• اخر الاخبار

    الأحد، 26 مايو 2019

    حب بين جفنيك..قصيدة للشاعر العراقى الكبير عبد الإله جاسم ..تجسد واقعنا العربى المؤلم وتلعب المحبوبة دور"الرمز" ببراعة.


    حب بين جفنيك..قصيدة للشاعر العراقى الكبير عبد الإله جاسم ..تجسد واقعنا العربى المؤلم وتلعب المحبوبة دور"الرمز" ببراعة.

    كتب : حافظ الشاعر
    فاجئنا الشاعر العراقى الكبير الدكتور عبد الاله جاسم بقصيدة رائعة ؛تم نشرها على موقع "الزمان المصرى" بعناون "حب بين جفنيك" ،وعندما قرأتها لأول وهلة أخذتنى كلماتها ،وابهرنى استخدام شاعرنا للرمز فيها ؛فالدكتور الشاعر عبد الإله جاسم يجيد استخدام مفردات اللغة ،ويبرع فى تطويع الكلمات حسب مزاجه الشعورى ، وفى تلك القصيدة انفجرت شرايين مشاعره العروبية والقومية ،فطاف بنا فى جنبات وطننا العربى الكبير من المحيط للخليج ،ويرسم مأساته بفكر فنان مبدع .
    وليسمح لى وجميع قرائنا أن أطل على القصيدة وأمر عليها مرور المبهر يالشعر .
    فى البداية ..كان اختيار شاعرنا الكبير لإسم القصيدة رائع جداً؛ففى الوهلة الأولى عندما تقرأ "العنوان" ..حب بين جفنيكِ..يأخذك العنوان إلى الحبيبة والوله والحب ؛وبالتالى فهو يٌجبرك على قراءة القصيدة ؛وعندما تغوص فى أبياتها ؛ يصدمك بأن الحبيبة هى "الأمة العربية" ؛فتخونك عيناك وتذهب إلى العنوان "حب بين جفنيكِ"؛فيجيبك لبك بأن "التورية" فى العنوان كانت رائعة ؛لأنها حركت العقل وكل مكونات الرأس حتى تصل إلى النتيجة.
    ولنأتى إلى الأبيات:-
    ففى هذه الأبيات :-
    عشت حباً بين جفنيك هراء..
    رغم الجمال والفتنة الحسناء.
    وصغار قد عارضوني..
    فأعددت مكاناً للبقاء..
    ورحت ابحث عن إسم سرقوا حرفه بلا عدل وقضاء..
    ثلاثة احرف عالقة ببهاء ..
    حرف رابع مفقود من هذا العالم حرف الراء…
    الاسم ينادي أين الحرف الثاني..!!
    من دونه لا اخرج للعالم حتى لا يلفظ عني عاق..
    آسف لا ادري مَنْ سرق الحرف وباع..
    وشوه اسمي في آلاف الاسماء..
    لا اصبر حتى أخرج من فوضى الغوغاء..
    ما هذه الروعة والجمال ..والتحكم فى مرادفات اللغة ،واعمال العقل ،وكأننا فى محاضرة "كيمياء" ،وما هذا الحب الجارف لوطنه ومسقط رأسه "العراق الحبيب" .
    *ففى البيت الأول ..
    "عشت حباً بين جفنيك هراء..
    رغم الجمال والفتنة الحسناء."؛
    استخدم الرمز وهو "الأنثى" متمثلة فى معشوقته "العراق" ،وبرعت مهارة شاعرنا فى استخدام كلمة "عشت"؛التى تدل على الحياة ؛فبالرغم من روعتها وجمالها ؛إلا أنها احتضنته بين جفنيها يلهو ويلعب ؛فجمالها وطيبتها وسماحتها جعلوه لم يلحظ جمالها وفتنتها.
    *وفى باقى المقطع " ورحت ابحث عن إسم سرقوا حرفه بلا عدل وقضاء.."هنا بعد الأيام الخوالى التى قضاها فى حضرة حبها غير مبال ؛استيقظ على سرقة محبوبته من صغار ؛فانتفض واستيقظ من سباته ؛وبدا يفتش ويبحث عن سرقة حرف من حروف محبوبته .
    *وفى هذا البيت ظهر جلياً تمكن شاعرنا من "اللغويات" وانظروا معى إلى هذه البيت
    ثلاثة احرف عالقة ببهاء
    حرف رابع مفقود من هذا العالم حرف الراء…
    الاسم ينادي أين الحرف الثاني..!!
    من دونه لا اخرج للعالم حتى لا يلفظ عني عاق..
    آسف لا ادري مَنْ سرق الحرف وباع..
    وشوه اسمي في آلاف الاسماء..
    ما هذه الروعة ..لله درك دكتورنا وشاعرنا الكبير ..( ثلاثة احرف عالقة ببهاء)..ما اروعك فى هذا الشطر الثلاثة احرف "عراق" وهنا أتى بها "نكرة" ؛والعبقرية فى تنكيرها لأن من سرقها الأقزام "الصغار"
    وبعدها جاء هذا الشطر" حرف رابع مفقود من هذا العالم حرف الراء…"وهنا قام بتعريفها "العراق"؛لأنها ترك النوم بين الجفنين وبدأ يفتش عن "العراق" الفخر والإعتزاز .
    *وربط هذا الشطر (الاسم ينادي أين الحرف الثاني..!!) بالشطر القائل " ثلاثة احرف عالقة ببهاء)..فهنا اسقاط رائع لا يفعله إلا متمكن من لغته ..فالكلمة عندنا كانت "مٌنَكرة" وهى "عراق" ،فلو قمنا بحذف الحرف الثانى تصبح (عاق)؛ وهنا بنضال شعبنا العراقى أصبح عاق فى عُرف الدول الإستعمارية .
    *ويتسائل شاعرنا الكبير فى نهاية تلك الأبيات
    آسف لا ادري مَنْ سرق الحرف وباع..
    وشوه اسمي في آلاف الاسماء..؟!
    وهنا استفهام استنكارى للوضع المزرى الذى أصبحنا فيه.
    **ويستكمل رائعته:-
    امرأة تصرخ حولي..
    تردد يا عاشق هذين النهرين ..
    هل ترضى ان يهتك ستر العذراء..؟
    لا ارضى يا ابنت طارق ان تسبى بنت النعمان الوسماء الغراء..
    يا شيمة عصر زائل لا يحلو فيه عشق او حب إلا بجلاء..
    فى هذين البيتين استلهم شاعرنا الكبير "التاريخ " ،و"الجغرافيا" ،و"المعالم التاريخية" فالنهرين "دجلة والفرات" وعرج إلى تاريخنا بذكر طارق بن زياد ،وقصصنا التاريخية "النعمان بن المنذر" .
    ويستكمل الشاعر الدكتور عبد الإله جاسم رائعته :-
    أحببتك يا هذي حب ِلثلاثِ ليالٍ خنساء..
    ناهدة مصقولة العوارض والقوام..
    انت الجمال وأنت الهناء..
    أيعجبك الرقص على الهوى ..؟
    وعزف يداعب نونك والطاء..
    عارية أنت ياسلمى..
    ما زال التاريخ يطل علينا من خلال أبياته وهذا يدل على ثقافته وقراءته الجيدة لتاريخنا العربى ؛ويبرع شاعرنا فى الوصف للأنثى واستخدام مصطلحات موسيقية .
    *وفى تلك الأبيات نراه يبرع فى وصف ما نحن فيه كوطن عربى كبير ،ويتحسر على اوضاعنا ،ويستلهم "الرمز" للتعريف بكل دولة من الدول التى اصابها الإنقسام والتفكك ويتحسر على الحب الذى صار دماً والعشق الذى اصبح قتلا ودمارا وخرابا  فنراه يكتب:-

