمية .
الكتابة الروائية العربية اليوم أصبحت لا تكلف حضورا
للموهبة الفطرية , لأنه ببساطة الروائي العربي اليوم لم يعد يكتب من أجل القارئ و
لا لإرضاء رغبة جامحة تدعوه للكتابة عن
موضوع ما .
الروائي العربي اليوم يكتب
تحت الطلب و السوق هو الذي يتحكم في نوعية الإنتاج الإبداعي , فالناشر لا يمكنه أن
يجازف في طبع نص روائي لا يحقق له مردودا
ماديا يعوض له التكاليف التي أنفقها من أجل طبع ذلك النص و إخراجه في صورة مكتملة
( ورق , طباعة , نقل ..)
لماذا يكتب الروائي العربي اليوم ؟ و لمن يكتب إذن ؟
الكاتب الذي لايمارس حريته في الكتابة , و يكتب لرغبة
تنازعه فيفجر شلال الإبداع, ليغرق القارئ
سيلا جارفا يروي ظمأه المعرفي ليس بكاتب.
المؤسسات الثقافية
اليوم هي المسؤولة عن الفساد الثقافي في الوطن العربي , فقد أعلنت عن موت
الإبداع حين قررت صناعة الوهم بترويجها للتفاهات لتصنع أدباء مزيفين يحسبون على
الأدب .و جعلت منهم نجوما يتهافتون على إكرامياتها . في حين يهمش من هم أولى بالتقدير و التكريم
من الأدباء الذين كرسوا أقلامهم لخدمة الأدب , و إن كانوا لا تعنيهم صكوك الغفران
التي تشبه البالونات التي يحتمل تفجيرها
من أول هبة ريح .
الروائي العربي اليوم, أصبح عبارة عن آلة تتحكم فيه قوى
ضاغطة لا علاقة لها بالفن ولا بالإبداع ,
ولا تقيم وزنا لذوق المتلقي .
صوت المادة يعلو على صوت الأدب .و المبدع أصبح
للأسف يكتب لضرورة مادية لاغير.
0 comments:
إرسال تعليق