( ان الدهشة اول باعث على الفلسفة)
ارسطاطاليس
لطالما فسرت الفلسفة على مختلف العصور والازمان بأن مرتاديها هم المنفصلين عن واقع العامة ومشاكلهم.وبأنها انشغال فكري. وربما حتى بدايات القرن المنصرم بقيت هذه الصورة النمطية ساىدة بين شرائح كبيرة من الناس في مختلف الثقافات،ان ردم الهوة التي كانت بين الفلسفة وعموم المتلقين لم يتم في ليله وضحاها، بل استغرق وقتا وجهدا بذله فلاسفة كبار حاولوا محاكاة هموم الشارع في مقارباتهم امثال كارس وانطونيو غرامشي وغيرهم،تلاهم مجموعة من الباحثين والمؤرخين الذين تصدوا لهذه المهمة من خلال عملهم على اصدارات تقرب الفلسفة وتبسطها لغير ذوي الاختصاص، يعد هذا المؤلف من اهم الكتب التي طرحت في هذا الباب حيث قدم الكاتب صورة شمولية للفلسفة عبر تناوله ابسط واصغر جزيئاتها ومكوناتها,ابتداء من معنى كلمة الفلسفة وانتهاء باهم النظريات والمذاهب الفلسفية التي شاعت في اوربا.يمكن القول ان الكتاب مقسم في جزء منه الى تعريف الفلسفة بحدود اشتغالات الفلسفة ثم ايضاح الفروع التي تكونت منه, كما قدم الكاتبموجز وافي لكل فرع كما تناول عرض تاريخي لاهم مراحل تطور الفلسفة والمذاهب الفلسفية وافكار الفلاسفة، من هنا جاءت اهمية هذا الكتاب رغم قدمه.
معنى الفلسفة الذي كان شااىعا في ماضي الزمان هو انه مجموعة من الاشخاص يجهدون عقولهم في حل مسائل اقرب للخيال منها الى الحقيقة، وان جدالاتهم وخيالاتهم عقيمة لايبنى عليها .
رغم ان رفعة الانسان عن مستوى الحيوان هو فكره وقوته العقلية، الانسان الذي يتفلسف وييبحث في ماهية الاشياء واصولها وعلاقة بعضها ببعض اصبح متفلسف في اعين الاخرين. وكلمة فيلسوف اذا استعملت بدقة لاتطلق عبثا على الافراد. بل على من اظهر مرانة وبراعة في التفكير والتعليم.ويصل الى النتائج خير مما يصل اليه الاخرين.فهو في بحث وتساؤل داىم لماذا؟ ومن اين ؟والى اين؟فهو يرى العالم لغزا ويحاول جاهدا حله. ومااكثر مايجوب في عقل الانسان من افكار وتساؤلات. يحاول ان ينفذ منها الى الطبيعة واسرارها.فهو يحاول من خلال ذلك منفعة الناس ورغبة وحبا للاستطلاع. وهذه الرغبة متأصلة في الانسان ودافع قوي يقوى بنمو العقل..
اما اصل كلمة الفلسفة وتاريخها حسب ( هيرودوت)،الجد وراء التهذيب وهي اعتراف بالجهل والشوق الى المعرفة. في حين يقول ( فيثاغورس)،الحكمة لله وحده.وانما للانسان ان يجد ليعرف.وفي استطاعته ان يكون محبا للحكمة تواقا الى المعرفة باحثا عن الحقيقة.
اما مايخص موضوعات الفلسفة فهي مابعد الطبيعة.فلسفة الطبيعة.علم النفس.المنطق.علم الجمال.الاخلاق.فلسفة القانون.علم الاجتماع وفلسفة التاريخ.
ماوراء الطبيعة وتعني النظر الى هذا العالم نظرة علمية من جهتين مختلفتين احدهما النظر من حيث الشكل من خلال الحواس.والجهة الاخرى النظر في روح هذه الظواهر من غير ان نلحظ تأثيرها في الحواس.من حيث مقدار الثقة بادراكها كما يبحث ماهية الاشياء وعلة العلل.لايكتفي بالحقائق حسب الحس.
الفلسفة الطبيعية
.المعلوم ان ماتقع عليه الحواس يسترعي الانتباه اكثر من المفاهيم والمقولات والكليات. وهذه الاخيرة تأتي من تأمل ناضج وتكون من قدرة التأمل. لذا فان المباحث الفلسفية الاولى تدور حول المرئيات والاشياء التي نسميها العالم فكانت اهم مسائلها البحث عن كل المظاهر التي تقع عليها الحواس. افلاطون دون اراءه في وضع الفرق بين الطبيعيات وماوراء الطبيعة بان الطبيعة التي تتغير وماوراءها اي الثابت وضعها في كتاب ( علم الطبيعة)،
في اوربا اهمل البحث في الطبيعة في العصور الوسطى حيث سادت الكثلكة وغلب على الناس التدين الاعمى والخضوع المطلق ولم يفكروا الا في انفسهم وعلاقتها بالله بل كانوا يستخفون بهذه المباحث قل النظر فيها وجاءت البروتسيتنية وحررت العقول من اغلالها.وساعد على نهضتها استكشاف ممالك لم تكن تعرف.ثم ظهر غاليلو وكبلر وبرنو وغيروا انظارهم نحو العالم والكون . وتبين ان ذلك الكوكب الذي نعيش فيه تدور حول شمس من شموس عديدة انتثرت في الفضاء.