    فنان يشيد نصبا تخليدا لوفاء..
    افتحي المذياع واسمعي يا ثناء..
    كيف صار الحب دماً والضحايا ابرياء..
    والعشق قتل ودمار وخراب بين كفيَ الولاء..
    ما الذي يحدث في الجزائر .!
    ودولة المختار تنزف، والذبح قائم بصنعاء..
    *وهنا برسم لوحة سريالية للوضع الراهن ويجيد فى استخدام التشبيه الكلى ،ويبرع فى استخدام اسلوب النداء لمحبوبته .
    اقبل العيد يا ليلى والمشايخ تتوضأ بالدماء..
    تعالي نعانق بعضنا بالعيد حبا بلا دمع وبكاء..
    **ويختتم قصيدته بتمنى لمحبوبته "الرمز" ليلى" وهى "العراق" ؛ويطالبها بأن يبحثا عن الحرف المفقود ..فهل سيجده ومحبوبته؟!!
    وان عدنا بعد العيد نسأل ونغني..
    مَنْ يأتي بحرفنا المفقودحتى ترقص بالماء دجلة العنقاء..
    ومَنْ يصلح ذات البَين ويعيد السيف الى غمده….???
    ويصلي للعيد صلاة توبة الافتاء..
    ويعلن ان العرس قائم مرحا وجمالا يزف في هذا الفضاء..
    **فى النهاية بقى أن أقول ..القصيدة من روائع القصائد فى ساحتنا الثقافية العربية ؛وبينت أن الشاعر الدكتور عبد الإله جاسم يبرع فى استخدام الصورة الشعورية ،والمرادفات اللغوية ،واستخدام الرمز ،وفوقها يجيد "الصدمة" فى العنوان.
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حب بين جفنيك..قصيدة للشاعر العراقى الكبير عبد الإله جاسم ..تجسد واقعنا العربى المؤلم وتلعب المحبوبة دور"الرمز" ببراعة. Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top