عندما تتطلع بشغفٍ وشوقٍ دفتيّ الكتاب.. تجربة موت تتفاجأ مباشرةً وكأن ستار خشبة المسرح ينسدل .. لم تُشاهد شخوصاً تتحرك سوى صوتٌ من خلف الحجاب ينادي من الأعماق بحرقةٍ وألم.. يثير ويطلق أسئلة ويشكك ويُجيب ( نفس الصوت ) لكنه يخرج من أماكن مختلفة وكأن ذلك الصوت الذي تحسبه صوتاً واحداً يتشظّى إلى عدة أصوات تتجادل وتتصارع داخل نواة واحدة كالذئبين الأسود والأبيض اللذين يتصارعان داخل كيان وأعماق النفس البشرية أيهما تطعمه أكثر يتبعك بتودد ويصبح خليلك ..
أسئلة فلسفية صوفية غرائبية تنمُّ عن تأزم نفسي وحديث النفس وتنافر واختلاف وصراع داخل حلبة مُحْكمة طرفيها العقل والقلب في مشهديه دراميّة تتعالى فيها الفلسفة بحوارٍ مونولوجٍ داخليٍّ غريب غير مألوف وكأن الكاتب طبيب جراح يدخل المختبر بمشرطِه الفضيّ يستمع إلى أعضاء الجسد الواحد وهي تدخل لعبة الحوار الشيق في روايته ( نهر الرمان – تجربة موت ) الصادرة من دار العرب, دمشق, سوريا, ط1, لعام 2022 ..
يعتبر العنوان أولى العتبات التي يقع نظر القارئ عليها قبل الولوج إلى النَّص وهو يتعلق بالفضاء التخيلي النابع من عمق تجربة الكاتب وخياله الخصب وقدرته الفنية في صقل وصياغة مفردة تتربع على الغلاف بصفتها دالةً على ما يريده الكاتب من معنٍ وهذا يُساهم بشكل فعال في تنويّر وفك الغموض ويشكّل نقطة جذب وتأثير وترغيب للمتلقي ..
استطاع الكاتب بأسلوب رائع الربط بين النهر والرمان والحقها بتجربة موت متجاوزاً المألوف من القول.. يرمز النهر كمفردة مجرده عن المضاف إليه ( الرمان ) إلى تدفق الحياة وديمومتها ولكنها تُحقق بإضافتها إلى كلمة ( الرمان ) مفهوماً مُغايراً لتُشَّكل بُعْداً فلسفيّاً ذا نزعة صوفيّة لأن الكاتب لم يقصد المفردة بمعناها المألوف وإنما باطن المعنى أي ما وراء المعنى وهوما يُميّز أسلوبه السرّدي عن سواه من الكُتاب والميّل إلى عنونة كالقُنْبلة الموقوتة الّتي تنفجر في أي لحظة حيث أنها ( العنونة ) تحتاج إلى قارئ نخبوي يخوض غِمار البحث والتحليل للوصول إلى المعنى القريب والموازي لما يَعنيه الكاتب وهو بذلك قد كسر أفق التوقعات لدى القارئ في عنونة تثير الفضول وفي ثنائية ضدية مع الشطر الآخر ( تجربة موت ) لتُشَّكل العنونة محور نقاش وتأمل وتفكير وتشير إلى باطن النَّص فقد " عُنيَّ كثير من العاملين في حقل النَّقد بسيميائية العنوان وبدوره في تقديم الخطاب وبتفاعله فيه باعتباره نصّاً موازياً فالعنوان طاقة حيوية مشفَّرة قابلة لتأويلات عدّة قادرة على إنتاج الدلالة "1.
عنونة " نهر الرمان " غرائبية في بُعْدها الميثولوجي الرمزيّ حيث إنه لم يٌردْ بها تلك الفاكهة المتعارف عليها والتي تم ذكرها في سور عديدة في القرآن الكريم كما في الآية 141 من سورة الأنعام ( وهو الذي أنشأ جنّات معروشات وغير معروشات والنّخل والزّرع مختلفا أكله والزيتون والرمّان متشابها وغير متشابه ) ورغم أنه كان يمثل في الديانة اليهودية رمزا للخصوبة والقداسة إلا أن الكاتب قد وضعها ( العنونة ) رمزاً شعريّاً يتجسد بصورة ابداعية تحمل عدة معانٍ وهي بمفردها تحتاج بحثاً تفصيلياً لاقترانها ب ( تجربة موت ) في ثنائية رائعة بين الحياة والموت التي طالما شغلت وحيّرت الإنسان لخوفه وجهله وقلقه من العالم الآخر ..
