أبرزت الأزمة الاقتصادية العالمية (2008 – 2011) أهمية شبكات الأمان الاجتماعي الجيدة في الحد من الفقر وعلاج مواطن الضعف. فالبلدان التي لديها برامج شبكات أمان فاعلة تستخدمها في التصدي للأزمات والكوارث، وفي المقابل فإن البلدان التي ليس لديها مثل هذه البرامج تضطر في العادة إلى الاعتماد على تدابير خاصة أقل فاعلية. مهما يكن من أمر، فإن الفجوة في توفير شبكات الأمان الاجتماعي يبلغ أقصى مداه في أشد البلدان فقرا.
إن وجود برامج للحماية الاجتماعية جيدة التخطيط والتصميم من شأنه إدخال تحسينات كبيرة على إتاحة الفرص، والمهارات الأساسية اللازمة لدخول سوق العمل، وأسباب كسب العيش أمام الناس، وهي جميعاً مكونات لا غنى عنها لتحقيق النمو المنصف والحد من الفقر. ويمكن لبرامج الحماية الاجتماعية أن تستفيد من الممارسات الجيدة المستجدة في تدعيم هذا التركيز على زيادة الفرص، مع العمل في الوقت نفسه على تشجيع قدرة الأسر على تحمل الصدمات وتجاوز آثارها.
غير أن بناء شبكات أمان جيدة يستغرق وقتا ويتطلب إرادة سياسية. والأزمات أو أوضاع ما بعد الكوارث هي أسوأ الأوقات لبناء شبكات أمان جديدة. ويحتاج إنشاء برامج فعالة ومنخفضة التكاليف إلى عملية تنقيح ونظم وقدرات للصقل والتعديل.
وأمَّا البلدان التي توجد فيها بالفعل بعض البرامج فإن التحدي يتمثَّل في التغلُّب على التفتيت ودمج البرامج الفردية المنفصلة في نُظُم وطنية مُنسَّقة.
ومن الضروري أن تتحلى شبكات الأمان بمعايير عالية للإدارة الرشيدة وتحقيق النتائج، وذلك لضمان أن تُقدِّم أكثر المساعدات فعالية لشرائح السكان التي تحتاج إلى هذه الخدمات، وحتى تحافظ في الوقت ذاته على ثقة واضعي السياسات وعموم الناس.
تقوية أنظمة شبكات الأمان تمتلك. مجموعة البنك الدولي مجموعة متنوعة من الأدوات المالية والفنية لمساعدة البلدان المتعاملة معها على تصميم أنظمة الأمان الاجتماعي وتنفيذها. وتهدف مجموعة البنك من خلال العمل مع الحكومات إلى تصميم شبكات للأمان تساير ظروف كل بلد وتجمع المزيج المناسب من التدخلات والأنظمة الإدارية الفعالة.
· تبادل المعارف. تعمل مجموعة البنك الدولي بوصفها بنك معرفة من أجل البيانات ونتائج الأبحاث وأفضل الممارسات في التصميم والتنفيذ. ويعدّ توليد هذه المعارف وتبادلها من خلال الخدمات الاستشارية والتدريب وموارد التعلّم من الأولويات.
· تشجيع السياسات المستندة إلى أدلة وشواهد. تشجع مجموعة البنك الدولي على اتخاذ القرارات المستندة إلى أدلة وشواهد مع ضخ استثمارات في الأبحاث والتعلم من خلال الرصد والتقييم والدراسات القطرية والبيانات ومجموعات الأدوات.
وخلال مراجعات الصندوق، أشاد خبرائه بمدى التقدم الذى يحققه برنامج الإصلاح الاقتصادي الذى تنفذه الحكومة المصرية في تخفيض العجز الخارجي والمالي ورفع معدلات النمو، بعد عام واحد من تنفيذه، مشيدا بتوقيت زيادة رفع أسعار الوقود وآلية التنفيذ بيد الحكومة المصرية، بالإضافة إلى السياسات التي يتبعها البنك المركزي المصري لاستهداف التضخم حيث تراجع من 33% إلى نحو 14% ومن المتوقع أن يصل إلى 13% بنهاية العام، ومدى التزام الحكومة بتعزيز الإدارة الضريبية الذى يهدف لخلق الحيز المالي المطلوب للاستثمار في الصحة والتعليم والبنية التحتية، وإقامة شبكة مستدامة للأمان الاجتماعي.
وذكر تقرير لصندوق النقد الدولي السنوي، أن البرنامج الحكومي المصري كان له دور أساسي في استقرار الأوضاع المالية، بما في ذلك انتهاء أزمة نقص العملة الأجنبية، كما زادت برامج الحماية الاجتماعية وانتعشت الاستثمارات الخاصة ومستويات النمو الاقتصادي. إتاحة شبكة أمان اجتماعي حديثة لحماية الضعفاء، أنه مع بدء مصر في تحديث اقتصادها
وتعزيز تنافسيته، سيكون من الضروري أيضا مواصلة تخفيض الدين العام إلى مستوى يمكن الاستمرار في تحمله على المدى الطويل، والتحدي القائم هو ضمان حماية شرائح المجتمع الأضعف أثناء هذه العملية،
وحماية موارد المالية العامة للإنفاق على الصحة والتعليم. أن برنامج الإصلاح مكن مصر أيضًا من حدوث تحسن ملحوظ في مؤشرات النمو التي فاقت الـ 5%، وساهم في خفض معدلات البطالة، وكذلك وضع مصر مرة أخرى على الخارطة الاستثمارية كنتيجة لارتفاع رؤوس الأموال الوافدة إليها بعد عودة ثقة مجتمع الأعمال، مشيداً في الوقت نفسه بالإصلاحات التي نفذتها الحكومة المصرية حتى الآن، والتي مكنت البنك المركزي من مواكبة الضغوطات التي تتعرض لها الأسواق العالمية وخاصة الأسواق الناشئة بشكل إيجابي.
