كان سعدون الولد الثاني من اولاد التاجر الحاج رؤوف ..
وكان
رؤوف يعامله معاملة خاصة تختلف عن
معاملة اخوته الباقين ،يلبي كل طلب
يطلبه ، فشب الولد على حياة البذخ والصرف
الغير معقول ،وكان سعدون عندما يخرج الى السوق ومعه اصدقاءه ، يصرف عليهم ولايسمح لاحد ان يدفع اي شيء
ماداموا معه ؛؛
سعدون
لايحسب اي حساب عندما يصرف المال، لأن والده يعطيه ما يشاء ؛؛
يخرج
وجيوبه منتفخة من كميات النقود التي يستلمها من والدته ، ولم يساله والده او
والدته ، اين يصرف المبالغ الكبيرة التي يستلمها منهم، واصبحت له شلة من الاصدقاء
يصرف عليهم على مدار الوقت ..
وعرف
اصدقاءه كيف يحصلون على الاموال منه ، مادام انه يصدق بكل كلمة تصدر منهم بانه
هو الشاب الكريم ، والذي لايوجد مثله في
السخاء وانه لم يبخل على اصدقاءه باي شيء
يطلبونه؛؛
ويصرح
سعدون دائماً بعدم وجود فرق بينه و بينهم
وهم بمثابة جيب واحد ؛؛ لهذا فانه لايسمح لأحد منهم بالصرف ! ولو جرب سعدون في اي
يوم من الايام ؛ وتوقف عن الدفع ، لتبين له حقيقة الامر بعدم وجود احد بينهم من
يدفع نيابة عنه ؛
وهكذا
استمر سعدون ،بعلاقاته مع اصحابه واهتمامه بهم ،ولم يهتم
بدراسته
كاهتمامه باصدقاءه ، ولم يبقى لديه وقت
للدراسة لانه مشغول مع اصدقاءه في المقاهي والسفرات الى اماكن اللهو واللعب
، كما ان والديه لم يهتموا بدراسته بحجة ان لايضيقوا عليه ولهذا لم يكمل الدراسة
الاعدادية ، والادهي من ذلك ان والده لم يكلفه باي عمل ولم يطلب منه الحضور الى
محله ، ولم يعلمه اي عمل وبقي سعدون على هذه الحالة فهو بين اصدقاءه متجها للعب
واللهو، ولا يدري بامور الدنيا اي شيء فان كل مايطلبه من النقود يلبى طلبه ويصرفها
دون محاسبه ولم يفكر في اي يوم من الايام باهميه النقود ولم يشعر بالعوز ، ويري ان
اصدقاءه الذين يصرف عليهم بانهم اخوته ؛؛
رغب
والده بزواجه وأمره ان يختار زوجة له :
- سعدون
ياولدي حان الوقت لزواجك ، وارغب ان تختار الزوجة الملائمة بنفسك ؛؛
-انا
لااعرف وانت با ابتي اختار لي الزوجة المناسبة على معرفتك ،
التفت
رؤوف لولده الكبير وانت ياولدي هل تعرف فتاة طيبة من عائلة طيبة؟؟
- نعم
ان اخت زوجتي معلمة وتشبه الى حد ما اخلاق زوجتي ومن عائلة انت تعرفها؛
- ماذا
تقول يا سعدون ؟
-لامانع
لدي والامر لكم اني موافق ؛؛
تم زواج
سعدون من شقيقة زوجة اخيه الكبير،بالرغم من عدم وجود اي عمل يرتزق منه ، وانه
معتمداً على المصروف الذي يعطيه له والد ووالدته ، ومرت الايام سريعاً ؛
زوجة
سعدون تبينت هي الاخرى تصرف بدون الشعور بالمسؤلية
وبدون ان
تحسب حساب ليوم العوز او لامور الدنيا ،ولكنها تمكنت
من
السيطرة على زوجها سعدون ،ومنعته من الاتصال باصدقاءه
والتقليل
من اللقاء بهم غيرة منها على زوجها ؛ ومنعته من الخروج معهم ليلاً؛؛
قام
والده التاجر رؤوف بشراء الدور والاملاك التجارية وسجلها باسم اولاده الثلاثة
الذين هم من امرأة واحدة ..