تناغمت لوحة الغلاف مع العنونة لإنسان بين الحياة والموت في رحلة غيبوبة وانفصال بين الروح والجسد ..
استهل روايته بتناص ( أراغون ) وقسمها إلى سبع بوابات كل بوابة تبدأ بتناص ( مقولة لكاتب وفيلسوف أو أغنية قديمة أو مثل أو ...) ..
النزعة الحوارية وتشظّي الذات
اعتمد الكاتب أسلوب الحوار المنولوج الداخلي في عدة صور .. يُثير الأسئلة والاستفهام والإثارة ويُحرك الأحاسيس في مُخيلة القارئ وتجعله يقف متأملاً كل فقرة حوار غير عادية وإنما طبْخت بخليطٍ فلسفيٍّ اجتماعيٍّ مُعاصر يُخاطب الروح ويُدغدغ الجسد وهو بذلك يكون قد خرج من السرّد التقليدي البسيط إلى سرّدٍ ذي مهارة عالية بتقنيةِ كاتب عارف بأدواته السرّدية وقادر على كسر القوالب الجاهزة ..
يبدو للقارئ في أول وهلة بأن الحوار داخلي مونولوج بحت لكن الكاتب بطريقةٍ حداثويةٍ استطاع ابتداع تقنية جديدة تنطلق من الذات والحوار الداخلي إلى تعدد الأصوات باختلاف الأيدولوجيات والأساليب والفلسفات من خلال انبعاث الصوت من جوارح وأعضاء الجسد الواحد حيث جعل لكل جزء من الجسد ( القلب, البدن, الرأس, الروح, النفس ...) لسان ينطق به بحوار متبادل ولم يحصر التحاور في شخصية واحده وإنما تتشظّى الأنا الفردية التي خاضت الصراع والتأزم النفسي ضمن حلبة صراع اجتماعي واقعي إلى الأنا الجمعية التي يشترك فيها البشر منذ الخليقة الأولى فإن الصراع قائم داخل النفس البشرية الأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي بين الضمير الحيّ ونزوات الجسد (النفس) بين العقل والقلب وتتأرجح بين السمو والدنو ..
وبذلك يكون الكاتب قد نجح في خلق جدلية فلسفية واقعية بين جوارح تتنازع داخل الجسد الواحد ولكنه صور لنا كل جزء من الجسد شخصية لها كيان وطريقة للتصرف والميّول والصوت لذا فإن تعدد الأصوات انطلق من جسد واحد كما في ( صفن الرأس الذي كان يعرف الكثير مما يريد .. ) ص12 من الرواية.. (ترد النفس الكدرة وغير العارفة إلى ماذا تأخذها المسافات ..) ص15.. ( يتململ الجسد .. فتضحك الروح .. ويقفز القلب مثل قرد .. ) ص23.. ( يقول القلب إلى أين تراك ذاهب؟ يقول الجسد- لا عليك فقط كن ترابعي. يقول القلب – أنت تريد تغيير قواعد اللعبة فالأجساد هي التي تتبع القلوب. يقول الجسد – ولم تعترض طوال وجودنا معا ... – محموم يهذي هذا هو أنت .. كف عن جنونك القلوب لا يمكن أن تتبع الجسد ..) ص27 .. وغيرها من الحوارات وبمهارة سرّدية عالية دخل عالم الرواية التجديدية الحداثوية من خلال تشييد أسس فنية جديدة وبتقنية المزّج بين عدة فنون أدبية وتوظيفها في البُنية السرّدية لكونها أكثر قبولاً وتذوقاً من قبل قارئ فطن مثقف فتجد في متن الرواية المشهدية والدراما والمسرح تارةً ضمن حلبة حوارية سرّدية وتارةً ترى الشخوص تتحرك خلال أزمنة وأمكنة متعددة بأسلوب الاسترجاع الذي ضمنه الفترة الزمنية دون ذكر تاريخ مُحدد وترك كشف ذلك للقارئ الذكي الفطن وكذلك يُمكن معرفة الزمن من خلال الألفاظ والجمل التي يوظفها الكاتب كما في ( - فاضل .. يا فاضل.. نعم سيدي ي .. ي ! – من ذاك الذي يجلس هناك آبه بالليل ؟ - هذا خالد عوده خلف !! – ومن يكون .. ولم يعوف موضعه ليجلس هناك ؟ - سيديييي .. خالد جن منذ اخترقت رأسه تلك الرصاصة.. ونحن نستخدمه لجلب الماء والأرزاق – ها فاضل .. عند طرة الفجر أريده عند الساتر الأول .- لكنه مجنون سيدي – فاضل لأنه مجنون لا بد أن يكون هناك ..) ص31..بتقنية الاسترجاع و من خلال ذلك الحوار تستطيع أن تُحدد الفترة الزمنية من طبيعة الكلام إلى فترة الحرب التي خاضها العراق مع إيران وذهب ضحيتها الكثيرين من الجنود بين ميت ومعوق ومجنون.. وبث أصوات عديدة بأفكار وسلوكيات وتصرفات مختلفة تُمثّل شريحة كبيرة من المجتمع الذي يعيش فيه ويُزّج القارئ في عالم الكشف والتحري عن الدلالات والمعاني وذلك أن " القارئ يمارس عملية التلقي والكشف عن الدلالات والمعاني والأبنية التي يحتويها النص الإبداعي في إطار التشابك والتفاعل بين القارئ والنص لا يمكنه أن يقدم قراءة أحادية, بل نراه يملك آفاقاً مفتوحة في كل زمان ومكان داخل سياقات معرفية وحضارية "2..
كما أن الكاتب قد أعتبر كل عضو في الجسد شخصية مستقله بصوتها ورأيها من خلال النزعة الحوارية التي أعطت للشخصية الحرية المناسبه في إظهار أيديولوجيتها بالتحرر من سلطة الكاتب فقد " منحت نفسها مساحة من الحرية داخل العمل الروائي, وبما إنها تخلصت من النزعة الايديولوجية للراوي فقد دخلت إليها الأصوات الأخرى لتعبر عن وعيها الخاص فاستطاعت إدخال ما يسمى بالرطانات واللغات الغريبة من خلال الأسلبة والتهجين والتضمين حيز الخطاب بل ودخل ذلك عمق المتكلم والشخصية داخل الرواية وقد منح ذلك عمقاً, استطاعت الرواية الرواية على أثره أن تعبر عن الوعي الفردي للراوي والشخصيات كلا على حده مما أدى إلى صياغة عالم يتناغم بأصوات مختلفة "3.
يُشييد الكاتب عالمه الخاص من ثيمة اجتماعية واقعية فيها من الحداثوية ما يُناسب ويُطابق ذهن وتفكير المتلقي ولا يبعده عن المنظومة الإنسانية ويجعله يستمع إلى حديث الجوارح الذي لم يألفه ويدخله إلى عالم غير محسوس, عالم طالما تخيله, مثل عالم الحساب يوم القيامة كما في قوله تعالى ( يَوْمَ تّشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَيْدِهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 4.
وصف لنا الحوارية الروحانية الفلسفية بطريقة العرض المسرحي بين القلب والروح بلعبة الاشتهاء والتجاذب والتنافر خلال انتقال وتكوين الجسد في مراحله المختلفة ومنْ كان يلقي الأوامر؟ ومنْ كان يستجيب؟ تاركاً للمتلقي الاندماج والالتحام مع الفكرة ومقارنتها مع حياته الخاصة وهو يتطلع إلى حديث القلب والروح ( يرد القلب – أهو .. ما هذا وقت خيار .. دعنا نحسم أمر ذكورتنا قبل حلول الظلام, ضحكت الروح بجذل وهي تقبل وجنته بحرارة جعلته يأخذها إلى حضنها المشتعل قلقا. – لا عليك .. جزعك لا مبرر له سنعود معاً لصنع ما ترغب فيه ..)ص40-41.
