• اخر الاخبار

    الأربعاء، 3 أغسطس 2022

    قصة قصيرة بعنوان ..نزهة ..بقلم : محمد على إبراهيم الجبير

     


    علي الطريق المعبد المحاذي للنهر يقضي حبيب أوقاته ماشياً على قدميه ، لعله يعوض عن اتعابه التي يمر بها كل يوم ، ويريح اعصابه..

    وحدث في أحد الايام عندما كان يمشي كعادته في ذلك الشارع ، سمع أنينا في فرع قليل الضياء ،إندفع بدون شعور ، وبدون تفكيربذلك الفرع المظلم ، وعند وصوله لمصدر الصوت ، تبين له

    أن رجلاً كان مصاباً وملقى على وجهه ..          

    سارع الى مساعدته ، لاحظ أن الرجل في الخمسين من عمره عثرَ  بحديد ملقى في الطريق ادى الى كسر ساقه ..

    كان عاجزُ على النهوض ،فساعده حبيب على تعديل وضعه ، ومد رجله امامه ، وبدأ يسأله عن اسمه وعنوان سكنه ،لأمكان نقله الى داره او إلى المستشفى ..

    اعلمه الرجل انه بباب داره ! وأن الحديد الذي عثر بها  وضعت بطريقه عمداً !

    سأله حبيب هل تعرف الشخص الذي وضعه ؟

    -نعم

    -من؟

    -زوجتي الثانية !

    -زوجتك الثانية ؟؟

    - نعم زوجتي الثانية ؛؛

    -ماهو السبب ؟

    -وضعت الحديد في طريقي لكي لا أذهب الى زوجتي الاولى أم اولادي ..

    قام حبيب بتأجيرسيارة وأوصله الى أقرب مركز صحي وتم

    تجبير كسرساقه ، وبعد الانتهاء من معالجته ، وبدلا من ايصاله الى بيته ، اصطحبه حبيب الى داره التي يسكنها لوحده ،استمر حبيب برعاية الرجل الكبير المكسور وتهوين الامر عليه ، طلب منه أن يقص عليه كيفية زواجه الاول وزواجه الثاني ،وعن الاسباب التي دفعت زوجته الثانية بوضع الحديد بطريقه وكسر ساقه ، وربما يموت من أثر الصدمة وهي لاتبالي !

    قال الرجل لحبيب : على الرحب والسعة وبما أنك قدمت لي  المساعدة وانت لاتعرفني لأنك شهم وطيب ، سأقص عليك قصتي

    -كنت  أنا وأخوتي الصغارنعيش مع امي وابي الذي تزوج امي  بالرغم من ضعف حالته المادية كما قالت لنا امي،بحيث لم يستطيع أن يجهز لها جهاز العرس الا من اشياء بسيطة ..

    ورغم عسر حالته  الماليةالا أنه قام بمعيشتنا على أحسن حال وربانا على عزة النفس والاباء ، وغمرنا بعطفه وحنانه ، وتعلمنا منه الرحمة والشفقة والايمان ، والاعتماد على النفس وزرع في نفوسنا القناعة ، ولم نشعر في اي يوم من الايام بان حالة والدي المالية ضعيفة رغم ان عدد افراد عائلتنا (خمسة ثلاثة اولاد  انا كبيرهم وامي وابي) ، كان والدي يحترم والدتي ويقدرها لرجاحة عقلها وحسن تدبيرها المنزلي  وكانت تساعده على تربيتنا وتأمرنا بطاعته وتنفيذ اوامره ، فكانت السند القوي له حيث تقوم باعداد الطعام والخبز،واعمال البيت كافة ..

    واستمرت حياتنا ونحن نشعر في السعادة ولا ينقصنا شيء..

    تغيرت حياتنا عندما تمرضت والدتنا الحنونه واصبحت طريحة الفراش بمرض عضال استمر طويلا، نحن نقوم بخدمتها ورعايتها ولكن الجهد الاكبر يقع على عاتق والدنا ، كنا نذهب الى المدارس ويبقى وحده معها ، ويتأخر عن عمله ، وبذلك زادت همومه واتعابه، لايستطيع أن يترك والدتنا لوحدها ولايستطيع ان يترك عمله مصدر رزقه الوحيد الذي يكسب منه المال لاجل معيشتنا ،اقترحنا عليه ان يتزوج ، لعل الزوجة تعين والدتنا على مرضها وتقوم باعمال البيت المتنوعه ..

    رفض الوالد الفكرة بشده ، وقال : انتم صغارلاتعرفون معاملة زوجة الاب القاسية معكم ، ولا مع والدتكم  ، و انها لا ترعاكم  ولاتعاون والدتكم المريضة ، وزوجة الاب لاتحب اولاد زوجها من امرأة اخرى ابداً ، وانا أعرّف منكم بهذه الامور..

    ومرت الايام والشهور ولاقينا الامرين في معيشتنا واصبحت حياتنا صعبة جداً بسبب مرض والدتنا وعدم استطاعتها القيام باعمال وواجبات البيت بل هي بحاجة ماسة لمن يخدمها ، ورغم خدماتنا لها الا ان خدمتنا غير كافية لها ، ونحن نتألم على والدنا عندما نراه متعب بخدمتنا وخدمة والدتنا المريضة ، واعمال البيت ، بالاضافة الى مشقة عمله اليومي ..

    تدهورة حالة والدتنا الصحية ، بعد فترة انتقلت الى رحمة الله ..عاودنا طرح فكرة الزواج على والدنا، انزعج منا ورفض رفضاً باتاً وطلب منا عدم مفاتحته مرةً أخرى وطلب منا الاهتمام بدروسنا فقط ، وعدم التفكير بأي شيء سوى مستقبلنا،اكملنا دراستنا وحصل كل منا على وظيفة محترمة وتحسنت احوالنا المالية، وعادت الينا السعادة  بفضل والدنا الذي لم يتزوج وتحمل كل المتاعب من اجلنا ..