.
.علم النفس السيكولوجيا
.اعتقد الانسان انه ارقى مخلوق بسبب ارتقاء عقله جعله يشعر تدريجيا بوجوده وبعلمه وبحاجته الى العلم وبشعوره ورغباته وافكاره.وبان له مقدرة على ان يبدي افكاره وان يفضي بها الى غيره قيل ان سقراط استنزل الفلسفة من السماء الى الارض ونعني. به ان هذا الفيلسوف اليوناني العظيم اول من بدأ بالتفكير في الانسان ومايتعلق به وقد نسب اليه انه اول من قال( اعرف نفسك)، انما الحقيقة ان طاليس قالها من قبله.
تسمى المباحث التي تتعلق بالنفس او العقل علم النفس او سيكولوجيا من ( سيكى)، نفس و( لوجوس)، علم وهو يبحث في الانسان من الجهة الخلقية والعقلية لا من الناحية الجسمية.
علم المنطق
هو علم التفكير الصحيح وهو يبحث في القوانين والشروط الضرورية للوصول الى حكم صحيح يقبله كل مفكر عادي.فهو يبحث في كيف نفكر وكيف ينبغي ان نفكر ويحلل التفكير الصحيح ويرينا خطأ الفكر حين ينحرف عن القواعد.
علم الجمال
الفرع الاخر من علم النفس يبحث في الشعور الذي ينبعث عن الشيء الجميل والذي يستحق الاعجاب او عكسهما.وذلك من خلال الحواس يفسر المناظر وقراءة الشعر الجميل وسماعه ليحدث في نفوسنا ارتياح فالنفس ترتاح للجميل وتنشرح له الصدور اما القبيح فينشا شعور بالم ونفور.الجميل نقيض القبيح قال عنه الفيلسوف الالماني (كانت)،انه مقصد لاوسيلة.
تاريخ الفلسفة
لايصح ان يقارن تاريخ الفلسفة بغيره من تواريخ العلوم لسببين
اولهما ان مدار البحث في العلوم الاخرى محمدود،فلا تعترض صعوبات غير عادية في تتبعالرقي التاريخي.وليس كذلكالشأن في الفلسفة.فقضاياها على كثرتها متنوعة وليس موضوعها واحدا في كل العصور.
ثانيهما ان ترقية الافكار وتأسيس العقائد انما يكون على يد مفكرين ذوي شخصية وهؤلاء وان كانوا مرتبطين في افكارهم بافكار من تقدمهم..يزيدون عناصر خاصة من عندهم متأثرة بشخصياتهم وهذا في الفلسفة اهم منه في العلوم الوضعية الاخرى.من هذا نتج ان تاريخ الفلسفة ليس الاجمعا متسلسلا لكل الاراء الاساسية التي وضعها الافراد ذوو الشخصية.رؤيتهم ونظرتهم الى العالم.واحكامهم على الحياة.
يمكن ان نقسم تاريخ الفلسفة الى
الفلسفة اليونانية،والفلسفة الرومانية اليونانية،والفلسفة في القرون الوسطى،والفلسفة الحديثة.
تتجلى للانسان في فلسفة اليونان ثلاثة عصور..اولها النظر في الكون،والنظر في الانسان نفسه.والبحث المنظم.وكما يقول(فندليند)،ان علم اليونان خصص حياته الاولى وما لها من قوة شباب لدرس قضايا الطبيعة. اما العصر الثاني انتهى فيه دور البحث المنظم وابتداء الميل الى وضع الشروح المطولة وتحصيل للعلوم وسعة الاطلاع..وفي العصر الثالث كما يسمى احيانا الفلسفة النصرانية. حيث سقطت الدولة الرومانية في يد امم متبربرة وطغى سيل القوط والوندال والسويفين والالينين والسكسونين وقبائل المغول والهون. حيث الدولة بلغت حدا من الانحلال الاجتماعي والاخلاقي واصبحت لاتستطيع معه مقاومة الامم القوية امتزجت الثقافات فيما بينها لقرون طويلة واثر بعضهم ببعض وبالتالي اثر في الفلسفة السائدة. كانت الكنيسة تضطهد اداب اليونان والرومان وعلومهما وتحارب من اشتغل بها وتعارض نشر الحياة العقلية والمدنية القديمتين.وفي العصر الرابع من عصور الفلسفة عصر الفلسفة الحديثة التي تستمر الى يومنا هذا والتي يرجع سبب قيامها الى حركتين تاريخيتين.احدهما النهضة واحياء العلوم واثار اليونان والرومان في الفنون والعلوم .والثانية الاصلاح الديني ففي نحو منتصف القرن الخامس عشر ابتدأت المدنية اليونانية تؤثر في عقول الغربيين وانبعث من ايطاليا لغة اليونانيين القدماء وشعرهم وفلسفتهم.ابتدأت روح الثورة والاستقلال تظهر من ذلك الحين.الكنيسة كان لها السلطان الاكبر وكانت العقول تخضع للدين خضوعا تاما كانت النتيجة ان تحولت هذه الحركة الى التيار الديني ثانية.في السياسة زاد نمو العقل البشري يوما بعد يوم.
