مرت السنون وتعاقبت منذ قيام انتفاضة 25 يناير المجيدة ؛والتى لم تكن ثورة ..فالثورة تعنى :التغيير إلى الأفضل ؛ومنذ قيامها وحتى الآن والتغيير إلى الأسوأ ؛مما أصاب فئات المجتمع بكل طوائفه بحالة من الإحباط ؛فالذين شاركوا فى انتفاضة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيه ..يصبون جام غضبهم على اشتراكهم فيهما ؛أما المواطن البسيط فيلعن ثورات الربيع العربى ؛لأنها لم تأت بالأفضل ؛بل جاءت بالسواد الحالك سياسياً –وهذا لا يعنيه-ومعيشياً وهذا مربط فرسه ..فالتدنى فى المستوى المعيشى ظاهر للعيان ؛حتى لو خرج أعضاء الحكومة الفاشلة وكرروا نفس نغمة آخر حكومة فى عهد المخلوع وهى قياسهم ترف المواطن بامتلاكه موبايل وثلاجة فى بيته ؛ولا يعلم ان هذا تطور طبيعى للكون .
فالثورة كما كتبنا
آنفاً أنها تعنى التغيير إلى الأفضل من وجهة نظر القائمين بها ؛ولو قارنا بين الثورتين
23 يوليو و25 يناير ستكتشف عزيزى القارىء بنفسك الفارق الرهيب بينهما ؛وسألقى نظرة
بسيطة من وجهة نظرى المتواضعة عن الفرق بينهما .
للأسف قامت انتفاضة
25 يناير من اجل مطلب واحد وهو إقالة وزير الداخلية-الذى صدر ضده حكماً وقتها وهرب والسلطات كانت لا تعلم مكانه وفجاة
ظهر وتمت محاكمته وتبرئته ..ليس هذا فقط ولكنه يجلس ومعه حراسه فى الساحل
الشمالى..يا حبيبتى يا مصر- ووسط التنازلات من القيادة السياسية للمنتفضين على سقف
المطالب ؛فكانت المطالبة بسقوط النظام.
هنا التغيير كان
عشوائيا وليد الصدفة"تنازلات النظام وقتها؛وترتب على هذا أن حكمنا الإخوان لمدة
عام ؛وخرجنا عليهم ؛وجئنا بالنظام الأسبق؛كل هذا ترتب عليه آثاراً ضارة بالمجتمع حاضره
ومستقبله بحكم افتقاده لأهداف واضحة وعدم ارتكازه على أسس قوية؛سيخرج علينا بعض الثوار
ويقول أننا وضعنا أهدافنا من الثورة على حد قولهم وهى (عيش وحرية وكرامة إنسانية وعدالة اجتماعية واستقلال وطنى)الأخيرة
لم تظهر إلا فى برنامج حمدين صباحى الإنتخابى
وكانت سببا فى عدم نجاحه وهى "الاستقلال الوطنى".
أما الأوليان
(عيش حرية كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية) فكانت وليد الصدفة فى الـ 18 يوماً بميدان
التحرير.فالأهداف لم تكن واضحة ولم ترتكز على أسس قوية.ناهيك عن عدم وجود قائد لها.
وما دام التغيير
كان منقوصاً معتمداً على جانب واحد فى العملية السياسية دون ان يشمل باقى الجوانب ؛فإنه
أصبح خطوة لم ندرك ما يليها من خطوات ،وتحول هذا التغيير إلى وسيلة لتحقيق مصالح ذاتية
للمشاركين فيه –إلا من رحم ربى-سواء أفراد أو جماعات أو فئات فى المجتمع..فكانت الثورة
وموجتها عشوائية ومنقوصة وغاب عنها المضمون الحقيقى للثورة.
أما ثورة يوليو
لم تكن وليدة حادث عارض – كما كانت يناير – ولكنها حلقات متصلة من مراحل الكفاح الوطنى منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين،واستوعب
الزعيم الخالد جمال عبد الناصر التاريخ بعمق ،وتولدت فى نفسه بذور الرغبة فى التغيير
من واقع عايشه واصطدم به فى ظل الاحتلال الإنجليزي وفساد القصر وسيطرة طبقة محدودة
على مصادر السلطة والثروة فى المجتمع المصرى.
والتجارب التى
مر بها الزعيم كان أبرزها حادث الرابع من فبراير
عام 1942 عندما فرضت دبابات الإنجليز تولى مصطفى النحاس رئاسة مجلس الوزراء وحرب فلسطين عام 1948 عندما تحالفت قوى الصهيونية
مع سلطة الإنتداب البريطانى للاستيلاء على فلسطين،وكانت صورة الأوضاع فى الدول العربية
تتطابق مع ما يحدث فى مصر من فساد وتآمر.
وأسفرت كل هذه
التجارب عن الاقتناع بضرورة التغيير وكان على الزعيم ورفاقه اختيار الطريقة المناسبة
؛فكانت ثورة 23 يوليو التى لم تسل فيها نقطة دماء واحدة.وكان لها قائد.
فى المقال القادم
نكتب عن عدونا الواضح للعيان وهو "الشك"فانتظرونا.
0 comments:
إرسال تعليق