• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024

    قصة قصيرة بعنوان / الثأ ر ..بقلم القاص العراقى : محمد علي ابراهيم الجبير

     


    سليم شاب قوي ذكي من عائلة فقيرة، الوحيد لامه  المريضة

    والده متوفي ،  يعيله عمه جاسم ابو زكية ؛

    زوّج جاسم ابنته الوحيدة زكية  الى ابن اخيه سليم دون ان يكلفه بشيء. وأسكنها  سليم معه في الغرفة الثانية من البيت  الطيني الساكن فيه مع والدته في اطراف المدينة ...

    وكونه شابا قويا ولايوجد لديه رأس مال ولا يعرف ان يعمل باي مهنة من المهن ، اشتغل حمالاً في السوق الكبير للمدينة .

    يتمتع سليم بالاضافة الى قوته ونشاطه ، بالامانة والاخلاص  والمحافظة على مايحمله من الاشياء وخاصة الاشياء القابلة للكسر

    ويترك تقدير الاجرة لصاحب الحمل اما هو فلا يحدد او يطالب بالاجرة ، وكان بسيط جداً وبشوش ، حتى ان الناس يتفائلون به ..

    في نهاية كل يوم يعود الى اهله ويسلم ما يكسبه الى زوجته زكية الحريصة على ماله والمدبره له ، فهي تقوم بصرف مبلغا يكفي لشراء الحاجات الضرورية للمعيشة وتوفر الباقي من المصروف

    حتى لوكان مبلغا بسيطاً للزمن الصعب وللمستقبل المجهول ؛

    استمرت الايام والسنين واحوالهم تتحسن يوما بعد يوم وهم سعداء بما يكسبون، رزقوا بثلاثة اولاد  ( امين ،وجعفر، وصادق ) .

    في احد الايام عرض عليه التاجرجميل أن يعمل معه في محله الواقع في منتصف السوق ، لمعرفته  بقوة سليم وامانته وحرصه

    على السلع التي يحملها، وافق سليم بالاشتغال معه ، وبان نشاطه وهمته من اول ساعة من مباشرته العمل ، فقام بترتيب البضاعة في المحل ، وعرض قسم منها امام المحل مما ادى ذلك الى زيادة زبائن المحل ، وزادت المبيعات ، وبالتالي زادت عائديات المحل من الارباح ؛؛حصلت القناعة التامة لدى التاجرجميل ان سبب هذا الاقبال على المحل  من قبل الزبائن هو اخلاق وبشاشة سليم وحسن تعامله ،وعلى ذلك خصص له راتبا ً مجزياً استطاع سليم ان يؤجر داراً واسعة قريبة من المحل وانتقل اليها ، لن تدوم فرحتهم طويلا  بسبب تدهور صحة والدته وبعد مدة قصيرة انتقلت الى رحمة الله ، وبعد فترة من وفاتها توفي عمه ؛؛

     حزن سليم وزكية على فقدانهم ، ولكن زكية الذكية هونت عليه وقالت له : أن ماحل بهم من فقدان والدته وفقدان والدها هو قضاء الله ولاراد لقضاءه ..

    عادت زكية الى همتها السابقة في خدمات البيت ورعاية اولادها

    الثلاثة ،وتستقبل زوجها يوميا بابتسامتها المعهودة ويستقبله اولاده بالفرح واللعب وعادت السعادة تخيم على دارهم الواسعة، واستمرت زكية بادّخارمبلغا من المصروف اليومي ، ولاتصرف الا ماهو ضروري للبيت وتلبية احتياجات الاولاد ؛؛

    نال سليم ثقة التاجرجميل وسلمه مفاتيح المحل ، واخذ يمارس العمل وكأنه صاحب المحل ، وزادت همته ونشاطه في العمل واشتهرفي السوق وضرب به المثل في الامانه والاخلاص والحرص على اموال صاحبه التي تضاعفت بوجود سليم معه ويتمنى كل تاجر في السوق ان يعمل معه سليم..