زوجة
سعدون اجبرته بان يعمل مع والده ليتعلم مهنته ؛؛ حتى لايقول احد من اقاربها بان
زوجها عاطل عن العمل ولايعرف شيء ؛؛
استجاب
سعدون بعد ان اسمعته بان اقاربها يقولون
عليه انه لايعرف شيء عن عمل والده ؛؛
طلب
سعدون من المسؤول على تشغيل المعمل بان يعلمه كيف تشتغل المكائن وكيف يتم تصليحها
؛؛
وخلال
فترة قصيرة تعلم كيف يصلحها ، كماتعلم كيف تنصب المكائن الجديدة ،
مرت
السنين وسعدون بين المكائن ، الا انه لم ينسى اصدقاءه كان يذهب لهم بين فترة
واخرى، يقض معهم اوقاتا يشعر بها بالسعادة وخاصة عندما يصرف عليهم ؛؛؛
الى ان
جاء اليوم الذي توفي والده وبعد فترة ليست طويلة توفيت والدته ،
تم
تقسيم الاموال والاملاك بينه وبين اخوته ، بالتراضي ، وعرف كل منهم ما يملك من
اموال واملاك ..
الكبير
انتقل الى بغداد، بعد ان باع املاكه ، واسس له شركة ضخمةهو واولاده ، اما الاخ الصغير فاصبح من
المقاولين المعروفين في المحافظة ..
اما
سعدون فانه انتقل هو الاخر الى محافظة اخرى واسس له مكائن لصنع المواد الغذائية ،
ولكن عمله لم يدوم بالرغم من نجاح المعمل وذلك ان مصروفاته ومصروفات زوجته اكثر
بكثير من واردات المعمل ومن واردات ايجار املاكه ،الامر الذي دفعه لبيع املاكه
الواحد بعد الاخر ولم يبقى الا المعمل ، واحس بانه لايستطيع الصمود بالعمل ، حاول
الاستدانه من اصدقاءه القدامي الذين صرف عليهم الاموال الطائلة ، لم يجد احد منهم
يوافق على تسليفه رغم ان احوالهم المالية
جيدة جداً!؛؛
وكل شخص
يذهب اليه ، يعتذر بانه لايملك المال المطلوب ، ولو يملك ما يطلبه فانه لايبخل
عليه ، ويطلب المعذرة منه ؛؛؛
وفي كل
مرة يرجع خائبا وعرف بعد فوات الاوان بانه كان من الغافلين،
طلبت
منه زوجته بيع المعمل ، وشراء دار سكن لهم في بغداد بالقرب من اختها التي سكنت مع
اخيه الكبير ، أملا في مساعدتهم مستقبلاً؛؛
وفعلا
تم بيع المعل وذهب الى بغداد واختار له بيتاً صغيرا بعيدا عن اخيه ، لان منطقة
اخيه لايوجد بيت يتناسب وامكانيته المادية
انتقل
سعدون الى بيته الجديد في بغداد ، ويقي لديه مبلغا قليلا من قيمة المعمل ،
لايستطيع فيه عمل اي شيء ،اضطر ان يعمل مع اصحا ب المعامل كمصلح للمكائن ، باجور
بسيطة ، واصبحت معيشتهم اعتماداً على راتب زوجته المعلمه وعلى مايحصله من تصليح
المكائن ،
واجبرته
الايام على ان يتكيف مع هذه الاجور البسيطة وكذلك زوجته المسرفه ..
اخيه
وزوجته لم يمدا يد العون لهما ، كما كان يأملان ذلك ؛؛
شعر
بالعوز والذل عند اشتغاله باجور بسيطة عند الناس ، بعد ان كانت الناس تشتغل عندهم
في محل ابيه وفي معمله الاخير ؛؛
تذكر
كيف صرف الاموال الكبيرة وبعثرها ، وكيف باع الاملاك التجارية المتميزة
،التي ورثها من تركة ابيه ،ولوكان معتدلا
بمصروفاته ، لعاش هو واولاده واولاد اولاده ؛؛ عيشة هانئة من عائدات ايجارات
الاملاك التي تم بيعها بأبخس الاثمان
وندم
سعدون على تصرفاته وبقي في الحسرات وهو يري انه الخاسر الوحيد بين اخوته الذين
يرفلون هم واولادهم واولاد اولادهم بالعز والخير العميم من واردات الاملاك التي
تركها لهم والدهم ومن اعمالهم الجديدة ..
0 comments:
إرسال تعليق