قبل ان اكتب منشوري
أحب أن أقول انه يؤسفني انني وفي كل عام عندما أكتب عن مقتل الحسين عليه السلام يدخل
علي أصدقاء على الخاص وخصوصا من الدول العربية يسألونني
اســــــــــــتاذ
هل أنت شـــــــــــيعي !!؟؟ بصراحة أنا أستغرب لهذا السؤال الذي يحزنني بنفس الوقت
فأقول أن ما حدث في واقعة الطف هو شئ تاريخي وحدث تاريخي عظيم وجريمة كبرى وهي ليس
ابتكار شيعي !!! وهي ليست قصة ألف ليلة وليلة !!! هي حدث عظيم اهتزت له السماء واحمر
لونها لبشاعة ما حصل فيها لأكبر جريمة في التاريخ وهي اكثر مما ان تذكر في الكلمات
لذا يجب ان نذكرها بكل ما اوهبنا الله من علم وثقافة وارادة وحب للحسين وآل البيت عليهم
السلام ونحن محاسبين على العلم والثقافة اذا لم نعطيها حقها التوجيهي والتاريخي وأدراك
الحق وأحقاقه لرد الظالمين المتقاعسين عديمي الأيمان وعديمي الانسانية لذا كل ماحل
بنا كعرب ومسلمين نتيجة هذه التفرقة وقلة الوعي والثقافة والدين وللأسف الشديد !! لذا
اكتب من داخل قلبي وروحي وبكل ارادة وبكل ايمان وبكل عشق حسيني عن واقعة الطف العظيمة
التي هي عبارة عن انتصار الدم على السيف وهي مدرسة الجهاد والتحدي ومهما كتبنا عنها
لا نعطي حقها من الجهاد والكرامة والايمان والصبر والتضحية لأجل استمرار هذا الدين
.. إن كان دينُ محمّدٍ لم يستقم إلّا بقتلي، فيا سيوف خذيني .. لذا واجبنا الديني الايماني
الرباني والانساني وواجبنا العلمي الثقافي الديني يتحتم علي ان أكتب وأكتب و أكتب عن
هذه المناسبة والى يوم أربعينية الحسين علية السلام ولا يهمني من يمتلك قلب كالصخر
وعقل كالبهائم . ان واقعة الطف حدثت فيها أكبر جريمة على وجه الأرض منذ وقوع أول جريمة
على الأرض وهي مقتل قابيل لأخية هابيل اولاد آدم عليه السلام والى الأن . رغم أن في
العراق منذ سنيين طويلة في كل يوم واقعة طف بسبب التفجيرات الارهابية والاغتيالات على
المواطنين الأمنيين جراء أجرام التكفيريين الدمويين . ولكن رغم ذلك ما حدث في واقعة
الطف عنوان آخر وذلك لأأن من استشهدوا في المعركة وتم قطع رؤوسهم والتمثيل بجثثهم هم
عائلة واحفاد رسول الله . هم آل بيت رسول الله . نعم تعجز الكلمات وتبقى حائرة عن ما
حدث في واقعة الطف العظيمة من هول عظيم وتجاوز كبير على آل بيت رسول الله وتعجز الكلمات
عن وصف بسالة وشجاعة وتحدي وصبر وصلابة وقوة لشهداء الطف من اجل الاستشهاد في سبيل
الله . ومن اجل اعلاء كلمة الاسلام .ومن أجل رد الظالمين وعدم الخضوع لهم . ولم يشاهد
الناس في جميع مراحل التاريخ أشجع، ولا أربط جاشاً، ولا أقوى جناناً من الإمام الحسين
(عليه السلام).فقد وقف يوم الطف موقفاً حيَّر فيه الألباب، وأذهل فيه العقول، وأخذت
الأجيال تتحدثُ بإعجاب وإكبارٍ عَن بَسَالَتِه، وصَلابة عَزمه وقد بُهِر أعداؤه الجبناء
بقّوَة بَأسه. فإنَّه لم يضعف أمام تلك النكبات المذهلة التي أخذت تتواكب عليه، وكان
يزداد انطلاقاً وبشراً كلما ازداد الموقف بلاءً ومحنة. فإنَّه بعد ما فقد أصحابه وأهل
بيته (عليهم السلام) زحف عليه الجيش بأسره، وكان عددهم ثلاثين ألفاً. فحمل عليهم وَحدهُ
وقد مَلَك الخَوفُ والرُعب قلوبهم، فكانوا ينهزمون أمامَه كالمعزى إذا شَدَّ عليها
الذئب وبقي صامداً كالجبل، يتلقى الطعنَات من كل جانب، ولم يُوهَ له ركن، وإنما مضى
في أمره استِبْسَالاً واستخفافاً بالمنية. نعم قتلة الحسين عليه السلام. قاموا بفعلتهم
من اجرام وقتل الحسين بن علي ومن معه من اجل محو اسمة ولكنهم بقتله احيوا ذكره الى
قيام الساعة . وجعلوا له عشاق حسينين وكل انسانيين يذكرونه في كل ذكرى ويذرفون الدموع
شوقا وحبا وعشقا للحسين ومن معه في واقعة الطف العظيمة والى قيام الساعة . وقد تجسدت