    عرضت الدار التي يسكنها سليم والمؤجرة من قبله للبيع من قبل صاحبها؛ فقرر سليم شراء الداربالرغم من عدم امكانيته للشراء ؛ فاتح صاحبه التاجر جميل عن امكانية تسليفه  مبلغا من المال لشراء الدار، بادره جميل بدفع المبلغ الذي طلبه ، وقال له :هذا المبلغ مساهمة مني وهدية لك مقابل اخلاصك في العمل الذي زادت اموالي وتجارتي  بجهودك وانت تستحق المبلغ  بلا منة  مني أو فضل ؛ شعر سليم بان صاحبه قد احاطه بفضل كبير ، ولايسعه الا ان يشكره ويدعوا له بطول العمر .. على موقفه ومساعدته الكبيرة، وانهاء معاناته من دفع  الايجار الشهري ..

    استمرت حياة سليم نحو الافضل اولاده في المدارس متفوقين على اقرانهم  ومن الاوائل في الدراسة ..

    صادق اكبر اولاده في السادس الاعدادي ، وجعفر في الخامس الاعدادي اما الاخيرامين في الرابع الاعدادي ..

    في احد الايام وبينما كان سليم في المحل لوحده ، دخل احد الزبائن

    يبدو على وجه الشر ، ليشتري له حاجة من المحل ، وطلب من سليم ان يبيعها له اقل من سعرها بكثير ، رفض سليم ان يبيعه اقل من سعرها المثبت من قبل جميل صاحب المحل ، واثناء المحاورة دخل بعض الزبائن للمحل ، واشتد غضب الزبون ،وكان الشر يتطاير من عينيه ، واخرج مسدسه وافرغ الرصاصات في رأس سليم وارداه قتيلاً وسط المحل وخرج من المحل يتمشى وكانه لم يقتل بشراً ، لم يعترضه احد ، وتطافر الناس من حوله داخل السوق وبعد خروج القاتل من المحل ، تجمهروا للفرجة على المسكين سليم ؛

    جاء التاجر جميل ووجد صاحبه مضرجاً بالدماء وعرف تفاصيل الحادث من تجار السوق ومن الزبائن الذين كانوا في داخل المحل ساعة وقوع الجريمة  بان القاتل طلب من سليم ان يبيعه سلعة اقل

    من سعرها المحدد ،وعندما قال سليم له انه لايستطيع بيعها  اقل من سعرها، لانه وكيل وليس صاحب محل ولايحق له التصرف

    دون موافقة صاحب المحل ،قام المجرم باخراج مسدسه من جيبه وافرغ الرصاص في رأسه ، وخرج من المحل دون ان يعترضه أحد ؛؛ذهب المسكين ثمناً لامانته واخلاصه وحرصه على اموال جميل لطم جميل على رأسه واخذ يبكي بكاءاً مراً،وكأنه احد اولاده

    وقام بأبلاغ الشرطة لغرض التحقيق في القضية ومعرفة القاتل ومعاقبته ؛

    ارسل جثمان سليم الى اهله ، وهو يصيح ويبكي ، استقبله اولاده  وزوجة سليم بالبكاء والنحيب ، واخيرا ارسلوه الى مثواه الاخير .

    واقاموا العزاء لمدة ثلاثة ايام ، ولم يفارقهم جميل الذي مليء قلبه

    حزنا على سليم الامين المخلص ,

    في اليوم الرابع  قال جميل لزوجة سليم : اليوم  سنقوم بفتح المحل

     ومزاولة العمل ويكون ولدك امين  وكيلاً عني في بالعمل ويحل محل والده وسوف ادفع له راتبا ضعف راتب والده  الذي راح ضحية اخلاصه وامانته وحرصه على المحل ، ويكون امين عونا لاخوانه في الاستمرار على دراستهم ومستقبلهم ، ويلبي طلبات البيت ..

    قامت الشرطة المباشرة في التحقيق ، لم يتوصلوا الى معرفة القاتل وهويته اوعنوانه ، ولم يتقدم احد بالشهادة ، رغم انه نفذ جريمته أمام انظار الناس وفي  وضح النهار وفي منتصف السوق الغاص بالمتسوقين، كما أن اغلب التجار المجاورين للمحل قد شاهدوا القاتل يتمشي لاخائفاً ولا وجلاً؛؛؛

    وبعد عشرة شهور من التحقيق والمتابعة  ،  اصدرت المحكمة حكمها  بان القضية سجلت ضد مجهول !!

