في احدى ليالي الشتاء البارد ة،لم تستطيع سعاد النوم من شدة البرد رغم انها ملتحفة بغطاء ثقيل ،لايسمح لها بالحركة بسهولة .
شعرت في تلك اللحظة
بحاجتها الماسة الى وجود رجل يشاركها الفراش ، ولم تشعر في اي يوم من الايام بمثل هذا
الشعور ؛ ولكنها شعرت به هذا اليوم بعد فوات الاوان ؛؛
أن الذي اثار رغبتها بضرورة وجود رجل يشاركها الفراش
، هي تلك القصص التي كانت تسمعها سابقاً من زميلاتها المتزوجات في الدائرة والتي تذكرتها
في هذه الليلة الباردة فقط ..
كانت سعاد فتاة
جميلة جدا ، وتتمتع بسمعة طيبة ،اخلاقها وسيرتها
على كل لسان ،كثير
من خيرة الشباب ومن عوائل معروفة ، تقدموا لخطبتها، الا انها كانت لاتوافق على أحد
لانها مغرورة بجمالها ورشاقتها؛
سعاد لاتنسى كيف كان بعض زملائها من الطلبه في الكلية
التي درست فيها ، يستلطفونها ويحاولون التقرب
منها ، وهي تصدهم ، حتى ولو كان في نفسها رضاً
وميلاً لأحدهم الا ان الغرور يمنعها من بيان ذلك لاي واحد منهم ، وكم شاب تقدم لها
، وهي لم توافق بحجة انه ليس من مستواها ، او انه من عائلة فقيرة ، او انه غير وسيم
، او انه ثقيل على روحها ، واستمرت على ذلك الى ان اكملت دراستها ، وتم تعينها في وظيفة
في دائرة اغلب موظفيها من البنات ، تشعر انها اجملهن ، وهذا ماتسمعه منهن ،وهذا مما
زاد في غرورها ؛ تقدم لها شباب بمختلف الاعمار
خلال مدة الوظيفة وهي ترفضهم أيضاً ولم تنتبه في اي يوم
من الايام ، لزواج زميلاتها في العمل ، الواحدة تلو الاخرى ، وكانت تستمع الى
قصصهن مع ازواجهن في الايام الاولى من الزواج ،
وقصص عن سعادتهن في الزواج ، وعن امور
كثيرةعن فرحهن وسعادتهن وعن كل شيء من خصوصياتهن
مع ازواجهن ، وبدأت تسمع بان فلانه ، حامل والاخرى جاءها ولد ، والاخرى جاءتها بنت ، وهي شامخة بجمالها وصامدة
لاترضى على احد من المتقدمين لخطبتها ، وتقدمت في الوظيفة واصبحت رئيسة للقسم براتب كبير ، توفر اغلبه في حسابها مع البنك ؛؛
والباقي من راتبها تصرفه لشراء مختلف انواع
الاكل من السوق او تعده في البيت لتأكله مع
زميلاتها في الدائرة ، وادى هذا الاكل على ذهاب رشاقتها والى زيادة وزنها ،ومع ذلك
كانت تحسب نفسها صغيرة وتنتظر من يخطبها ؟
سعاد البنت الاكبر لوالدها ، وأن والدها يتمنى ان
تتزوج حتى تتزوج باقي بناته ،ولكن بموقف سعاد
ورفضها الزواج ، اصبحت معلومة عند كل الشباب ، بأنهن لايوافقن على الزواج حالهن حال
سعاد ، ولهذا لم يتقدم احد لخطبتهن وكل ذلك
بسبب غرور سعاد ؛ كان والدها متكفل بالمعيشة
ولايكلف ولد او بنت باي مصروف للبيت ، وبالذات
لايكلف سعاد بالمساهمة في مصروف البيت ؛ومرت الايام والسنين وبان على سعاد الكبر، وترهل
جسمها وانقطع عنها الخُطاب من الشباب لبلوغها سن الاربعين واكثر ، واخذ يتقدم لها الرجال
كبار السن فقط ، هذا متوفية زوجته وعند اولاد ، وذاك مطلق زوجته وتركت بناتها عليه
، وامثال هذه الحالات ،
كيف توافق على
هؤلاء وكانت ترفض خيرة الشباب ؛وكان والدها لم يفرض عليها اي شيء وترك امر الزواج لها
، والنتيجة اصبحت بعيدة جدا عن الزواج وهي في هذا العمر ، ولايوجود رجل لديه الرغبة
لزواجها لكبر سنها وبدانتها .. كانت عائلة موسى كبيرة متكونة من ست بنات وولدين ، تعرضت
اثنان من بناته
الى مرض لم يمهلهما
طويلاً فانتقلتا الى رحمة الله ، وبقي له اربعة بنات..اما الاولاد فأنهم تزوجوا وسكنوا
بعيدا عن والدهم ..
ابن خالة سعاد
شاب متعلم تقدم وخطب البنت الصغيرة سميرة شقيقة سعاد يسكن في محافظة اخرى ،والفضل في
هذا الزواج يعود الى جهود والدة سميرة ،وانتقلت معه الى محافظته ؛ولم يبقى سوى ثلاثة
بنات،سعاد اكبرهن واصبحت مسؤولة عن اخواتها باعتبارها الكبيرة ، بالبيت بعد وفاة والدها
ووالدتها ..
بدأت سعاد تشعر
بالضعف ، بعد بلوغها الخامسة والستون من عمرها ، وقد احيلت على التقاعد قبل عدة سنوات
؛شعرت بالندم لعدم زواجها في شبابها ، واخذت تحدث نفسها، لو كانت متزوجة في بداية عمرها لكان اولادها الان هم من الرجال تعتمد عليهم في
هذه الحياة الصعبة ، وكان رفضها الخاطيء للزواج في بداية عمرها وعز شبابها وجمالها ، حرمها من السعادة
و من الاولاد ومن الزوج الصالح الذي تمنته في تلك الليلة الباردة والتي عرفت فيها أن الزوج يضيف للحياة نكهة خاصة وان موضوع الزواج
هو النظام الالهي الذي منحه الله سبحانه وتعالى للبشرلتظيم حياتهم وجعله شركة مباركة بين الرجل والمرأة ، تنتج الاولاد
والبنات والعيش معهم بسعادة تامة وندمت غاية
الندم على
على غرورها ،الذي
حرمها من الزواج المبكر ،ولم ينفعها الندم وقالت : المغرور من غرته الدنيا وهو من الخاسرين ..
0 comments:
إرسال تعليق