ما أشبه الليلة
بالبارحة ..مع اختلاف الوضع ،ولكنها الأزمة الإقتصادية الطاحنة وحالة اللامبالاة التى
تنتاب الشعب واليأس..فيا لمفارقات القدر ومن يقرأ التاريخ جيدا يخرج من أزمته سالماً
فمهما طال الزمن ؛سيظل الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر هو "التيمة" التى
يبحث عنه المواطن المصرى خاصة والعربى والإفريقى والعالمى عامة.
فهذا الرجل كلما
قرات عنه ازددت يقيناً أننى أمام "قديس" وكلما قارنت بين الماضى الذى يمثله
والحاضر الذى اعيشه ؛أترحم عليه رحمة واسعة.
وهذا دفعنى لعقد
مقارنة بسيطة للخروج من الأزمة التى تعيشها مصر الآن ؛وكثر فيها المنافقون الذين جعلوا
المال هدفهم وليس حب الوطن والإنتماء إليه ؛والمدهش انهم كثر وكنا نستمع إليهم فى يوم
من الأيام وكنا نظن انهم مناضلون ؛ولكنهم سيصبحوا فى مزبلة التاريخ ؛وستلفظهم الأجيال
الحالية والقادمة ،ولكن هناك مناضلون مظلمون ..ظلموا أنفسهم وظلمهم أبناء جيلهم وظلمهم
الشباب وحتى الشعب نفسه ظلمهم!!وكانت النتيجة كما نشاهدها اليوم "لا بديل"
وماتت المعارضة ..والجميع يقف على حافة الطريق يتحسر!!
أعود للمقارنة
بين الأمس وتمثله هزيمة 1967 وبين اليوم وتمثله قيام ثورتين لتحقيق أهداف سامية ؛ولم
يتحقق شيئا.
فأمس بعد هزيمة
67 كانت الحالة النفسية للشعب المصري بشكل عام وللحكومة المصرية بشكل خاص في وضع حرج
للغاية، حيث تجرع الجميع مرارة الهزيمة والانكسار ، ولكن سرعان ما ظهرت القوى الوطنية
بالبحث عما يعيد البسمة والثقة في النفس.
وبالفعل قامت بالبحث
عما يعيد إلى مصر سمعتها و كرامتها من خلال إعادة تكوين المشاعر الوطنية للمصريين وأيضا
سرعة تواجدهم على الساحة العربية والدولية حيث أن الصدمة للشعب المصري كانت شديدة جدا
اهتزت لها كافة الطوائف وزلزلت القيادة السياسية زلزالا شديدا لدرجة أن أعلن الزعيم
جمال عبد الناصر التنحي عن الحكم ،ولكن كانت وقفة الشعب مع قائده رائعة على كل المستويات
– مما أعاد للقيادة السياسية توازنها سريعا ووجهت الحكومة عدة نداءات إلى القادرين
للمساهمة في إزالة آثار العدوان وإعادة تسليح الجيش المصري المنهار تماما وقتها.
واليوم ..منذ تولى
المشير عبد الفتاح السيسى الحكم والشعب كله ورائه وكل مؤسسات الدولة معه ؛ولكن الرؤية
غائبة وبالتالى أدت إلى تخبط الحكومة ؛ناهيك عن اعتماده بصفة أساسية على الجيش فى كل
المشروعات المدنية ؛وبدلا من قيامه وحكومته باصلاح الجهاز الإدارى بالدولة والقضاء
على الفساد المستشرى فى كل مؤسساتها والقضاء على دولة المحاسيب اعتمد على الجيش ؛وانا مشفق على جيشنا من تلك المهمة
الثقيلة ؛ فكانت النتيجة القضاء تماما على الطبقة الوسطى ؛بسبب الغلاء الفاحش وعدم
معرفة القائمين على الحكم إن كانت الدولة رأسمالية أو اشتراكية ؛فالإحتقان يزداد يوما
بعد يوم ،وبعض رجال العمال يهربون ولا يساعدون فى انعاش الإقتصاد ومن تبقى منهم يستثمر
امواله فى الهيافات!!
وعلى المستوى الثقافى
وتحديدا الفنى والأدبى والمسرحى بعد نكسة 67فبقدر ما فجرت النكسة الألم والمرارة والدهشة
أيضاً في نفس المواطن المصري بل والعربي أيضاً بقدر ما كانت فرصة هائلة لعدد لابأس
به من كتاب المسرح ومخرجيه للتعبير عن هذه الأزمة بصورة مكثفة وصادقة إلى حد ما وإن
اختلفت درجة صدقها تبعاً لوجهة نظر الكاتب المسرحي في ذلك الوقت فكان ثمة انتعاش للحركة
المسرحية على المستوى المصري.
