• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 6 سبتمبر 2022

    ندم .. قصة قصيرة ..بقلم الأديب : شوقي كريم حسن

     


    *حين مات،ماهود الجذاب ،زوج أمي  ،ملأت اوعية الرب بالادعية والتوسلات،من اجل منحها الخلاص من بين احضان اللين بالهدوء،الباعث على الاشمئزاز،لكنها لم تجد غير سياط لوعتها،وتوسلاتها التي لا تنتهي،يبتسم  ماهود دون ان يكترث لشيء حين يراها ترفل بتراب خيبتها،تراه بتوسل، لكنه بشيطانية مقصودة،يلوح لها بخبال ذكورتة المشتعلة،تحني رأسها الخرب،متوسلة دموعها بأن لاتنهمر،الاناث اللواتي تنهمر دموعهن عند لحظات توسل وانهيار،هن اناث من صناعة الغرور،وفورات الجسد الذي يشتعل بنيران الخيانات،تقول اللواعج التي هيمنت عليها صراعات الايام—لم نأبه لخيانات اناث من شهوة؟

    فترد الاسرة ،الراكدة— الاناث حطب مهازل الاشتهاء..كلما توغلت بهن السنوات  في هندس الوحشة،صرن اكثر استسلاما وحسرات..مثل زئبق يتحركن محاولات الامساك بما تبقى من انوثتهن الغائبة وسط ظلمة القهر!!

    تتقهرر  الخطوات الى وراء المقاصد،التي اقعدت أمي الى قاع خيبتها،مبصرة تلويحات الاكف الاتية من بعيد،كان ماهود الجذاب،  يأخذها الى صدره،بحنو غريب،يلامس مفاتن جسدها، بإتقان لاتشوبه   الارتباكات،  بحذر يدفن لهاثاته بين ثنايا عذوبته،وحين يبدأ السرير بالعويل،والاهتزاز،يقيأ الصمت مرامية،اللحظة الماكرة تسحل التوسلات  صوب استسلام مايلبث ان يفرهد بقايا الليل،يهمس ماهود الجذاب،—كلما جئت إليك اخذتني افكاري ناحية جنيات الماء وسحرهن..أنت جنية ماء ماكرة!!

    تلوي جسدها المليء بالدهشة والحبور،وبصوت غارق بالفضول تهمس—ماهود من أين تجيء بهذه الحكايات ..متى واين رأيت جنيات الماء..هل عاشرت احداهن؟!!

    يبتسم بخيلاء،ثم يضحك بعظمة سلطان،وببطء ييرسح قدميه لتلامس الأرض النازة بردا، يقف عاريا .. متأملا المسافات التي توهم  وجودها،مسافات تحتضن احلامة التي لاتهدأ، أحلام تثير دهشة المنصتين إليه،  واستغرابهم، يقول بعلو شأن وتفاخر ملكي—ما انا من ذهبت اليهن..هن اخترقن مقامي وارتمين مثل زرازير عندقدمي..أنا لا اجيد العزف على اوتار الخطيئة ولا اود العزف على نايات الاكاذيب..اتحسس جنوني  الراغب بالبلاء.اجس نبض فحولتي محاولا ترويضها..لكنهن يا امرأة وباشارة أصبع خفية يفلشن كل صنعت...اغدوا مثل كلب يلهث من دونما سبب..مالذي يحدث عند تلك اللحظة المتوحشة،لا ادري..الذي ادريه ..انهن يحملن جسدي الميت ليلجن سورات الماء المتصاعدة، متبوعات بضحك ماجن، وطبول مدوية...المدن التي رأيتها لاتشبه المدن التي أعرف..مدن تشع بأضوية  ذهبية،تختفي لبرهة وقت،وتضيء ثانية،تجلسني اكبرهن جاها وسلطانا  بالقرب منها،احاول الفرار،دون وجل،لكن الاكف الفضية تمسد جواد اضطرابي وخيبتي،تقول أمرة.—ماهود انزع جلد اوهامك ..خلاصك صعب..ووجودك بهجة تحلم بها!!

    —أود العودة الى حيث كنت؟

    تجلجل  ضحكات  جنيات الماء،فيرتج المكان اللدن مثل جسد انثى، وتتعالى صرخات الاستحسان..الوجود كله يثير ريبتي،ولكن خلاصي كان مستحيلا..الاكف الغارقة بالجمال تصيبني بسهام القبول،ورريدا تأخذني السلطانة الى دفء جسدها المانح للقبول،تندلق  عند قدمي،الوان من المياه التي لم ار مثلها من قبل،مياة ملونة،ناولتني السلطانة،بحركة رشيقة ،أول كأس، وامرتني أن لابقي منه شيئا،بأصابع  خدرة تحسست  برودة الماء الابيض مثل حليب،وشممته محاولا التأكد من وجوده فعلا!!

    عند هذه اللحظة الملغومة بالمخاوف،صرخت الزوجة المدجنة بالخوف—لا ماهود لاتشرب..!!

    لكن ماهود سحب البياض الى فمه،متمطقا،  ولغتة تعالى التصفيق، جنيات الماء ،يعرفن طرق ماكرة لترويض ،واحد مثلي...!!

     صرخت الزوجة، التي هي أمي..

    —خنتني ماهود..جسدك مدنس وملعون؟!!

    —وما كان ذنبي.. من يعصي امرا لجنيات الماء..وكيف يمكن لواحد مثلي البحث عن درب يعيده الى مايريد؟!!

    —ملعون من يترك انثاه ليهيم في دورب الغربة التي لا تمنحه سوى لذة من وهم!!

    —وما كان ذنبي يا أمراة...!!

    —رأسك المشحون بالخراب رماك الى الوهم!!

    عند اشتداد المحنة،اقتعد ماهود الجذاب الارض، مهيلا التراب على رأسه المليء بكدرة الماء،كانت زرجته التي هي أمي،تبصره يموت ببطء شديد،وثمة نواح خفي يحف به!!

    مات ماهود الجذاب،فشعر الناس بخيبة الأمل،والحزن،كان يشعل أعمارهم،بجذاذات من الفحولة،والدروب التي لايعرفون لها سبيلا،وحده يمنحهم الرضا، والمودة،والضحكات ،  كنت ابصر إليه بحب،متوسلا الرب،أن يمنحني بعض مما علمه،وحباه به،قبل موته المفاجيء بأيام،أشار الي،مبتسما،وكأنه قرأ ما يجول بخاطري، قال

    —امنحك سري واياك منحه لاحد...!!

    —لا احتفظ به مثلما أنت؟

    —كن أبن الاوهام..وإياك الاقتراب من الحقيقة!!

    —سأكون!!

    —لا ترسم ليلك بوضوح!!

    —نعم..!!

    —كل ما تفوه به..جعله ربيب أيامك!!

    —نعم!!

    مات ماهود الجذاب،وحين تشيعه،صرخت مناديا— تعالوا املأ ليلكم بحكايات تلهيكم عن وجع الايام!!

    التفت الجمع ناحيتي، وبهدوء وجدت التابوت يسير لوحده،وثمة الكثير من جنيات الأمكنة البعيدة،يتوسلن رضاي.!!

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: ندم .. قصة قصيرة ..بقلم الأديب : شوقي كريم حسن Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top