• اخر الاخبار

    الأربعاء، 1 مايو 2019

    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : ظاهرة عسل الحب المر (1/3)

    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : ظاهرة عسل الحب المر (1/3)

    منذ نيف من الشهور لم اكتب مقالاً واحداً ؛واكتفيت بعملى المهنى كمحرر أخبار أو محقق صحفي أو محاور ،ولكن سألنى متابعى جريدتنا وموقعنا الغراء "الزمان المصرى" عن السبب فى عدم كتابة مقالات ؟!
    فكان ردى أن المناخ فى بلاط صاحبة الجلالة لا يسمح  بالإبداع !!فكان الأدب وخاصة الشعر النثرى بديلاً.

    وأمام إصرارهم على مواصلة الكتابة والعدول عن قرارى ؛آثرت العودة مرة أخرى ..وكم أنا سعيد بأن هناك من يتابع كتاباتى "سواء المتفق والمختلف معى" ؛فقمة سرور الكاتب أن يحظى باهتمام قرائه .

    واليوم اكتب عن ظاهرة جديدة أراها رأى العين ؛ولا أجد تفسيراً لها ؛وكلما اجتهدت فى تفسيرها أجد نفسى أمام تفسير خاطىء ؛وعندما عرضتها على صديقى الدكتور صلاح هارون أستاذ علم نفسى ؛ففسرها حسب رؤية علم النفس ؛ولكنى لم أقتنع بتفسيرها ..والظاهرة هى "عسل الحب المر..!!"

      ربما تستعجب من تلك الجملة المتناقضة "عسل الحب المر" ؛ولكنها كما كتبت ىنفاً موجودة بالفعل ؛ولنعود إلى "الحب" نفسه ، فعندما نسمعها يذهب بينا إلى "الحب بين فتى وفتاة" او انسان وآخر" وفى كلتا الحالتين أعنيهما ؛ولكن ما يعنينى اكثر "الثانية" "الحب بين انسان وآخر" .

        فما إن نطلق كلمة "حب " حتى يرتجف القلب ويستقيل العقل، وينسحب العلمي والواقعي لمصلحة الخيالي والرومانسي، مما يصعب المعالجة الهادئة لهذه العاطفة الجياشة التي تسقي جفاف حياتنا رشحا، وتزرع دروبنا وردا، وتشبع جوعنا للتوحد مع الآخر وفيه.
            ومن جهة أخرى لا يجوز أن يترك الحب في صحراء الثقافة الاستهلاكية  تنهش من جوهره ومعانيه أحلى ما يميزه عن غيره من المشاعر والأحاسيس الوجودية، إلى درجة جعلت منه مسوقا أساسيا للسلع والمنتجات، ودلال السوق الذي يستدرجنا للشراء أكثر مما يدعونا للعطاء..وكما فى السوق كذلك فى السياسة "كرنفالات" بدعوى الحب تستدرجنا للشراء ولا تدعونا للعطاء ..باختصار ..شغل انتهازية وركوب الموجة!!

    ولكن السمة الأساسية لهذا الشعور الجميل هي التمرد، فهو رقيق بقدر ما هو متوحش، وعصي على السجان مهما كان صاحب سطوة، والواقع أنه حير العلم وتجاوز الفلسفة بعدما أنهك الأدب، ولذلك يشعر الباحث الجاد بشيء من المهابة وهو يخوض غمار البحث العقلي في مسألة تأخذ بشغاف القلب وتقاوم الحياد والموضوعية والبرودة العلمية،  ولم أجد حلا لهذه المشكلة إلا المقاربات المتعددة الجوانب التي تحاول الإحاطة بالمحيط، والإبحار مع رغبة دفينة في أن تنكسر السفينة.


    وهنا يحضرنى الحديث القدسي الذي تتجلى فيه ذات الباري تعالى حبا مطلقا ومحبة مطلقة يقول تعالى:” أنا عند المنكسرة قلوبهم.”..واعتقد أن سلفنا الصالح اكدوا ذلك بمثل وهو :"ربك عند المنكسرين جابر".وكلنا منكسرين والله!!

    واستحضر "هرم ماسلو" الشهير فى علم النفس  الذي يرتب الحاجات الإنسانية، فيأتي الحب في المرتبة الثانية بعد الحاجات الفيسولوجية، فهي بالترتيب من القاعدة إلى القمة:-

    –       الحاجة إلى الغذاء والكساء والسكن.
    –       الحاجة إلى الانتماء والحب.
    –       الحاجة إلى الاحترام والتقدير.
    • الحاجة إلى تحقيق الذات.
    وإذا كان "هرم ماسلو" أورد ذلك فالمولى سبحانه وتعالى أورده من قبله بآلاف السنون  فقال تعالى "الذى أطعمهم من جوع ومنهم من خوف" ،فالحاجة للمأكل والمشرب والمسكن والأمن " فى المرتبة الأولى ،والحاجة إلى الحب والانتماء تأتى فى المرتبة الثانية .

    ويظهر الحب عند العالم الكبير إريك فروم في كتابه “فن الحب”، الكتاب يبدأ بالحديث عن انفصال آدم وحواء عن الجنة، ثم بانفصال الولد عن أمه التي يراها رمزا لأنهار اللبن والعسل، ويتساءل فروم لماذا العسل مع اللبن؟، ويجيب أن اللبن للغذاء أما العسل فهو النظرة الإيجابية للحياة والسعادة، أو ما يمكن أن نسميه فلسفيا بفرح الوجود، وهكذا يصبح الحب عند فروم بحثا عن اتصال بعد انفصال، والجواب الصحيح عن مشكلة الوجود البشري لو أننا فهمناه بطريقة صحيحة باعتباره اهتماما بحياة الآخرين وشعورا بأننا جزء من كل، وأن نشترك في العمل من أجل سعادة البشرية…

    ويضيف أكرم زيدان في كتابه “سيكولوجية المال” ملخصا نظرية فروم… وما كانت الأمراض النفسية والعقلية والسرقة والرشوة والاختلاس والانحراف والجناح والانتحار والدعارة والإدمان وغير ذلك من الأمراض النفسية والاجتماعية إلا لأنها جميعا مظاهر متنوعة لعجز الإنسان عن الحب وعدم القدرة على تحقيق أي نوع من التآزر بين الفرد والآخرين، الذي أدى في نهاية المطاف إلى الإحساس بالقلق والغربة والضياع والعبث.
     فالحب هو الذي يحررنا من فرديتنا وهوالذي يشبع ما في نفوسنا من حاجة إلى تحطيم الوحدة والانفصال، والحب في صميمه عطاء لا أخذ، وفعل لا انفعال، ولا يملك سوى أن يفيض ويمنح ويهب، لكن عبثا يحاول العاجزون عن الحب أن يحصلوا عليه بأي ثمن.

     فاعتقدوا أنه سلعة تباع وتشترى وتسرق، فكثيرا ما يحاول العاجزون عن الحب، الفاشلون في إقامة علاقات إيجابية مع الآخرين أن يشتروا الحب بالمال، ويبدو ذلك في البغاء والصدقة والتدليل الزائد للأطفال، والعلاقة بين الجنسين، وعلاقة الزوج والزوجة.
       وحتى في السياسة والانتخابات. أما بائع الحب فهو الذي يعد بالإخلاص وتحمل المسؤوليات كافة مقابل المال، وأما سارق الحب فهو يسرق أشياء لها قيمة رمزية عنده ليعوض فقدانه للحب.
    وللحديث بقية 
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : ظاهرة عسل الحب المر (1/3) Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top