فكان لنكسة يونيو
أثرها في المسرح السياسي وطرحت أنواعاً من المسرحيات التي تؤلم وتعذب الذات العربية
وأيضاً ساعدت إلى حدٍ كبير في إبراز الشخصية النضالية للإنسان الفلسطيني الذي يعانى
ويتألم فأصبح في معظم الأعمال المسرحية صاحب قضية يعي أبعادها وقد اكتشف الطريق الذي
يوصله لتحقيق أهدافه لاسترجاع حقه ومن هذه الأعمال التي أبرزت هذه الصورة المسرحية
التسجيلية (النار والزيتون) لألفريد فرج ،(حفلة سمر من أجل 5 حزيران) لسعد الله ونوس،
والتي كانت بمثابة استجابة تسجيلية لنكسة يوليو 1967، كذلك مسرحية (الجندي المجهول)
لغسان مطر والتي تشير للانتكاسة العربية من جراء حرب 1967.
ومثلت النكسة نقطة
فاصلة في حياة كثير من الشعراء ومثقفي مصر وقتها ومنهم الشاعر أمل دنقل فهزت النكسة
دواخله وأخرج رائعته “البكاء بين يدي زرقاء اليمامة” والتي كتبها بعد النكسة بأيام
“أسأل يا زرقاء، عن وقفتي العزلاء بين السيف والجدار”! عن صرخة المرأة بين السبي. والفرار؟،
كيف حملت العا، ثم مشيت؟ دون أن أقتل نفسي؟! دون أن أنهار، ودون أن يسقط لحمي. من غبار
التربة المدنسة، تكلمي أيتها النبية المقدسة، تكلمي. بالله. باللعنة. بالشيطان، لا
تغمضي عينيك، فالجرذان تعلق من دمي حساءها ولا أردها!، تكلمي. لشد ما أنا مهان”.
كما ظهرت تجربة
مصرية تحريضية اتصلت اتصالاً مباشراً بالمواطن المصري العادي وكان لها دورها وصداها
المؤثر في جبهتنا الداخلية في ظروف ما بعد نكسة يونيو 1967 وهى تجربة (مسرح القهوة)
التي قدمها ناجى جورج. وبرغم أن مسرح ما بعد النكسة قد غلبت عليه سمة حساب النفس وتصحيح
الأخطاء وتعذيب الذات العربية إلا أنه قد واكب التطورات السياسية فيما بعد وأعمال المقاومة
الفلسطينية حتى أطلق على مسرح هذه الفترة (مسرح الغضب).
فالنكسة
أحدثت نقلة كبيرة في طريقة الكتابة الإبداعية، وظهرت سمتين أساسيتين في الكتابة
أولها سمة التشظى والإغتراب، فالشعر كان له دور فعال في توثيق هذا الحدث، وكانت تجربة
أمل دنقل في ديوان “التعليق على ماحدث”، وديوان نزار قباني “هوامش على دفتر النكسة”.
وكان هناك اتجاها
آخر تناول الحديث عن النكسة من خلال تأثيرها على الشخصية المصرية وتجلى ذلك في رواية
“بحيرة المساء” لإبراهيم أصلان، حيث كان بطلها شخصية سلبية مهمشة تعانى من الكثير من
الانكسارات، كما كان لأعمال صنع الله إبراهيم تناول لهذا الجانب من خلال روايتيه “نجمة
أغسطس” ، “تلك الرائحة”، بالإضافة لرواية علاء الديب “زهر الليمون” التي كان بطلها
شخصية بدت تمارس سلوكيات حياتها بنوع من الإكراه أو بشكل آلي.
وكان أدب نجيب
محفوظ هو أكثر ما تناول الحديث عن النكسة وظهر ذلك في روايته “خمارة القط الأسود”،
“ميرامار”، “ثرثرة فوق النيل”، وروايتين لتوفيق الحكيم وهم “بنك القلق”، “الصفقة”.