    وكم كنا نتمنى بان والدتنا بيننا  ،لترى السعادة والخير الذي أصابنا ولتكتمل فرحتنا ولكنها مشيئة الله ..

    ومضت الايام والشهور تعرض والدي الى مرض انتقل بسببه الى رحمة الله .. تزوجت أنا وتزوج اخوتي ، وافترقنا كل واحد منا في مدينة ، بعد ان كنا في بيت واحد ، نتزاور نحن الاخوة  بين فترة واخرى وفي المناسبات الدينية والاجتماعية وفي كل سنة مرة او اكثر ..كانت زوجتي  من عائلة معروفة  بالطيب والاخلاق العالية  وهي تتمتع بخلق رفيع وطيبة الى ابعد الحدود ، رزقت منها (خمسة أطفال ) ثلاثة اولاد وبنتين ..

    كانت حياتنا كلها سعادة تامة لاينقصنا شيء، شاءت ارادة الله سبحانه وتعالى أن تمرض زوجتي كمرض والدتي رحمها الله ،  واصبحت طريحة الفراش وتحولت حياتنا من السعادة والهناء الى

    التعاسة  والشقاء وامورنا في البيت باتت صعبة جداً..

    فقلت في نفسي ان والدي رحمه الله  رفض الزواج من زوجة ثانية ولاقينا ما لاقينا من الامورالصعبة ، وفقدنا الحنان بعد موتها واصبحت حياتنا جحيم دون امرأة في البيت ..

    فقررت الزواج من أمرأة  أخرى عائلتها معروفة بالطيب  والسمعة الحسنة ، كنت على قناعة تامة انها سوف تقوم بخدمة زوجتي المريضة وترعى اولادي والقيام باعمال البيت ،  وستكون ربة للبيت  وراعية له واماً  حنوناً لاولادي  ؛ وكان هذا ظني ،وفعلا تزوجت من هذه المرأة  التي وقع اختياري عليها ..

    وتبين لي  فشل افكاري من الشهر الاول لزواجنا ، حيث لمست منها القسوة والتعامل السيىء مع زوجتي المريضة  ومع اولادي واعلنت  صراحة انها لاتطيق العيش معهم ، وطلبت ان تسكن في دار لوحدها ، ونظراً لتكرار المشاكل يومياً ، وبعد أن عرفت بأنها حامل وافقت على طلبها،  وقمت بايجار دارلها قريبة من دارنا ، وبدلا من الاستفادة منها اصبحت ثقلاً جديداً عليّ وزادت همومي ، وتوجب عليّ ان اوفر لها لوازم البيت اليومية من اكل وشرب وغيرذلك ، كما اوفر الى اولادي وزوجتي ؛ صبرت عليها عسى ان تتغير اخلاقها وسلوكها ،الا انها تعالت و تجبرت عندما ولد لي طفلاً ،وتمادت الى أن سمحت لنفسها في احد الايام : أن تشترط عليّ بأن لاأزور زوجتي المريضة ، ولا ارى اولادي افهمتها بانني تزوجتها من اجل خدمة زوجتي المريضة والى رعاية اولادي ؛ وتكون لهم اماً حنونًاً ، ولتحل محل زوجتي المريضة ؛ و قلت لها:- لايمكن ان اترك اولادي او رعاية زوجي 

    وحاولتُ اصلاحها بالمعروف ، والبقاء عليها لاجل ولدها  ولكن دون جدوى ؛ ولم يمر يوم علينا دون مشاكل...

    وفي احد الايام وانا اريد ان اذهب الى اولادي ، قالت لي بوقاحة :اذا ذهبت لهم اكسر رجلك !

    ولم اهتم لكلامها ، ولم يخطر على بالي أنها سوف تقوم بعمل يؤذيني واعتقدت انها غير جادة في تهديدها ؛

    وفي ذلك اليوم الذي وجدتني يا اخي حبيب  وساقي مكسور؛

    عرفت انها هي التي وضعت الحديد في طريقي دون علمي وعند مروري عثرت رجلي بذلك الحديد ، مما أدى الى كسرساقي كما رأيتنى ساقطاً على وجهي لا أستطيع الحراك ولولاك لبقيت الى الصباح ولا احد يعلم بي ؛قال حبيب : والان ماهو قرارك  ياحسن؟ عرف اسمه من خلال تبادل الحديث معه..

    -أن قراري  الصحيح أن  أعود الى فكرة ابي رحمه الله الصحيحة والبقاءعلى زوجة واحدة صالحة  ولو كانت مريضة ..

    وعلى كل شخص له ظروف مثل ظروفنا ماعليه إلا الصبرعلى مايصيبه  ، وأن يعالج اموره بنفسه ، ولايفكر بالزواج أبداً من  زوجة اخرى مادام عنده اولاد وزوجة ،وكان ابي على صواب عندما رفض الزواج من اخرى لعلمه بان زوجة الاب لاتحب اولاد زوجها وتبغض الزوجته الاولى  بدون اي سبب؛؛

     وهذه المرأة الشريرة سوف اطلقها، واوصي اولادي ان لايقع احد منهم في هذا الخطأ الفضيع  مستقبلاً..

    لأن الزواج الثاني مع وجود الزوجة والاولاد يعقد الامور لا يحلها وشكر حسن صديقه حبيب  الانسان الغيور والطيب  كثيراًعلى مساعدته ، ونقله الى المستشفى وعلاجه واصبح من اعز اصدقاءه..

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان ..نزهة ..بقلم : محمد على إبراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top