خصاله الكريمة وسجاياه السامية في مختلف الميادين والمواقف في ثورة الطف ، منها رفضه
القاطع مبايعة يزيد ، فخرج من المدينة وامتنع عن مبايعته حتّى في أقسى الظروف التي
مرّت به في كربلاء من حصار وعطش ومختلف التحدّيات، بل استقبل الموت بعزّة وشموخ، وكانت
سمات هذه الثورة الحسينية هي الإيثار يعني الفداء وتقديم شخص آخر على النفس ، وبذل
المال والنفس والنفيس فداءً لمن هو أفضل من ذاته. وفي كربلاء شوهد بذل النفس في سبيل
الدين ، والفداء في سبيل الإمام الحسين عليه السلام ، والموت عطشاً لأجل الحسين عليه
السلام ورسمت ملحمة كربلاء، منذ انطلاقها وحتّى مراحلها الأخيرة، مشاهد تتجسّد فيها
معالم الشجاعة بشتّى صورها ، لذا هي عبارة عن انتصار الدم على السيف وهي نتيجة لما
يتحلّى الحسين عليه السلام وأسرته من شجاعة حصّلوا على أكبر عدد من أوسمة الشهادة.
وقال عليه السلام لما عرضوا عليه الإستسلام والبيعة : « لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء
الذليل ، ولا أفرّ فرار العبيد وفي كربلاء حينما خيّروه بين البيعة أو القتال ، قال
: « ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ؛ بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا
الذلّة ، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنين وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية
من أن نُؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام »وعند اندلاع معركة الطفّ كان يكرّ على صفوف
العدوّ مرتجلاً . وواقعة كربلاء كانت عنوان الثبات والصبر والصمود والمقاومة ، ومجابهة
العوامل التي تعيق الإنسان عن بذل مساعيه في سبيل هدفه ، إضافة إلى تحمّل المصاعب والشدائد
في سبيل أداء الواجب وإحراز النصر حتّى أضحت سبباً لمجد وخلود تلك الملحمة ، وكما قال
أمير المؤمنين عليه السلام : « الصبر يهوّن الفجيعة »، فقد هانت بعين الحسين عليه السلام
هذه المصيبة الجسيمة بفعل الصبر والصمود الذي تجسّد في يوم عاشوراء ، لقد أنزل الله
تعالى عليه الصبر بقدر التحديات والمصائب التي ألّمت به ، وصدق الإمام الصادق عليه
السلام « إن الله ينزل الصبر على قدر المصيبة » وعلّم درس الصبر للنساء لعلمه باتصافهنّ
بالرّقة وسرعة الجزع عند المصيبة ، فقد جمع أخته زينب عليها السلام ونساءه ودعاهن إلى
الصبر والتحمّل قائلاً : « يا أختاه تعزّي بعزاء الله ، فإنّ سكّان السماوات يفنون
، وأهل الأرض كلّهم يموتون ، وجميع البريّة يهلكون ، ثمّ قال «يا أختاه يا أمّ كلثوم
، وأنت يا زينب وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب ، انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليَّ جيباً
، ولا تخمشن عليَّ وجهاً ، ولا تقلن هجراً » وكانت عاشوراء ساحة وفاء من جهة ، وغدر
من جهة اُخرى ، وضرب العباس بن علي عليه السلام مثلاً في الوفاء ، فقد رفض كتاب الأمان
الذي عرضه شمر بن ذي الجوشن عليه. ولم يترك أخاه الحسين وحيداً ، وقدم أخوته الثلاثة
فداءً له. نعم ان الحسين عليه السلام ومن معه لم يخاف من الموت ومن القتلة المجرمين
ولم ترهبه الدماء التي سالت كأنهار جارية وهو الذي صبر على طعن الرماح، وضرب السيوف،
ورمي السهام حتى صارت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ، وحتى وجد في ثيابه مئة
وعشرون رمية بسهم، وفي جسده ثلاث وثلاثون طعنة برمح وأربع وثلاثون ضربة بالسيف وهذا
ما هو الا انتصار الدم على السيف . وانتصار الارادة والتحدي والعزم ومن اجل عدم الخضوع
والذلة للقتلة الظالمين المجرمين ومن اجل الشهادة واحياء ذكرها ما دمنا في الحياة والى
قيام الساعة .
0 comments:
إرسال تعليق