في قرية من قرى محافظة أسيوط،، ولد ثلاثة صبيه،
عبد الغفور وعبود وعلى من أب مصري إسمه محمود وأم مصرية إسمها قسيمه، وكان رغم ظروفهم المعيشية البسيطة
قمة في السعادة، ورغم ذلك أدخلوا أبنائهم مدارس ليتعلموا ، وفى يوم أفاق الأبناء على صراخ أمهم:
*ماذا حدث يا أمى..؟
**لقد توفى أبيكم..
وبدأ الحزن يخيم على البيت الذى كان يملأه الفرح
والسعادة، نعم توفى الحاج محمود وترك زوجته قسيمه وأبنائه دون عائل أو أحد يرعاهم،
فأعمامهم وأخوالهم ظروفهم صعبة،وكان الحاج محمود يعمل أرزقى- رزق اليوم بيومه-
وكان عبد الغفور هو الابن الأكبر، وصل في دراسته
للصف الثالث الإعدادى، فإضطر لترك
المدرسة للعمل حتى يصرف على إخوته وأُمه.
وبدأ بالعمل فى محل
قماش بالنهار ،وليلاً يعمل فى مقهى على
قمة القرية ، وكان يعطي كل ما يجني من أموال لأُمه لتصرف على البيت وإخوته،
وبالفعل استمروا إخوته فى التعليم حتى أنهوا المرحلة الثانوية التجارية.
وحمد عبد الغفور ربه لأنه أعانه على تلك المهمة الصعبة،
وذهب لأُمه وتحدث معها بأنه يريد الزواج من سامية إبنة عمه سيد لأنه يحبها ولم ترد
عليه أُمه، وفى ذلك الوقت سمع حواره أخيه عبود، وذهب لأُمه وقال لها
* يا أمى ساعدى أخى
فى الزواج ممن يحبها، لقد تعب عبد الغفور معنا كثيرا، وانا بإذن الله سأعمل أنا وأخى
على ولا نجعلك تحتاجين لأى شئ بإذن الله، وحتى عندما ارتبط سأعيش معكي بنفس البيت.
** فوافقت الأم فى
إدخال إبنها جمعيات حتى يستطيع الزواج، وبالفعل تقدم عبد الغفور لإبنة عمه سامية،
ووافق عمه سيد دون تردد، على الرغم أن إبنته
لم توافق فى بداية الأمر ولكنها وافقت بعد ذلك.
ومرت الأيام وبدأ
عبد الغفور يعمل بجد حتى أخذ محل له وحده، ورزقه الله بمحمود وخديجة، وفي ذلك الوقت كان عبود أخيه
تزوج وأنجب محمد وأحمد وكان محمد يكبر خديجه بأشهر ، وكانت خديجة فائقة الجمال
والحيوية والذكاء، وكان كل من يراها يحبها، وأنهت خديجة الدراسة الثانوية بتفوق
ولكن أبيها لم يجعلها تُكمل بالجامعة خوفاً عليها لأنه متعلق بإبنته جدا وخاف عليها
من الشباب لجمالها الفائق، أما محمد إبن عبود حصل على المركز الأول أيضا بالثانوية
العامة على محافظة أسيوط، وكان متعلق بخديجة
إبنة عمه عبد الغفور، ورتب نفسه للذهاب للقاهرة للتقديم بالجامعة، وحمد
الله أن دراسته على نفقة الدولة لتفوقه.