مايخص تاريخ الفلسفة العربية الاسلامية. فقد كان متجاهل بشكل كبير لايور للعرب في مجال الفلسفة وكأنهم لم يشتغلوا بها.اضطر ان يذكرهم عندما تحدث عن دور الاسكندرية في الفلسفة اليونانية.
قدكان انتشار الفلسفة بين العرب المسلمين في القرن الثالث والرابع والخامس للهجرة سببا في حركة جديدة هي علماء الكلام ، وظهر امثال ابو الحسن الاشعري. وامام الحرمين والباقلاني والغزالي ثم ظهر فلاسفة الاندلس والمغرب الذين كانوا اكثر من فلاسفة الشرق وكان بينهم اختلاف في العقائد والمذاهب.كذلك ظهر الفارابي و وكتبه ورسائل اخوان الصفا وطب ابن سينا
مسائل علم الاخلاق
من هذه المسائل اصل شعورنا الاخلاقي،والباعث الباطني الذي يحملنا على اطاعة مايمليه علينا شعوره الاخلاقي والذي يشكل سلوكنا بشكل خاص، والمقاصد والاغراض والنتيجة الاخيرة التي نحاول ان نصل اليها باعمالنا الاخلاقية،والمقياس الذي به نقيس اعمالنا فنحكم عليها بانها خير او شر.ومسألة اصل الشعور الاخلاقي وكيف يدرك الانسان الخير والشر والحق والباطل ويميز بينهما.احدى الفرق الفلسفية تقول انها تعتمد على التجربة وتنمو بتقدم الزمان وترقي الفكر اي ليس بالغريزة انما نتيجة التجربة ويسمى هؤلاء لالمذهب التجربة واشهر من ذلك تسميته نظرية النشوء والارتقاء وقد اسس المذهب الذي وضعه( دارون) القائلة بان الاجسام الحية نشأت من اجسام حية سافلة وعقل الانسان نشأ وترقى من ابسط نوع من الادراك ،طبق الفلاسفة ماقاله دارون وطبقوا عليها قانون علم الاخلاق.
قال اهل هذا المذهب ان الجسم العضوي نتيجة الوراثة ونتيجة عملية انتخاب ورفض دامت مدة من العصور.
نظرية المعرفة
انها نظرية الكون والمعرفة
علم ماوراء الطبيعة يبحث في حقيقة الكون واصله وحقيقة الاشياء ومنبعها وحدودها التي تقف عندها.وجه فلاسفة اليونان الاوائل نظرهم للبحث في حقائق الاشياء وطبائعها.وهذا التفلسف والذي يفوق انظار السذج والعامة واراىهم تدرج بالمفكرين الذين يبحثون عن الحقائق.وكيف تدخل المعرفة بهذه الاشياء في العقل فثير الافكار وتولد عالما من الاشياء في داخل الانسان مثلا اين منبع الحقيقة ؟ولم يفكر الناس على خلاف ماافكر؟ اين اصل المعرفة؟ ماحقيقتها؟كل تلك الاسئلة تولد شك في صحة المعرفة والوثوق بها.بعد ان كان الفكر يشغل بالاشياء الخارجية توجه للبحث في نفسه هو،فسأل مالمعرفة؟ ماعلاقتها بالحقيقة؟ هل يستطيع العقل البشري الوصول اليها؟ وهكذا.
القارى لهذا الكتاب سيجد البحث الموجز والعميق للفلسفة ويجد انها ليست بعيدة حياتنا الخقيقية المعاشة بل مرتبطة بها فهي تجول في الطبيعة وظواهر الكون وعقل الانسان،لخصه الكاتب باسلوب ولغة سهلة بسيطة غير معقدة مجتنبا الاطالة بل الايجاز النافع ،منه يستطيع المبتدأ لقراءة كتب الفلسفة ان ينهل من اوله ومنه يسير منطلقا الى كتب ومباحث اخرى ،تمكن الكاتب من ايصال فكرة ان الفلسفة ليست فكرة حديثة بل قديمة قدم الانسان. وانها تدوم بدوام وجود الانسان.في ظل التنوع البشري وتغير مزاعمه و اراءه ومثله العليا وتغير العقائد مادام الانسان مستمر بحل المعضلات، من خلال هذا الكتاب قدم الكاتب مدخل شامل للفلسفة معنى وتعريف ومدارس ونظريات.مما جعل الكتاب مرغوبا ومطلوبا للطبع سنين طويلة،لما فيه نن ايضاح وعرض تاريخي رصين.
*الكتاب صادر عن:
دار اشور للطباعة والنشر
0 comments:
إرسال تعليق