تمكن الكاتب في مغامرة سرّدية وجرأة غير معهوده في دخول عالم غريب يجهله الإنسان ويخافه هو عالم الموت أو عالم خروج الروح من الجسد بلغة بلاغية انزياحيه والولوج إلى عالم النفس البشرية المعقدة في خفايا وخبايا أي ما بعد المعنى الظاهر وهي أسلوب الميتا سرد الذي يتطلب قارئ نخبوي يستطيع فك الرموز وقراءة ما بين السطور للوقوف على المعنى المُقارب ..
.............................................................
الجزء الثاني:
اللغة الشعريّة واللهجة العامية
لم تُعدْ الصور واللغة الشعريّة والخروج والتمرد على المألوف محصوراً بالشعرِ وإنما تعدى ذلك إلى القصةِ والرواية باعتبارها من العناصر المهمة في تشكيل البنية السرّدية في العمل الروائي لما تتضمنه من تحريض وتحفيّز مُخيلة القارئ ودفعه دون شعور إلى دخول عالم مليء بالتلذذ والخيال والنشوة والإيقاع والتمتع بلغةٍ شعريّةٍ يتسامى فيها الوصف والمجاز والانزياح وتجلياته في السرّد فيمنح النص الأدبي الروائي قوة ورصانة وقد وردت في الرواية انزياحات كثيرة كما في ( تظل روحك تنفش ريش انهيارها, تكفّن بالقبول, يحتضن رجولته بحذر وما لبث أن يطشّها صارخاً, تتعرى أمام غربتك كل إناث القول, تلّم بقايا ليلك متعثراً, تظل المآسي تجلد كل خلايا الدم, انصت إليه مرتلا مزامير رضاه, هدوء توابعه الذين أفزعتهم المباضع, زحزحت عرش عزلتها, ...) ..
لم يكُ استخدام الكاتب للغةِ الشعريّةِ والمجاز على حسابِ تدفق وانسيابية حركة السرّد وإنما المساهمة في اضفاء الجمالية والرونق للبنية السرّدية وتشكيلاتها لما تتضمنه من تأثير مباشر في أحاسيس المتلقي وجذبه إلى عالم الرواية بكل شغف وتلذذ ..
ويتبين من خلال العبارات والصور الفنية والاستعارات اللغوية التي وظفها في بنائه السرّدي بأنه اعتمد التشخيص الدقيق والولوج إلى أدق التفاصيل في استنطاق أعضاء الجسد وتصارعها وتناغمها و تنافرها وتجاذبها في دائرة واحدة كسيَّلان الدم وتدفقه من القلب إلى بقية أعضاء الجسد الواحد بأسلوبٍ فلسفيٍّ يحتاج إدراك ووعي لحل التشابك داخل النص الروائي وفك شفَّرات الرموز والوصول إلى ما وراء المعنى فيمزج بكل براعة بين عدة أجناس أدبية ( الشعر والمسرح والغناء والمثل الشعبي ...) من غير تشتيت رؤية المتلقي متمرداً على القوالبِ الجامدةِ العقيمة والنمطية و دخول عالم التجريب والحداثوية ..
استثمر الكاتب إمكانات اللغة وتسييرها وفق ما ترد عليه سلوكيات وتصرفات وأيديولوجيات شخصياته بانتقاءِ صورٍ شعريّةٍ ذات دلالة ثريّة بالمعاني المتشظّية إلى دلالاتٍ متعددةٍ والمتضمنة المجاز والإيحاء فلم يتبع طريقة السرّد التقليدي في نمو الحدث تدريجياً وإنما لجأ إلى تقنيةِ الاسترجاع وبث الصور التي تلامس الحواس وتحرك وتدغدغ شعور المتلقي الذي يتلذذ بأنواع مختلفة من أساليب اللغة المستثمرة في البُنية السرّدية فتارةٍ يعيش في خيالٍ تصويريٍّ وتارةً يطْرب لكلماتٍ غنائيةٍ تأخذه إلى فترةٍ زمنيةٍ يكون قد عاشها أو سمع عنها أو لغة رمزيّة تتطلب منه البحث والتقصيّ للوصول إلى ما يشفي غليله ..