وتأثير نكسة
1967 في الأدب المصري لم يظهر ـ بكل أبعاده ـ إلا متأخرا. في حينه اقتصرت النكسة ـ
تقريبا ـ على وقائع الهزيمة العسكرية والسياسية ومحاولة التصدي لها بحرب الاستنزاف
وحشد القوى لتصحيح أخطاء النظام. أما اختمار نتائج النكسة، خاصة في المجالين الروحي
والنفسي، وهما مادة الإبداع الأدبي، فقد استلزم وقتا طويلا، لتصبح الهواجس، والشكوك،
والأسئلة شيئا من صميم الروح المصرية. لكن ظهور آثار النكسة كان أسرع في المجال الأيديولوجي
والسياسي والثقافي بمعناه العام. ولهذا برزت مبكرا عام 1974 دعوة توفيق الحكيم في
“عودة الوعي”(1) لمراجعة حصاد مواجهة الاستعمار بفكرة رئيسية هي أن المواجهة بلا جدوى،
ولا فائدة، وأن هذا هو الدرس المستفاد من نكسة يونيو 67. والنتيجة المنطقية المترتبة
على تلك الفكرة هي أنه لا مفر من القبول بشروط العدو، ولا مفر من الصلح معه.
تعالى اليوم
..افرزت الثورتين أسوأ ما فى المسرح والسينما وخلقت نوعا جديدا من الكتاب النص كم وممثلين
يدعون صراحة إلى البلطجة والمخدرات والجنس ؛والمتحكم فى سوق السينما أولاد السبكى ؛ولم
يعد هناك ناقد ينقد اللهم إلا طارق الشناوى ؛فرسخت تلك الأفلام لخدش الحياء والبلطجة
وظهر فيها ممثلون مثل محمد رمضان (الألمانى- بشلة وغيرها من السماء)التى اصبحت مثلا
أعلى لغلمان لم يخط "شنبهم" فى وجههم بعد.
وتصدرت المشهد
ثقافة التوك توك ولم تعد المقاهى منبراً لمناقشة الأمور السياسية ،ولكنها أصبحت مستنقعاً لشرب المخدرات بكافة أنواعها
.
ولم يظهر لنا شاعر
مثل امل دنقل ليكتب لنا ؛اللهم إلا الشاعر فاروق جويدة كل فترة على استحياء وتفرغ للشعر
العاطفى وليس الشعر السياسى..وكل هذا طبيعى لغياب مشروع قومى نلتف حوله ؛وللاسف مشروعنا
القومى الان ما اقترحه ياسر رزق رئيس مجلس إدارة جريدة الأخبار والوزير سامح عبد العزيز
وزير الشباب والرياضة ويتم تنفيذه الان فى محافظات مصر وهو مشروع "الزبالة"
حلوة يا بلدى"!!
ومن ناحية الإقتصاد
بعد النكسة ..كانت الخسائر الاقتصادية التي ترتبت على حرب 1967 فادحة، وكان لا بد من
امتصاص آثارها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً. والذي مكن من ذلك حينئذ وحتى نصر أكتوبر
1973 هو الوضع الجيد نسبياً الذي انطلق منه الاقتصاد المصري عام 1961. فضلاً عن سيطرة
الدولة على الاقتصاد في ذلك الحين. وبالتالي تمكنت مصر من أن تقوم بعملية تعبئة للإعداد
لحرب أكتوبر 1973، بالاعتماد على القدرات الاقتصادية والحيوية للدولة.
ففي إطار ترشيد
استخدام الموارد وتحويل جزء منها للأغراض العسكرية، اتخـذت الحكومة المصرية العديد
من الإجراءات للحد من الاستهلاك، وتعديل الميزانيـة، ورفع أسعار بعض السلع والخدمات،
وفرض ضرائب إضافية، وزيادة نسب الادخار الإجباري للعاملين المدنيين، خاصة وأن الزيادة
في النفقات العسكرية لم تصاحبها زيادة في الموارد الكلية، بل أن كثيراً من موارد الدولة
قد اعتراها النقص مثل:انخفاض إيرادات القطاع العام نسبياً وانخفاض إيرادات السياحة
وتوقف إيرادات قناة السويس وتوقف إيرادات صادرات بترول سيناء- ركزوا معى فيما أكتبه.