قرر محمد الذهاب
لبيت عمه عبد الغفور لإخبارهم أنه قُبِل بكلية الطب،فطرق باب عمه وفتحت له خديجة
اللؤلؤة التى تهز قلب أى شاب، و أخبرته أن جميع من بالمنزل ذهبوا لحضور فرح أحد
جيرانهم بالقرية، ولكنه لم يرجع بل دخل منزل عمه وطلب من خديجة إغلاق الباب حتى لا يراهم أحد فيتكلم عليهم،
وقام محمد بإخبار إبنة عمه بقبوله بكلية الطب ففرحت وجرت عليه وضمته.. وفى ذلك
الوقت حصل المحظور، وفقدت خديجة عذريتها على يد إبن عمها وحبيبها، وأبلغها ألا تخاف
سيذهب لتقديم أوراقه بالجامعة غدا وآخر النهار سيرجع ويقابل عمه ليطلب يدها للزواج، ويطلب منه أيضا أن يتم الزواج سريعا حتى لا يقيم بالقاهرة وحده، وخرج محمد
ورجع منزله، وظلت هى بحسرتها وكيف فعلت ذلك، ولملمت نفسها ودخلت غرفتها تحاول أن
تنام حتى لا يشعر أهلها بشئ.
وسافر محمد في
الصباح وهو بالطريق تعطل الاتوبيس الذي كان يستقله، ووقف فى الطريق حائر حتى وجد
سيارة..وشاور لها فوقفت وسألهم محمد إذا كانوا
متجهين للقاهرة لأنه سيتأخر على
تقديم أوراقه، فقالوا له نعم، فطلب منهم الركوب معهم لأن الأتوبيس عطل
فوافقوا على أخذه معهم.
وفى تلك
الأثناء سألته الفتاة و إسمها دلال ..
*فى أي كلية ستقدم..؟
** فأجابها طب..
* فقالت له ..وانا
أيضاً وأُعجبت به البنت لوسامته ولأنه الأول على المحافظة، وأشارت على أبيها مساعدته، وسألته إذا كان عنده مكان أو
عمل،فقال لها لا وشرح ظروفه، وإحترمت دلال
وأبيها محمد ..
* وقال له لا تقلق
سأجد لك عمل بسيط حتى تستطيع حضور كليتك دون تعب ومكان للنوم، **فقال له ..لا لا..
* وسألته دلال هل
أنت مرتبط..؟!
** قال لها: لا..
وهنا فرحت دلال وأحس والدها بذلك إذ أنها ابنته
الوحيدة، والولد يدرس فى مجال دراستها ،وإذا ارتبط بابنته سيرعاها.
ونرجع للقرية التي
بها خديجة، لنجد خديجة التى بدأ الشحوب
على وجهها، حتى جميع من بالمنزل لاحظوا ذلك، ومر الوقت وهى تنتظر إبن عمها محمد
يرجع ليتزوجها ومر أسبوع وراء أسبوع حتى
أصبح شهر، والخوف يعصرها ومنعت الطعام .
وفى يوم فقدت
توازنها وأغمى عليها، وأخذها الأب حملا كما لو كانت طفلة، ولم يسمح أبيها لأى أ حد
من أَسرته المجئ معه للطبيب، كأن الله فعل ذلك حتى لا يعلموا شيئا عما حدث
لها ، وعندما وصلوا للدكتور حسام الذى يقيم من زمان فى قريتهم ولم يكن مرتبط،، وكان يعشق خديجة كلما رآها وكان منتظر
أن تنتهي من دراستها، حتى يتقدم لها، وعندما رآها سأل أبيها خير، فقص الأب عليه ما حدث لها، وقام حسام بفحصها، وتغيرت كل
ملامحه..
ولكن إستعاد
الدكتور حسان هدوءه وسأل الحاج عبد الغفور قائلا:
*هل زوجت الآنسة خديجة دون أن تعزم أحد..؟
**فقال الأب : لا..
* فسكت حسان، وقال
له سأقول لك شيئا بس لابد من الهدوء، حتى تستطيع أن تفكر فى حل ما سأقوله لك،
ولأنى على علم بأن الأنسة خديجة على خلق.
** فقال له قول يا
إبنى ..تعبت أعصابى..
*قال له خديجة حامل
..
**فرد عبد الغفور
عليه .. حامل ازاى..
