إذا نظرنا لمفهوم الدولة ومعناها لدى الغالبية وخاصة البسطاء لوجدنا أن المحليات هى الواجهة الأولي والحقيقية التى يرى من خلالها المواطن الدولة بمعناها الحقيقي والبسيط فهي المرآة الحقيقية التي تعكس دون نفاق رؤية المواطن للدولة ومدى رضاه أو سخطه من خلال ما يُقَدَمُ له من خدمات عَبرها ومدى جودتها بالمعايير المختلفة من سرعةالأداء والكفاءة وحسن معاملة الموظف للمواطن ومدى تفهمه لدوره في منظومة الدولة والتي يمثلها .
فإذا
نظرنا للمحليات وجدناها للأسف في معظم المحافظات والمدن والقرى بأنحاء مصرنا الحبيبة
إلا ما رحم ربي منظومة مكتملة الجوانب والأركان للفساد والبيروقراطية المتغلغلة
الجذور بدءً من قياداتها الكبرى التى تتحكم في منظومة الفساد وتضع لها الخطط
والأساليب حتى كتابة التقارير وتوزيع الهبات على المحاسيب إلى صغار الموظفين
القائمين بالتنفيذ ،
وأما عن
صور الفساد فحدث ولا حرج فهي لاتُحصىَ ولا تُعد من تعطيل لمصالح المواطنين بتعقيد
الإجراءت المُفترض وضوحها تبعا للقوانين واللوائح أو من خلال التطبيق الحرفي للنص
دون روح القوانين وعدم سماع شكوى المواطن وأنينه ناهيك عن الرشوة العلانية لتسليك
الأمور وتسييرها والغلظة والفظاظة والفظاعة في التعامل وخاصة مع البسطاء ،
وسأدلل
هنا بمثالٍ واحدٍ يحدث نهاراً جهاراً في معظم شوارع مدن المحروسة من خلال موظفي
الإشغالات بالمحليات وتحت سمع وبصر قيادات المحليات وربما يقتسمون السبوبة اليومية
حيث إحتلال الباعة الجائلين وأصحاب المحلات لكافة الشوارع دون إستثناء وتركوا
مشكورين جزءً من نهر الطريق للمشاة وباقي المركبات بعد إحتلال جزءٍ منه أيضا .
إن
منظومة المحليات كما هى منذ قرون لم يتغير
فيها سوى الواجهة وبعض المسميات والألقاب وتحديث المباني التي أُنفِقَ عليها
المليارات وتزويدها بالكثير من الأجهزة كالحواسيب والإنترنت والتكييف الذي لا يكل
ولا يمل من العمل ليل نهار وكذا إستحداث نظم قواعد إليكترونية حاكمة كل هذا لا
يمكن إنكاره من ذي عينين ،
لأنه
وللأسف الشديد كل هذه المنظومة المكلفة المرهقة والتي كانت تهدف لراحة المواطنين
وتيسير أمورهم اليومية باتت لخدمة الموظف الفاسد المرتشي والذي يمثل الروتين
الحقيقي بعينه وبصوره المتعددة حيث لم تلتفت منظومة التطوير والتحديث لخلق كوادر
جديدة غير فاسدة لتكون الواجهة الحقيقية للدولة .
إن
الأصلاح الحقيقي للمحليات إن كنا نريد الإصلاح حقاً يتمثل في حُسن إختيار قيادات
المحليات ليس من أصحاب الحظوة والرضا أو كبار الموظفين السابقين من أصحاب المعاشات
ومهما كانت مناصبهم ومواقعهم السابقة بل من أصحاب الكفاءات المؤهلين ومن لديهم
القدرة على الإبتكار ومجابهة الفساد وإقتلاعه من جذوره بلا هوادة ولا رحمة وكذا
حسن إختيار الموظفين القائمين على تقديم الخدمة وتدريبهم بحق وليس على الورق .
0 comments:
إرسال تعليق