هذه الومضة تمثل نموذجا مجسدا للقصص الرمزي بحيث يمكننا القول إن كل مفردة فيها مفتاح رمزي لقضية اجتماعية او سياسية أو حياتية بشكل عام.. وهذا النوع من الإبداع يفتح المجال النقدي إلي ما يسمي بقراءة معني المعني وهنا تتفاوت الرؤي وتتباين القراءات وهذا أكثر أنواع الإبداع عمقا وتشابكا.. فالومضة _ كما أري _ تناقش قضية البطل المنتمي شديد الانتماء علي إطلاق المعني ( ابني من أهلي) في تلميح صارخ للبطل الأسطوري صانع المستحيل الذي نبت من رحم هذه الأرض الطيبة فهو منها وينتمي إليها وينتمي كذلك لقاطنيها.. هو كذلك رغم بطولته إلا انه قربب منا يملك أحلامنا وينوء بآلامنا ( من أهلي) يعيش ما نعيشه من عبث / فساد / تأزم / معايير مختلطة ومزدوجة وغير منطقية.. يعيش تأزمنا يعيش معنا في عمق هذه ( المسرحية العبثية) ولأنه بطل فقد فاق كل من تواري عن المواجهة من أولئك الذي تملكهم الخوف فتواروا عن المشهد واكتفوا ( بادوارهم الثانوية) اكتفوا بالمشاهدة وربما البكاء لأنهم بالطبع لا يملكون شجاعة البطل... اكتفوا بالمعاناة في إشارة إلي الشعب المسكين الذي يدفع ثمن العبث ( والمتفرجون يدفعون الثمن عن طيب خاطر) اما البطل فقد قرر أن ينتفض ولا يبالي ليواجه ببأس وشدة اليأس والطغيان
أعجبني جدا في هذه الومضة اختفاء الكاتب تماما فالحكي جاء علي
لسان الحدث والبطل ظهرا صامتا بعيدا عميقا متأهبا نستطيع استنباط اعتراضه وسخطه من
بين السطور
0 comments:
إرسال تعليق