• اخر الاخبار

    الاثنين، 18 سبتمبر 2023

    بلال العثماني يكتب عن : الأمة المغربية أمة قوية بدينها وعاداتها وتقاليدها

     

     

     


    لقد كشف الزلزال عن حقيقة يجهلها الكثير ويماري فيها، فكم من دولة أنشئت في القرون والعقود الأخيرة، وخصوصا بعد الحربين العالميتين، لاعتبارات عدة، منها السياسي، ومنها الجيوسياسي،ومنها الديني والحضاري والثقافي، فرأينا دولا، هي على التحقيق، تجمعات تحقق فيها الشرط القانوني لكيان الدولة؛ وهو أرض وشعب. ولكن افتقد الكثير منها لعناصر أخرى هي الضامنة لقوة الدولة واستمراريتها وقابليتها للاستمرار ...

     فقد افتقدت للتاريخ وللهوية والشخصية، فتجدها تصارع وتناور بشتى الطرق، المشروعة وغير المشروعة، لأجل أن تخلق لنفسها تاريخا، تجمع أحداثه من هنا وهناك، وترقع لها هوية وشخصية تسترق ملامحها من هاته ومن تلك، لشعورها العميق أنها "لقيطة تاريخية" بدون تاريخ ولا هوية ولا شخصية، ضعيفة حتى وإن كانت من أغنى الدول؛ لأنها تؤمن أنها سائرة يوما إلى الاضمحلال والفناء.

     وكم من الدول لها مقومات الدولة كاملة: تاريخ وشعب وتراث، وقد تجدها تفتقد إلى شيء أهم من كل ذلك، هو تاج الشروط، بل هو الشرط الذهبي الذي يُكسب الدولة قوة ومناعة وضمانة للاستمرار مهما كانت الظروف، حتى إن قامت الحروب وتغيرت الجغرافيات وطرأ من الأحداث ما طرأ، فتجدها صامدة منتصبة القامة، حتى وإن أثخنتهاَ الجروح، فما تزيدها إلى قوة وصلابة وتماسكا؛ وليس هذا بالقول الإنشائي، ولا بالتقريض الحماسي، ولكنه الحقيقة التي شهد بها التاريخ وخبرتها الدول. الشرط الذهبي هو شرط " الأمة" .. الأمة أكبر من الدولة .. وأكبر من التاريخ.

    الأمة حقيقة وجودية غير قابلة للفناء الحضاري التاريخي .. فكيف إذا امتزجت هذه الأمة وتشربت هويتُها وشخصيتها الإسلام فانصقلت به حتى صار هو روحها والدم الذي يسري في أوصالها ..

    لقد ظهر ذلك جليلا في زلزال الحوز، لمن لا يستوعب حقيقة معنى "الأمة"، لقد وقف العالم مندهشا ذهلا مما يراه ..

     كيف اندمج أفراد شعب المغرب في لوحة جميلة بهية، وكأنه انتظم تلقائيا في قطعة فسيفساء متناسقة الألوان والجمال، أو كأنه انتظم جوقة سمفونية تترنم بسمفونية الحب والوئام والوحدة ..

    لقد ألف الناس في زمن الكوارث أن تهب الدولة للقيام بدورها الدستوري في القيام بالواجب عليها تحت رقابة المؤسسات، ولكنهم لم يألفوا أن تهبّ أمة بدينها ودولتها وشعبها وملكها وثقافتها وتقاليدها وتاريخها ووجدانها وفرحها وحزنها وشجاعتها وأملها وتحديها ..

     تلك هي الأمة المغربية .. وذلك هو معنى الأمة.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: بلال العثماني يكتب عن : الأمة المغربية أمة قوية بدينها وعاداتها وتقاليدها Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top