* قال له الطبيب ده
اللى لازم نعرفه منها وبالعقل عندما تفيق..
** تفيق ايه يا
دكتور دا قتلها حلال..
* قال ممكن تكون
مظلومة.. عامة إنتم كدا كدا قاعدين معايا وانا لوحدى.
وبعد قليل من الوقت
فاقت خديجة.. وسألت :
*أيه اللي حصل يا
أبى..
** قالها مفيش غير
إنك حامل وإتخضت خديجة
*فقال لها أبيها
لابد أعرف من الذى فعل ذلك..
فى أول الأمر سكتت، ولكنها تذكرت أنه أخلف وعده معها،
فأرادت الانتقام منه..
* فقالت له محمد
إبن عمى عبود، ولم يكن بخاطرى سحب السكين
وهددنى وحدث ما حدث، وحين دخل حسان قال له :
*يا حاج البنت ليس
لها ذنب لأنها صغيرة، عامة إسمعنى لازم نحل هذا الموضوع بالعقل بعيد عن الفضايح، بس حاليا لازم نعمل
لها عملية إجهاض أولا علشان تأمن نفسك
والبنت من كلام الناس، وكدا كدا إنتم هتفضلوا عندى اليوم، وسأضع لها محاليل
بسبب الهبوط اللي حدث معها وأيضا علشان العملية،وبإذن الله بعد ما تروح تكلم إبن
أخيك، وإذا رفض أنا بأطلبها منك وسأكتب عليها وأتزوجها خلال أيام، انا بأحبها وكنت منتظر تنتهى من دراستها، وكل ما كتبه الله خير،
لم يصدق الحاج عبد الغفور نفسه وكاد يبوس يد الدكتور حسان، قال له لا يا حاج إنت
مثل أبى، وخرجوا تاني يوم من عند الدكتور فى الفجر، وعندما حضروا للبيت قال لأمها
وأخوها كان عندها هبوط حاد لعدم أكلها وقد
قام الدكتور بتركيب محاليل لها ، وإن الدكتور
حسان طلب إيدها، وفرحت الأم وأخوها، وقام
عبد الغفور بإخبار زوجته أنه مسافر اليوم لإحضار بضاعه للمحل وأشياء لإبنته لزوم
الزواج.
وذهب لأخيه عبود
وسأله إن كان يريد شئ من القاهرة لأنه مسافر لإحضار بضاعة للمحل وأشياء لزوم فرح
إبنته لأن الدكتور حسان طلب يدها منه، فأسرع
أخيه وكتب خطابا لإبنه وعملوا أكلات سريعة بيحبها محمد إبنه وطلب منه
توصيلها له ، وسافر عبد الغفور، وعندما وصل القاهرة إشترى سُم ووضعه بالأكل، وإتصل
بإبن أخيه وطلب منه أن يقابله بالقرب من
جامعته حتى لا يعطله، وحضر محمد رغم الخوف الذى تملكه إلا أنه إطمأن بعد أن قرأ
خطاب أبيه وأيضا بعد أن قال له إن الدكتور حسان طلب يد خديجة منه، وسأله إيه رأيك
فيه، قال إنه رجل خلوق وممتاز وعلى بركة الله،، فسأله هتحضر فرح بنت عمك والا عندك
محاضرات فإعتذر لضغط الدراسة، ومن هنا أعطاه الطعام الذى دس له فيه السُم وسلم
عليه ورجع، ولم يأكل محمد من الطعام حتى
أن وصل للمكان الذى يقيم فيه، فوجد قطة تتضور جوعا فناداها ودخلت معه وفتح الاكل
الذى معه وأعطاها منه،، وفى لحظة وجد القطة لم تنطق، جثة هامدة،، فتملكه الخوف ولف
الأكل كله، وإتصل بأبيه وطلب منه آلا يخبر أحد إنه المتحدث معه، وطلب منه أن يقول
إنه نقل للمستشفى فى حالة خطر، وأن يسافر له ولا يحضر معه أحد،وفى تلك الاثناء
كان الحاج عبد الغفور قد رجع و إتفق مع
الطبيب الذى سأله هل أخبر محمد إبن أخيه،، قال نعم لقد أعلمته إنك ستتزوج خديجة ولم يعترض وقال مبروك.
