(كلما زادت ثقافة المرء زاد بؤسه وشقائه)
تعد هذه المقولة خير مايمثل
هذه الحكاية، انطوان تيشخوف(١٨٦٠_١٩٠٤)،العاشق للمسرح والادب منذ صغره،الذي كان ينفق
مدخراته لحضور المسرحيات،يشدنا في قصصه القصيرة الممتعة في هذا الجزء،،( حكاية مملة).
بطل القصة(نيقولاي ستيبانوفتش)هو
الراوي،يحمل لقب مستشار سري.هي مرتبة مرموقة لما لها من اوسمة روسية واجنبية،البطل
هنا يتأمل حياته،ناظرأ الى حياته يقول في نفسه"ابدو رجلا في الثانية والستين،اصلع
الرأس بأسنان صناعية، وعرة،وبقدر مااسمي باهر وجميل،بقدر ماانا كئيب وقبيح،لكن مازلت،كما
في السابق،القي المحاضرات بصورة لابأس بها واشد انتباه السامعين،لكني فقدت الاحساس
بالترابط،وكثيرا مااكتب غير ما اريد.اما حياتي فأعاني الارق،اما زوجتي فلاتهتم لامر
سوى صحتي،والفواتير التي علينا دفعها،هي تحاول ان تبقي حال طعامنا وشرابنا كما هو في
الايام الماضية،وترف العيش،والوضع المادي الان اختلف كثيرا،كما ان ابنته ( ليزا)،تدرس
في معهد الموسيقى.وعليه ان يوفر لها المال الكافي،دون ان يشعرها بذلك،ابنه الضابط في
( وارسو)،ذكي وشريف وراجح التفكير،ماذا لو ترك عمله والتحق بعمل يكسب منه مالا كثيرا
بدلا مني؟ هذه التسأولات والافكار ترواده في
قيامه وجلوسه.
يضجر من حياته وعمره الذي
وصل الى الستين،ينظر الى نفسه اصبح مريضا وهزيلا.
في وقت لاحق كالمعتاد
الساعة العاشرة ،يرتدي ثيابه.ويسير في نفس الطريق الذي يعرفه منذ ثلاثين عاما،يتذكر
كيف كان يراسل حبيبته،ثم يتأمل المحلات القديمة ومن سكنها حديثا .اشجار الزيزفون والاكاسيا،ويتأثر
مزاجه بذلك،يصل الى مكان عمله ويستقبله زميل له،يفتح له الابواب.ويحرص على نزع معطفه،ويخبره
عن اخبار الجامعة،حيث يصبح ( نيقولاي) على دراية بما يحدث بالجامعات الاربعة.وفي الادارة
والمكتبة،يحدثه زميله عن احاديث كثيرة عن الكادحين والحكماء،دائما لديه مايقوله،وزميله
الاخر،(بيوتر اجناتيفيش)،الذي يعد ويحضر المئات من المستحضرات،ويكتب دراسات معقولة
وترجمات متقنة،يتبادلان الزملاء الثلاثة الاحاديث المعتادة،ثم انتهاء الحصص قد يقابل
بعض الطلبة الذين يحتاجون درجات قبول في الامتحان.يفكر في شطب حياته السابقة ،وترك
عمله في الجامعة،بسبب الصعوبة التي اصبح يواجهها في الشرح،وضميره يخبره ان يترك منصبه ليتولاه شاب اخر طموح،ثم يتراجع عن قراره.
توفي احد اصدقائه وترك
له،ابنة في عمر السابعة( كاتيا)،وحوالي ستين الف روبل،واختاره وصيا على ابنته،لتعيش
في بيته حتى عمر العاشرة،حيث ارسلها لتدرس في معهد،تزوره في الصيف ايام العطلات،اعتاد
ان يأخذها الى العروض المسرحية،من حبها للمسرح،انضمت( كاتيا)،الى احدى الفرق المسرحية،ورحلت
الى مدينة( اوفا)،تمكنت من اقامة مكان لتدير من خلال عروض مسرحية ،بعد سنة على ذلك
اصيبت بفقدان الامل والاحباط من العاملين والممثلين،لتعود خائبة الى منزله،سكنت في
شقة قريبة منه،تزوره كل مدة،الى المساء حيث تحضر ابنته( ليزا) وصديقاتها،لتنصرف كاتيا
بهدوء،دون ان يكون لها مزاج لتسلم على زوجته( فاريا)،وابنته،الكراهية هو الشعور الذي
تكناه لها،بالاضافة الى اسرته هناك صديقات
ابنته وصديق ابنته، الذي ينوي خطبتها،(الكسندر)،لايعرف ماهو اصله،ولا اين يدرس،وبأية موارد يعيش،هو ايضا
لايعزف ولايغني،الاانه يعرف بعض المشاهير،يشرف
على الحفلات،يفكر (نيقولاي)،لماذا عليه ان يحتمل هذا الخطيب وكثيرا مايسخر منه،ومن
وجوده اليومي في منزله.يفكر لماذا زوجته غيرت اطباق طعامنا بعد ان اصبحت عميدا للكلية،حتى
انها استبدلت خادمتي العجوز بأخرى،لم يعد الطعام لذيذا،ولا الاحاديث ممتعة ،تغير الكثير
واصبح اكثر كلفة،حتى تصرفات ابنته ( ليزا)، تغيرت ولم تعد تهتم لامره،يتساءل ماسبب
التحول؟يجيب عن نفسه ان التحول من حياة اليسر الى الانفاق والتعرف للمشاهير اثر بهم.
طالما دفعته كاتيا ان
يهجر ابنته وزوجته،وان يهتم بصحته بدلا عنهم.في حين كان يثور غضبا منها ثم يصمت،بعد
مدة غادر الى خاركوف ،لتنشر عنه الصحف ان عميد الكلية الشهير قد سكن احد فنادقها،(
نيقولاي)،رغم كبر سنه الا انه بقي عاجزا عن
تفسير او وضع اجابات حقيقية لمعاناته وحياته المملة.رغم كل ماعرف عنه من مجد وشهرة
تخطت روسيا ،الى انه عاش مهزوما وسيموت مهزوما.
.الحكاية عبارة عن رواية صغيرة لاتتخطى السبعين صفحة،كتبها(
انطوان تيشخوف)،منذ قرابة القرنين من الزمان،مازالت تتكرر الى يومنا هذا،تروي الوجه
الحقيقي للحياة المترفة والظاهرة للعامة .والبؤس النفسي والداخلي لاصحابها،حديث النفس.معاناة
الوحدة ،المظاهر الخادعة التي تخفي خلفها اسرار واحزان،جمع الاضداد من حب وكره،الم
ومعاناة،طرح تساءلات وجودية في كون العالم اصبح سيئا ام افضل،هل يمكن معالجة حياتنا او العدول عنها.
0 comments:
إرسال تعليق