كما انه وفي أوقات الحرب وما
بعدها، تعاني الحكومات غالبًا من ضعف في مؤسساتها أو تزايد في الفساد الإداري هذا
الفساد يُعزز ظهور فئات تستغل الفراغ المؤسسي للسيطرة على الموارد العامة على سبيل
المثال، قد يحتكر أفراد أو جماعات الوصول إلى مساعدات الإغاثة أو عقود إعادة
الإعمار، مما يؤدي إلى استغلال الأزمات لتحقيق مكاسب شخصية في بعض الحالات، يكون
للمسؤولين الحكوميين أو العسكريين دور مباشر في هذه الأنشطة الطفيلية ,كما انه
وبعد انتهاء الحروب، تحتاج الدول المتضررة إلى مساعدات دولية لإعادة بناء اقتصادها
وبنيتها التحتية هذه المساعدات، رغم أهميتها، تُشكل فرصة لبعض الفئات الطفيلية
لاستغلال الوضع إذ تعمل هذه الفئات على الاستيلاء على جزء من تلك الموارد من خلال
الفساد أو الاحتكار بدلاً من توجيهها لدعم عمليات إعادة الإعمار الحقيقية , كما ان
الاعتماد على المساعدات الخارجية يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تدخلات خارجية في
السياسات الاقتصادية للدولة المعنية , بالإضافة الي كل ما تقدم فان الحروب تترك
وراءها اقتصادات مدمرة ومعدلات بطالة مرتفعة يُعد انتشار الفقر إحدى النتائج
المباشرة للآثار والمشكلات الاقتصادية التي تخلفها الحروب والنزاعات؛ فقد يؤدي
تدمير البنية التحتية وتعطل الأنشطة الاقتصادية إلى فقدان العديد من الأفراد مصادر
دخلهم، مما يدفع الكثيرين إلى هوة الفقر، كما تتسبب الحروب في تراجع الاستثمار
والتنمية،، مما يدفع الفئات الأكثر ضعفًا للبحث عن أي فرصة للعمل أو الحصول على
الاحتياجات الأساسية تستغل الطبقات الطفيلية هذه الأوضاع من خلال تقديم خدمات
بأسعار مرتفعة أو فرض شروط قاسية على العمالة، مثل تقديم قروض بفوائد عالية أو
استغلال نقص المواد الأساسية لتضخيم أسعارها هذا النوع من الاستغلال يزيد من
معاناة الفئات الفقيرة والمتضررة.
هذه الحروب سببت وقد تشكل تغييرات
جذرية في هياكل القوة والنفوذ داخل المجتمع نتيجة للفراغ الذي تشهده في هياكل
السلطة نتيجة لإطاحة الحكومات أو نتيجة لإضعاف الأنظمة السياسية القائمة او تشكيل
اجسام موازية للسلطة وبالتالي تعمل هذه الجماعات الطفيلية على سد هذا الفراغ لتصعد
إلى مواقع النفوذ، مستغلة ضعف النظام أو حتى تواطؤ بعض الفئات المتنفذة مما يؤدي
ذلك إلى استمرار الفساد واستغلال الموارد دون تقديم أي إضافة فعلية للاقتصاد
الوطني.
كما انه وفي كثير من الأحيان،
تبرز نخب عسكرية أو سياسية جديدة بعد الحروب تكون قد استفادت من الفوضى للسيطرة
على السلطة هذه النخب قد لا تمتلك الخبرة أو الكفاءة لإدارة الدولة، مما يؤدي إلى
تعزيز الاقتصاد الطفيلي واستغلال السلطة من خلال عقود إعادة الإعمار أو السيطرة
على الموارد الطبيعية مما يؤدي إلى تعزيز طبقات طفيلية تستفيد من موارد البلاد دون
تقديم قيمة مضافة للمجتمع.
كما انه ومن العوامل التي تساعد
على انتشار الطبقات الطفيلية هو ضعف المجتمع المدني وغياب المؤسسات الرقابية
الفعالة في ظل النزاعات المسلحة أو الفترات التي تليها، تكون الرقابة على الأنشطة
الاقتصادية والسياسية شبه معدومة هذا الضعف يسمح للطبقات الطفيلية بالتوسع دون
مواجهة رادعة، سواء من خلال الإعلام أو المنظمات المجتمعية التي تلعب دوراً حيوياً
في الحفاظ على توازن القوى والمحاسبة.
ظهور الطبقات الطفيلية أثناء وبعد
الحروب ليس ظاهرة جديدة، بل هو نتيجة حتمية للفوضى وعدم الاستقرار الذي يصاحب
النزاعات المسلحة لان هذه الفئات تستغل الفجوات في النظام القانوني والاقتصادي
لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المجتمع ككل , وللتعامل مع هذه المشكلة يتطلب إعادة
بناء مؤسسات قوية وفرض قوانين صارمة لضمان التوزيع العادل للموارد وإعادة
الاستقرار إلى الاقتصاد في نهاية المطاف، يبقى التصدي للطبقات الطفيلية أحد
التحديات الكبرى التي تواجه الدول الخارجة من النزاعات، حيث يعوق وجودها فرص
التنمية والعدالة الاقتصادية.
**كاتب المقال
كاتب وباحث اقتصادي
0 comments:
إرسال تعليق