فاليوم سنكتب كتابك إنت وخديجة،وبالفعل أحضر
المأذون ونادى عن طريق الجامع أن إبنته سيكتب كتابها اليوم على الدكتور حسان، وبعد
أن تم كتب الكتاب، جاء إليه أخيه عبود وقال له أُعذرنى يا أخى إننى تأخرت وذلك لأن
محمد نقل للمستشفى فى حاله خطرة ، وجرى عليه أخيه عبد الغفور وسأله ماذا حدث، قال
له لا أعلم، غير ما قولته لك، وسوف أُسافر حالا لأعرف ماذا حدث لإبنى، فحزن عمه وقال له إنتظر لأحضر معك، قال له
لا داعى، انتظر مع ضيوفك وانا العربية
منتظرة بالخارج.
سأسافر بإذن الله لأعرف ماذا حدث لإبنى وسأبلغك،
وفي نفس اللحظة تذكر إنه آذى إبنته و إنه كان سيصبح سبب فى قتلها
وفضيحتهم أيضا، وللأسف الحاج عبد
الغفور بدأت المخاوف تدخل قلبه، ولم يتصل به أخيه لأنه شك أن أخيه عبد الغفور هو
السبب فيما حدث لإبنه.
ونرجع مرة آخرى
للقرية، وبعد يومان قام عبد الغفور بزفاف إبنته دون فرح، وتانى يوم ذهبوا ليصبحوا
على العروسة ورحب بهم زوجها، وسأل الدكتور حسان حماه عن إبن أخيه محمد،ورد انه
بالعناية المشددة بالمشفى فقال له انه من
كثرة الخوف أو الحزن، ولم يعرف أن حماه وضع
له السُم بالأكل ولولا العناية الإلهية جعلت القطة تكون فدو لمحمد حتى تنقذ عبد
الغفور من القصاص، إذ عمل خير كثير مع ناس كثيرين.
فى القاهرة تقابل
الإبن محمد مع أبيه عبود، وقال له أن الطعام الذى أرسلته مع عمى به سُم وحكى له ما
حدث، وقال محمد لأبيه عمى عنده حق عندما قرر أن يسُمنى،، لقدا فقدت خديجة عذريتها ووعدتها بالزواج وهربت، وجاء عمى ليجس نبضى
وأبلغنى أن دكتور حسان طلب يدها ولم أعارضه، بل طلبت منه أن يتمم الزواج، ومعنى
ذلك فهم عمى إننى أُريد أن ينفضح وسط الخلق، وفى تلك اللحظة قام أبيه بضربه ونهره
وقال له ياليته قتلك، لكن ربنا أنقذ أخى من تأنيب الضمير، وأكيد مثل ما سترها الله
مع أخينا وهو صغير وتحمل مسؤوليتنا، يسترها معاه وهو كبير ، أوعى توريني وشك مرة
تانية ، إنت مش إبنى ولا أعرفك، إنت عار عليا.
ورجع عبود للبلد
وذهب لبيت أخيه وطلب منه أن يخرج معه وعندما سألوه أهل القرية عن إبنه، قال
لهم الحمد لله بخير، وقال لأخيه خذ السكين
وأغرزها بقلبى لتأخذ حق إبنتك منى، إنت أبويا وأخويا، إنت ضحيت بمستقبلك حتى لا
نذل لأحد، عامة إبنى بخير وقص عليه قصة القطة، وأنا أبلغته أن لا يحاول المجئ
للبلد وإلا سأقتله ..وأخذ عبود أخيه فى حضنه وبكيا الإثنان.
0 comments:
إرسال تعليق