    لم توافق زكية بان يبحث اولادها عن القاتل في الوقت الحاضر لاخذ الثأر منه ،وطلبت منهم اكمال الدراسة ودخول  أحدهم الى كلية الشرطة والتخرج منها بدرجة ملازم ويتولى التحقيق بنفسه

     ويعرف قاتل أبيه ويسلمه للعدالة ..

    وبعد أن اكمل صادق الدراسة الاعدادية ،قدم على كلية الشرطة ، وكان هدفه ان يتولى التحقيق في  قضية مقتل والده ويسلم القاتل للعدالة لانزال العقوبة اللازمة كما قالت والدته له ..

     قبل في كلية الشرطة وفي السنة الثانية اكمل جعفرالدراسة الاعدادية وقبل في كلية القانون ليتخرج منها محامي وكل هدفه ان ياخذ يثأر والده بالقانون ، وجاء اليوم الذي تخرج فيه صادق من كلية الشرطة برتبة ملازم وباشرفي عمله ، وبعد سنة تخرج جعفر من كلية القانون وباشر في اعمال المحاماة ..

    خلال السنة الاولى من مباشرة الملازم صادق عملة ،اخذ يتردد على السوق وعلى المحلات المجاورة لمحل جميل ، لكي يجمع المعلومات عن حادثة مقتل ابيه ، من تجار السوق المجاورين لمحل جميل ا لذي تمت فيه الجريمة ؛استطاع الوصول الى بعض شهود العيان الذين كانوا داخل المحل وخارجه وقت وقوع الجريمة وجمع المعلومات وكل التفاصيل منهم ، وأبدوا استعدادهم للادلاء بالشهادة أمام القاضي ولم ينسى صادق القيام بتسجيل اقوالهم بشريط صوتي وهم لايشعرون ..

    وبعد ان حصل على المعلومات الكافية لادانة المجرم ؛قدم المحامي جعفرطلباً للقاضي المختص بالجنايات حول اعادة التحقيق بقضية مقتل والده ، لوجود معلومات وادلة دامغةجديدة في القضية ؛

     كما سلم  أسماء الشهود الذين كانوا متواجدون في محل الحادث في ذلك الوقت ، كما قدم له الاسم الكامل والعنوان للقاتل وجميع المعلومات التي حصل عليها الملازم صادق من المتواجدين في السوق؛وافق القاضي على اعادة التحقيق ، واحيل الطلب الى مركز

    الشرطة وعلى اثره تم تشكيل مفرزة  من خيرة الضباط  والمراتب المختصين بمكافحة الجرائم .؛ استطاعت المفرزة القاء القبض على الجاني ، وباشر الضباط زملاء صادق بالتحقيق مع المجرم ، وتم مواجهته بالشهود ، واعترف القاتل بكل تفاصيل الجريمة ولم ينكر شيء!  وفي اليوم المقرر للمحاكمة ،اصدرت حكمها العادل بشنق المجرم  حتى الموت..

    وكان خبر اصدار الحكم العادل بشنق القاتل حتى الموت، سبباً بدخول السروروالفرح على قلب زكية الحزين ، فرحت لاخذ الثأئر دون ان تتلطخ  ايدي اولادها بدم المجرم الذي قتل زوجها وابن عمها سليم؛وشعر الاولاد بفرح غامر لانزال العقوبة بحق قاتل ابيهم، والفرح الاكثر هو فرحهم بأخذ الثأر عن طريق القانون ، كل ذلك بفضل تفكير والدتهم وتوجيهها ونجاح خطتها وبعد نظرها  ودون ان يتلطخ احدهم بدم القاتل المجرم الذي قتل والدهم بدون ذنب ..وبعد مدة من الزمن ،تزوج اولادها الثلاثة وانجبوا البنين والبنات الذين ضاقت الدار الواسعة بهم  وهم يلعبون ويمرحون ، وعاش الجميع في كامل السعادة والسرور...

                                               

     

     

     

     

     

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان / الثأ ر ..بقلم القاص العراقى : محمد علي ابراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top