إن تقرير صندوق النقد الدولي الأخير، أجاب عن هذا التأثير، حيث ذكر أنه من المفترض أن يتضمّن البرنامج إجراءات لحماية محدودي الدخل، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ما تستقطعه الحكومة من مخصّصات الدعم التي تسعى إلى ترشيدها تذهب إلى حماية الطبقات الفقيرة؟، مشيراً إلى أن الإجابة غير واضحة الملامح،
ما دام جزء كبير من برامج الحماية المجتمعية يتم الإنفاق عليه دون معلومات رقمية دقيقة، واصفا الخفض المستمر لدعم الوقود الذي أجرته الحكومة في الفترة الأخيرة في إطار برنامج للإصلاح الاقتصادي بأنه مغامرة نأمل أن تساهم في استقرار الاقتصاد وجذب استثمارات للقطاع الخاص، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع مستويات المعيشة.
لكي يشعر المواطن بثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي، فلابد من وجود زيادة في الدخول الحقيقية للمواطنين، بمعنى وجود معدل نمو جيد فمعدل النمو السكاني 2.5% ومعدل النمو المعلن للناتج المحلى الإجمالي هو 5.2%، فمن المفترض أن يخلق هذا زيادات في معدل الدخول، ولكننا حتى الآن لم يشعر المواطن البسيط بهذا.
تستدعى العولمة الحديثة حكما عالميا، يكفل احترام الدول ذات السيادة كل على حدة، على أن يكون مجهزا بما يمكنه من التصدي للمشاكل العالمية مثل الفقر والأمن والتلوث. ويجب أن تعمل الدول ذات السيادة على تمكين النظام المتعدد الأطراف من التغلب على ما يواجهه من تحديات كثيرة. وبالنسبة إلى المساعدة الإنمائية الرسمية، والمعونة الإنسانية، والمنافع العامة العالمية، يحتاج النظام إلى مزيد من الموارد بشكل أكبر مما توفره مصادرة التمويل التقليدية. وهناك حاجة حقيقية لأن يتم، عن طريق توافق دولي في الآراء، إيجاد موارد جديدة مستقرة وتعاقدية للتمويل المتعدد الأطراف.
ويتعين على المجتمع الدولي الإقرار بأن الصالح المشترك يقضي بتوفير موارد مستقرة وتعاقدية لهذه الأغراض. ومن الوجهة السياسية، فإن فرض الضرائب بغرض حل المشاكل العالمية سيكون أكثر صعوبة من فرض الضرائب لمجرد تحقيق أغراض داخلية.
ولكن ينبغي أن يخضع ذلك أيضا، مثله في ذلك مثل جميع القرارات السياسية التي تتخذ لصالح الجيل القادم وليس مجرد الانتخابات القادمة، لتقييم متأن قياسا على السيناريوهات البديلة، بما في ذلك البديل الخطير جدا المتمثل في استمرار الاستقطاب والاستبعاد والمواجهة وعدم الأمان في العالم. وحتى لمجرد تحقيق الصالح الذاتي، يتعين على الأطراف المعنية كافة أن تنظر دونما تحيز في توفير مصادر تمويل جديدة.
وقد نظر الفريق في كثير من الاقتراحات المقدمة بغرض إيجاد مصادر تمويل مبتكرة. ونحن نرى أن المؤتمر الدولي المعني بتمويل التنمية ومؤتمر القمة المعني بالعولمة ينبغي لهما أن يناقشا أولا ما إذا كان ينبغي للعالم أن يفرض الضرائب على الصعيد العالمي وليس على الصعيد السيادي وحده. وكخطوة تالية، ينبغي لهما، إذا ما ارتئي استصواب فرض الضرائب عالميا، الاتجاه نحو إجراء مناقشة جادة لمميزات وعيوب المصدرين التاليين: ضريبة على معاملات تبادل العملات، وضريبة على الكربون. ونحن ننصح بأن يتم، قبل الدخول في أي مناقشة سياسية، إجراء دراسة لهذين المصدرين الجديدين من مصادر التمويل الدولي تنحصر في جوانبهما الإيجابية والسلبية من الوجهة الاقتصادية والإنمائية.
إن الضريبة على معاملات تبادل العملات، أو ضريبة توبين، هي ضريبة على جميع التحويلات النقدية من عملة إلى أخرى، بما يتناسب مع حجم المعاملات.
فإنه ستكون ثمة حاجة لتوسيع نطاق صافي الضريبة ليشمل جميع المعاملات التي قد يستخدمها التجار لإجراء معاملات معادلة، وخصوصا الأسواق الآجلة والبورصات. وثالثا، يشكك المتشككون في إمكانية أن تحدث هذه الضريبة أي أثر منتظم على المضاربة.
وختاما، يشيرون إلى أن ما قد يبدو أنه معدلات ضريبة منخفضة جدا هو في واقع الأمر معدلات مرتفعة جدا بالنظر إلى اتساع نطاق عمليات الشراء والبيع، ومن ثم قد تفضي ضريبة توبين إلى خفض حجم معاملات تبادل العملات خفضا كبيرا، وما قد يصاحب ذلك من آثار لا يمكن التكهن بها على الإيرادات التي قد تحققها ضريبة من هذا القبيل.
0 comments:
إرسال تعليق