رغم أن الكثير من النقاد قد استهجنوا زجّ اللغة الشعريّة في الرواية كونها تؤثر في حركة سيّر السرّد وتناميه إلا أني أرى استثمار الكاتب لهذه التقنية يُعْد إبداع وقوة لغوية تُضاف إلى بُنيةِ السرّد التي ما عادت ضمن قوالب محدودة في أُطرٍ ضيقةٍ يكون فيها الروائي حبيس تلك الآراء التي لا تغني ولا تُسمن من جوع فهو كالطائر الحُّر الذي إن وضعناه في قفصٍ صغيرٍ يَهلك ويموت فالكاتب إنسانٌ يمتلك خيالاً واسعاً يحب التجديد والدخول إلى عوالم لم يعرفها ليقتنص ويتفحص كل جزئية ليُخرجها إلى السطح بأسلوب وطريقة يكون فيها المتلقي الطرف الأساس في التقييم ..
رغم أن اللغة السائدة التي اتبعها الكاتب في نسجّ وحياكة البُنية السرّدية للرواية هي اللغة الفصحى وصياغة صور شعريّة تتحلى بالمجاز والتشبيه إلا أن اللغة العامية كان لها حضوراً ضمن بُنية النَّص كما في ( أويلاه يابه منهو عليَّ جابك, عمّي اتهده وكول يا الله المهم مستورة, عدنا غده باجر وهدم نلبسه وماشية, ما ادري ليش تكرهه وحاط كورك وكوره؟ رجّال رحماني ويعرف الله وحقوقه, - تغني عشنا وشفنا وبعد نشوف .. قرينا الممحي والمكشوف ما ظل بالدنيا معروف ...,أمشي ولك العن ابوك لا بو الاذاعه شبيها غير المكسرات, اسمع ماما معليك بالناس .. الله مسوي غني وفقير .. والخبزة الي عندك لا يقشمرك وتنطي منها أحد, يا حضيري بطل النوح واهجع شويه...) يلجأ الكاتب إلى اللغة العامية لكشف وبيان وتصوير الحالة التي تكون عليها الشخصية وتعابيرها بالفرح أو الحزن أو الألم أو الغضب وغيرها من الانفعالات والاحاسيس ضمن واقع اجتماعي تشترك فيه الشخصية مع أفراد وأبناء العالم التي تعيش فيه وتخالطه وحسب المستوى الثقافي والاجتماعي وضمن بيئة وزمان و مكان تشترك فيها الشخصيات والقُراء وتكون مفهومه من قبلهم حيث أن الروائي هو فردٌ فعالٌ في المنظومةِ الاجتماعيةِ وعليه كشف وبيان المسكوت عنه من خلال تعدد مستويات اللغة على أن لا يُبالغ في اللغة العامية لأن ذلك يجعل من الرواية وبُنيتها السرّدية محصورة ضمن رقعة جغرافية محدودة لصعوبة فهمها من قبل قُراء من دول أخرى وأن لا يُفرط بها وإنما لا بد أن تكون ( كالكُحل في العين ) ..
تضمنت بُنية النَّص الروائي ( نهر الرمان – تجربة موت ) مضامين فلسفية وفكرية واجتماعية وسياسية وثنائيات ضدية ( الموت والحياة, الحضور والغياب, الماضي والحاضر والمستقبل وغيرها ) التنّاص والانزياح والتشبيه والمجاز واللغة الفصحى والعامية وصور شعريّة وتقنية الاسترجاع وتلامس الحواس والزمان والمكان ومضامين أخرى وكلها تحتاج إلى تأملٍ وتقصٍ وتحليلٍ لقارئ آخر لعله يُنصف الكاتب في قراءةٍ مُغايرةٍ أخرى نستمتع بها ..
المصادر
حلومة التجاني: البنية السرّدية في قصة النبّي إبراهيم عليه السلام, دراسة تحليلية سيميائية في الخطاب القرآني, دار مجد لاوي للنشر والتوزيع,ط1, 2013/2014, عمان, الاردن , ص73.
حلومة التجاني مصدر سابق, ص 92.
د. سليم داود الغزيّل: الرواية المونولوجية في الخطاب الروائي العربي الحديث, اصدر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق – بغداد , دار الرواد المزدهرة, ط1, 2020, ص17.
الآية 24 من سورة النور
0 comments:
إرسال تعليق