في السابعة عشر من عمري، كنت مراهقا ارعنا. اتصدر المظاهرات الصاخبة، اشتم رجال الحكم والحكومة. لم اكن اعرفهم، بل اكتب اسماءهم على ورقة ادسها في جيبي .في شارع الأرمن، بباب كرستين، ارفع صوتي الى اخر ما فيه من قوة. اغرس قدمي على الرصيف .اقابل بابها واروح اهتف بقوة: يسقط هذا ويعيش ذاك. تخرج كرستين، مصفرّة الوجه، قلقة خائفة، تفرك يديها وترسم علامة الصليب . دائما ما تقع عيناي على عبود، رجل أمن الشعبة الخاصة بملابسه المدنية .انظر اليه بتحد وينتهي كل شيء. عند منتصف الليل او عند الفجر، تطوّق الشرطة كوخنا ويطرق بابنا الخشبي. اسمع شرطياً يسأل امي عني فأخرج نافخا نفسي كديك رومي .تسمعني امي كلمات لوم اعتدت سماعها، تماما ككلمات كرستين. يدفع الشرطي امي داخل البيت. يغلق عليها الباب ويدفعني الى جوف سيارة الشرطة. عند نهاية السنة والطلاب يستعدون لامتحانات آخر السنة احل ضيفا على موقف شرطة الموانئ. بعد الامتحانات يسلم زميل نتيجتي لأمي وفيها كلمة { راسب } هذه باختصار سيرتي استحضرتها ليلة ان رميت في زاوية في قاعة باردة من قاعات سجن العمارة المركزي. تلك الليلة، ليلة وصولي السجن ،رجوت السجناء الذين تحلقوا حولي يسألوني عن اوضاع الناس في الخارج وهل من بوادر ثورة ، ان يتركوني لنفسي ولأني كنت منهكا، تبرع سجين وفرش بطانيتي الوحيدة المهلهلة. فقط دعوني انام ، فقد انهكتني المحاكمة وطول الطريق، قلت. تقديرا لحالتي النفسية تركوني .تهاويت كجذع نخلة على فراشي الرديء . جذبت حسرة ارتياح ..يا ه ، خمس سنين بلا يسقط ولا يعيش بعيد عن عيون عبود التي تشبه عيون ذئب رأيتها في مجسم في معرض ذات مساء. يا لها من إجازة! وقبل ان افكر في كرستين خمدت. كنت كمن خضع لتخدير مركز حينما ايقظني هياج السجناء وصراخهم عند الفجر وهم يقذفون حراس السجن بأواني الشوربة المليئة بالصراصر هاتفين بسقوط مدير السجن. وحدي بقيت في القاعة ولم اخرج .مع من انت يا هذا؟ هل اعجبتك بطانية مهلهلة ؟ أم اعجبتك شوربة الصراصر؟ ، انهض، قال لي سجين متظاهر غاضب وجرني الى باحة السجن حيث احتشد السجناء هاتفين بسقوط مدير السجن، سارق ارزاق السجناء!
ولأني رياضي، بخفة قرد صعدت على اكتاف سجين
،ورحت اهتف بصوت عال:
يسقط، يسقط، يسقط الفاسد!!!
دون ان اعرف اسم مدير السجن حتى !!!.. ...
0 comments:
إرسال تعليق