( كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ).
بهذه
الكلمات العظيمة تثبت أم المؤمنين خديجة قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
حدثها بشأن المَلك الذي نزل عليه بغار حراء، حيث قال لها معبرًا عن خشيته: "لقد
خشيتُ على نفسي".
إنها
تتحدث إلى زوجها كطبيبة نفوس، وكفيلسوفة فكر، وكعالمة في سنن الله ونواميسه في
الخليقة.
إنها
بكلماتها تلك تسبق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي
مصارع السوء، والآفات والهلكات..." .
اسمعْنَ
يا نساء اليوم أمهات، وزوجات؛ اسمعن إلى موقف هذه المرأة العظيمة، المرأة الصالحة،
انظرْنَ إلى موقف خديجة مع زوجها حين أتاها مرعوبًا وقفت موقف الطبيب، ولم تسمح أن
يدخلها ريبةٌ في زوجها، لا كما يفعلنه نساء اليوم إذا أتاها زوجها، ويلك ماذا
صنعت؟! ما المصيبة التي قد أتيت بها؟! ومن هذا الكلام الذي يزعزع الثقة، ويزيد من
هم المهموم!
"كلا
والله ما يخزيك الله أبدًا"، كلمات راسخة في التاريخ تعد من أكثر مصادر
الإلهام بالنسبة لكثير من النساء ربات البيوت على مدار التاريخ، ومدرسة للزوجات
لتعرف النساء من بعدها كيفية التعامل مع الزوج.
هذه
المرأة أول بذرة في البيت النبوي، وأول امرأة جمعها مع النبي صلى الله عليه وسلم
سقفٌ واحدٌ، والله عز وجل إذا أراد أن يصطنع أحدًا لأمر عظيم هيَّأ له الأسباب
التي ينال بها ذلك الأمر العظيم.
فحق
لها أن تحظى منزلة لم تنلها امرأة غيرها .
روى
البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أتى جبريل النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتَتْ، معها إناء فيه إدام، أو طعام، أو
شراب، فإذا هي أتتك، فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنِّي، وبشِّرها ببيت في الجنة
من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب"
إن
الحديث عن هذه المرأة المؤمنة رضي الله عنها حديث يجب أن تسمعه كل امرأة اليوم،
وأن تسمعه كل نسائنا، وزوجاتنا، وبناتنا، وأخواتنا كي تكتسب المهارة المطلوبة في
التعامل في البيت كأمٍّ وبنت، وزوجة حتى تتحقَّق السعادة المجتمعية، وحتى تستطيع
المرأة أن تكتسب أمورًا في حياتها وتعاملها مع زوجها، وتكسب الفهم الصحيح،
والتعامل السليم، والعقل الحكيم، فخديجة لم تكن في حياة رسول الله إلا سعادة،
وسندًا، وحضنًا دافئًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكوني
أيتها المؤمنة مقتديةً بمثل هؤلاء العظيمات اللائي سطَّرْنَ للتاريخ أسمى وأرقى
صور التعامل في الأسرة والحياة الزوجية، ولتجعلي من هذه المرأة قدوةً ومدرسةً لكِ،
فأعظم القدوات هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو القدوة المطلقة.
فرضي
الله عنها وأرضاها، وجعل الجنة متقلبها ومثواها، وهكذا فلتكن النساء أو لا يكن، لا
كما تكون عليه بعض نساء عصرنا وما أكثرهن! ترد الصاع صاعين، والكلمة كلمتين، وترد
المليح بالقبيح، والحسنة بالسيئة، تكفر العشير، ولا ترضى باليسير، ترد الموجود،
وتتكلف المفقود، وهذا من عجائب الدهر.
0 comments:
إرسال تعليق