• اخر الاخبار

    الاثنين، 20 مارس 2023

    قصة قصيرة .. بعناوان : مخلوق كان يوما معلما ..للأديب العراقى الكبير عيسى عبد الملك



    حوله , كلما اطل, مثل افراخ دجاجة , يتعلق به تلاميذه الصغار . وبسرور كان الأستاذ عبد تعبان  يوزع عليهم الحلوى.  لعبد كانت ابتسامة جذابة ومظهر أنيق حد المبالغة ,على المعلم أن يكون قدوة في كل شيء جميل , كان يقول لنا دائما ولكي نظهر بمظهر حسن يليق بالمعلم , كنا على أنفسنا نقتر ونستلف في أكثر الأوقات .  في جيبه يحتفظ دائما بعلبة عطر صغيرة  وفي زاوية جيب آخر بقطعة قماش ناعمة  مدسوسة في علبة سجاير فارغة لمسح حذائه اللامع دائما. بعد زلزال 2003 الذي أطاح بالنظام القديم, كما الآخرين , استبشر الأستاذ تعبان  بالوضع القادم خيرا ..

    لا لأنه أفرط في التفاؤل بل لأن ظهره انحنى ولكثرة ما تعرضت للطباشير  كادت أن تنطفي عيناه فتقاعد ولم نعد نلتقي إلا أنني ذات ظهر  قائظ وبعد عقدين وجدته. مقابل جسر المحاكم تحت الجسر تجد صاحبك, قال لي سائق باص أجرة كان معلما ذات يوم . ولأن الحر كان شديدا, قصدت مرغما مظلة كاتب عرائض تحت جسر المحاكم.  تحتها تكوم رجل طعجته دواليب الحياة . كان الرجل محني الظهر أشيب الرأس.

     رفع  رأسه ..أزاح نظارته الطبية عن عينيه، وقدم لي الكرسي الوحيد قربه  قائلا :

    تفضل اجلس . .مثل جرس كنيسة دير رن الصوت في مسمعي. لم ادعه يكمل العبارة حينما هتفت بدهشة, من أستاذ عبد الأنيق ؟ هكذا كنا نطلق عليه . عن اي أناقة تتحدث يا بائع البراغي بألم مرير  قال ضاحكا . كل شيء في زميلي عبد تعبان  كان قد تغير عدا صوته  المميز  , يا الهي, ماذا فعلت بالناس سنيننا العشرون العجاف ! 

     كان الرجل  مطعجا مثل صفيحة  لعب بها صبية عابثون في يوم مطير .  بلهفة , استنهض عبد همته  لعناقي .

    ــ اين أنت يا صاحبي وأين تسكن الآن ؟ 

    ــ اسكن بيت الصفيح ذاك المهدد  بالتهديم لأنه حواسم , قال  ثم توقف اذ داهمته موجة سعال حاد .  ذات الرئة اللعين قال ثم اطرق . قطعت عجوز حديثنا وعزته قائلة , البقاء في حياتك الموت ارحم لطفلك يا حاج , كلنا سنرحل ذات يوم .شكرا يا حاجة. قال .منذ ثلاث سنين  لهذ العجوز قضية سخيفة  لم تحسم قال لي .

    ــ بم عزتك ؟ 

    ــ بوفاة ابن التهمه مرض خبيث قبل أسبوع. كنت عاجزا عن الإنفاق على علاجه بعد أن بعت كل ما يصلح للبيع ..

    أردت تغيير الموضوع . حدثته عن قرب انفراج الأزمة و بشارة زيادة راتب التقاعد والضمان الصحي ودور السكن وعن قوانين رد اعتبار  الإنسان وان الخير يطرق الأبواب راجيا ان تفتح وعن حكومة العدل الالهي الموعودة !

     ضحك وقال متى صرت تصدق وعود الحكومة  ؟ 

     وقبل ان اجيب ارتبك الأستاذ عبد تعبان و على عجل لملم بعض أوراقه حينما رأى  مفرزة إزالة التجاوزات تحطم  بسطات كتاب  العرائض !!


    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة .. بعناوان : مخلوق كان يوما معلما ..للأديب العراقى الكبير عيسى عبد الملك Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top