فتأثرت الطاقة
الإنتاجية بسبب الحرب بالذات في منطقة القناة، مما أدى إلى تهجير سكانها، ونشوء الحاجة
لموارد إضافية لإعادة تسكينهم بعيداً عن المناطق العسكرية وانخفضت حصيلة بعض الضرائب
نتيجة للتراخي في بعض فروع النشاط الاقتصادي، ولذلك اتجهت ميزانية 1967/1968 إلى تخفيض
الإنفاق الجاري المدني، والحد من الإنفاق الاستثماري ليصل إلى 12 % من الناتج المحلي
الإجمالي، وزيادة الإنفاق العسكري إلى 718 مليون دولار..لننا فى حالة حرب- (وهذا الاتجاه نحو زيادة النفقات العسكرية استمر
خلال الفترة من 1968 – 1974 بملايين الدولارات على النحو التالي (740 – 1263 –
1442 – 1320 – 1829 – 2295) وبالتالي تأثرت معدلات النمو والاستثمار والادخار. (انخفضت
إلى حوالي 3 % سنوياً في الفترة 1967 – 1973، وإلى حوالي 8 % من الناتج القومي عام1973،
ولكن ما يجب أن يذكر في الجانب الاقتصادي، أنه وفي ظل النكسة حافظت مصر على نسبة النمو
الاقتصادي قبل النكسة والتي بلغت 7% حسب تقرير البنك الدولي رقم «870 أ» عن مصر الصادر
في واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976.
بل أن هذه النسبة
زادت في عامي 1969 و 1970 وبلغت 8% سنويا. كانت تلك النسبة للنمو الاقتصادي في مصر
لا مثيل لها في العالم النامي كله حيث لم يزد معدل التنمية السنوي في أكثر بلدانه المستقلة
خلال تلك الفترة عن اثنين ونصف في المائة بل أن هذه النسبة كان يعز مثيلها في العالم
المتقدم باستثناء اليابان، وألمانيا الغربية، ومجموعة الدول الشيوعية.
فالهزيمة تركت
أجواء أدت إلى بداية إصلاحات على المستوى الداخلي وخاصة في عامي 68 و69 عندما صدر ميثاق
العمل الوطني، وهى أحداث أدت إلى خلق مناخ من تصحيح المسارات والأخطاء، وكان من نتاجها
الوصول إلى انتصار 73.
اما الآن ..لا
أجد كلاما اكتبه ..رجل فى حالة حرب وصندوق النقد يمدحه بعدما رفض قرضه ويشيد باقتصاده
وهو فى حرب الإستنزاف وبناء الجيش..ويعد العدة لحرب 73 ..هذا رجل صاحب رؤية وكان يعلم
ما يفعله .
ولكن حكومتنا الآن
تستجدى الأموال من دول الخليج وترضخ لشروط صندوق النقد وتذبح الفقير وتبيعه فى مزاد
علنى للموتى بسبب ضيق الحال ..لا...لا..لا..لا ..وجه للمقارنة!!
ولو تحدثنا عن
الحالة المزاجية للشعب المصري عقب النكسة نقول ان الشخصية المصرية تعرضت منذ عام
67 للعديد من التغيرات ما بين الشعور بالإحباط والاكتئاب، وتميزت بالترابط العميق واختفاء
النزاعات والخلافات الشخصية، وتوحد الجميع على كلمة وهي الوصول إلى النصر وهزيمة العدو
المحتل للأراضي المصرية، فالحالة المزاجية للمصريين أثناء نكسة 67 جعلتهم يلتفون حول
القائد والزعيم جمال عبد الناصر بسبب الظروف السيئة التي طالت البلاد، وطالبوا القائد
بالاستمرار في الحكم للخروج من تلك المعضلة السياسية فشهدت تلك الأيام ملحمة نادرة
بين الشعب والقيادة الحاكمة للبلاد، واستطاعوا تغيير الظروف من هزيمة إلى انتصار تحدث
عنه العالم اجمع.
اما الآن ..الأب
والأم والإبن ..فى بيت واحد مختلفون فى توجههم السياسى والإجتماعى ؛وظهرت ثقافة الجشع
واختفى الدين الذى نمارسه كشعائر فقط..فانعدام الرؤية وغياب العدالة وظهور دولة المحاسيب وحالة الفوضى وشظف العيش والغلاء الفاحش والبطالة
والإضطهاد السياسى..كلها أمور تهدم أعتى دولة فى العالم.
فى النهاية بقى
أن أقول ..الزعيم جمال عبد الناصر لا يشبهه أحد حكم فصدق فأمن فمات جسدا وروحا وعاش
فكرا بيننا .
فيا قوم أليس فيكم
رجل رشيد ينقذ هذا البلد!!
0 comments:
إرسال تعليق