تُعَد المتاحف واحدة من واجهات الشعوب والبلدان أمام شعوب وبلدان أخرى ، كونها تضم إرثاً قد يكون كبيراً أو أقل من ذلك سواء أكان مادياً أو قد يكون معنوياً فالمهم أنه يحكي ذاكرة وقصص متعددة شهدتها أزمان مضت وأقوام خلت ومابقي منها إلاّ ما أنتجته أياديهم وعقولهم وهي موضوعة في مخازن ورفوف وخُزانات للعرض أمام الوافدين .
إن جميع البلدان والشعوب تسعى لإبراز تأريخهم
على النحو الذي يريدون أن يفخروا به جيلاً بعد جيل ، وهكذا تكون السباقات بينهم
وكلٌّ يدلو بدلوه الذي يختار .
وحين
نمعن النظر جيداً أمام هذه التركات والآثار نجد أن معظم الشعوب قد إشتركت في تأسيس
الحضارات وتشييد المدن والحواضر ولكن كلاً وبحسب نسبة المشاركة ظاهراً أو باطناً
مع معرفتنا بأن ماوصل إلينا في الأعم الأغلب من الآثار هي من تمثل توجهات البلاط
وسطوة الحاكم ومصلحة المستفيدين ، أمّا أولئك الفقراء والمعوزين والذين حملوا فوق
أكتافهم وزر ماصنع الحكام والملوك و الساعين جاهدين لإشباع رغباتهم ونزواتهم التي
كانت بعيدة عن تطلعات وأحلام الشعوب .
إن ماتضمه أغلب المتاحف في العالم من مقتنيات في
أغلبها هو الهدف لإظهار الوجه الحسن للملوك والحكام وما خلفوه من تراث مادي يمثل
القصور والقلاع ودور الإستراحة وممتلكاتهم الخاصة والشخصية وأدواتهم التي
إستخدموها جميعها تشكل مقتنيات جذب للزوار والوافدين إليها من بقاع مختلفة ، أمّا
ماخلفه الفقراء من تراث مادي فلا عين تنظر ولا أقدام تهفوا لرؤيتها بل على العكس
يسارعون الخطى لتجاوزها كي لا يخسروا وقت أو لا يتمتعوا بمنظر ، وهذا حال معظم من
يروجون لها.
إن مانشاهده في المتحف هو إبراز ماكان غالي
الثمن أو نادر الوجود أو ضخم الحجم ، أمّا الأخرى فالمرور عليها ك مرور الكرام أو
ما هو أكثر .
يبقى السؤال هل المتاحف في العالم الآن
حققت ولبَّت طموحات الفقراء والمساكين من عموم الناس في أن يتخلى أولي الأمر من
ملوك وحكّام ومتسلطين على رقاب الناس ليسعوا جاهدين لإقامة العدل بين العباد ، أم
أنهم يسعون لجعلها مصدر لهو وترفيه لهم ولغيرهم فضلاً عن ما يكسبون من مزيدٍ من
الأموال لإشباع رغباتهم تلك؟ .
عموماً ماتضمه المتاحف هو عناوين وهويات تحتاج
الى التمحيص والتحليل والتدقيق لغرض الوصول الى حقيقة حياة الناس ومعرفة الظالم
والمظلوم والمستَغفِل والمستَغفَل على السواء لتكون عِبرة للجميع وعَبرة من الممكن
أن تعقبها دمعة تسقط على وجنات المساكين مع مرافقة الألم وحلم الأمل .
0 comments:
إرسال تعليق