• اخر الاخبار

    السبت، 2 يناير 2021

    أ.د. أحلام الحسن تواصل كتابة سلسلة مقالاتها عن :كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر ..الحلقة /7

      



    " الفروقات الشاسعة بين تداخل التّناص وبين اللصلصة " التلاص" -
    The differences between literary intertextuality and plagiarism "
    التناص مصطلحٌ حديث يطلق عليه بالإنجليزية: Intertextuality)‏
    بمعنى تداخل جزءٍ من نصٍّ أدبيٍ قديمٍ في نصّ أدبيّ ٍ حديث، أما في مصطلحنا العربي فهو مصطلحٌ يستخدمه النقاد يشير إلى وجود تشابه نصّ ٍ مع نصّ ٍ آخر، وهو مصطلحٌ تدل معالمه على وجود كلماتٍ متشابهةٍ بين نصّ ٍ ونصّ ٍ آخر ، وتشير ظاهرة التّناص هذه على شدة اعجاب الشاعر المتناص بقصيدةٍ قديمةٍ ما أو حديثة أحدثت في نفسه تأثيرًا قويًّا يرى فيها تطابقًا مع معاناته أو رؤاه الفكرية أو العاطفية .
    ولا يُعدّ هذا تطاولاً أو سرقة ، إلاّ في حالة أخذ النّصّ بالكامل أو شريحة كبيرة من النّصّّ ونسبته إلى نفسه.
    يقوم مصطلح التّناص السيميائي على التفاعل النفسي، والعاطفي، من قِبل الشاعر مع القصيدة المتناصة، وماتضمنته من سرديات النّصّ الشعري وبنيويته، وجمالياته كما يساهم في عملية التفكيك النّصّي الأقدم والمزجية مع الأحدث لإيجاد وخلق نصّ ٍ قد يفوق النّصّ المقتبس منه، وهذه المهمة الأدبية لا تستقيم إلاّ بقلم شاعرٍ محترفٍ لا تقل أدبياته عن أدبيات الشاعر صاحب القصيدة القديمة المتناصة ، وعملية التفاعل مع النصوص الأخرى كانت من قبل مئات السنين ولولا هذا التفاعل وهذا الإقتباس وهذا التأثر النفسي لما كانت هناك إبداعاتٌ أدبية جديدة ، ولماتت الأقلام الأدبية وجفّت أخبارها .
    ثمّة خلطٍ بالمجتمع بين مفردتين متضادتين أدت إحداهما إلى الكثير من الإلتباس وهما مصطلح التّناص ، ومصطلح التّلاص ، فالتّناص يحدث نتيجة كثرة القراءة وكثرة الإطلاع على أشعار الشعراء، ويبني قوائمه الأدبية على تمجيد أشعار الشعراء القدامى، وإحياء تراثهم من خلال التناص، و ومن خلال المعارضات الشعرية، التي لا تخلو عادةً من بعض مفردات القصيدة المتناصة يعمد إليها الشاعر الحديث لا لعجزٍ منه، بل لتأكيد تخليد حرف الشاعر القديم .
    أمّا التّلاص فيرجع في معناه إلى اللصوصية والسرقة وهو مغايرٌ تمامًا لمصطلح التّناص الذي تقوم عليه العديد من المعارضات الشعرية القوية وفنّ المحاكاة والاقتباسات الشعرية، فالنّصّ الأدبي وليد النّصّ، والحرف الأدبي الجديد ابن الحرف الأدبي القديم، فالعلم اكتسابٌ والشعر من أقوى العلوم البشرية وأقدمها.
    ومن مدارس من سبقنا نتعلم ، كما هم تعلموا ممن سبقهم، والأجيال القادمة تتعلم منّا، وكلما وُلد جيلٌ أدبيٌّ جديدٌ أعطى إبداعاته وتجديداته الأدبية للمجتمع وللأجيال القادمة تتعلم منه وتزيده اختلافا وإبداعا.
    أنواع التّناص في الشعر العمودي الموزون :
    1- تناص التضمين:
    وهو المطابقة اللفظية لبيتٍ بالقصيدة أو شطرٍ وهنا على الشاعر أن يضعه بين قوسين ويشير في الهامش لصاحب البيت .
    2- التناص الجزئي :
    وفيه يُقدم الشاعر على استعارة جزءٍ بسيطٍ من البيت الشعري القديم يرى فيه الشاعر تميّزًا لا بديل لسواه من الكلمات ومن الممكن جدًا أن يكون هذا التناص من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو الشعر أو اﻷمثلة .
    ويشترط ذكر مصدر الفقرة المتناصة المشتقة من النّصّ المتناص منه إذا كانت جملًا أو بيتًا أو شطرًا ولا داعي للذكر إذا مادون الجملة المفيدة فلا أحد يمتلك الضاد ولا يعدّ في هذه الحالة تناصًا.
    3- تناص تشابه المعنيين :
    وهو تشابه محتوى البيت الشعري الحديث والقديم والمقفى بذات القافية مع اختلاف كلمات الحشو .
    " تداخلات النّصوص المحوّلة والمترجمة واللصلصة "
    إنّ ظهور الترجمات ساهم كثيرًا في عمليات اللصلصة في الغير مماثل باللفظ والمماثل بالمعنى بالقصائد النثرية بالتحديد والقصص والروايات والومضات تكرر الأمر في عدة صيغٍ وتحوّل إلى عملية لصلصةٍ بعيدة عن مصطلح التناص تمامًا ينسبها اللصّ إلى نفسه وقد يطبعها كتبًا له !
    من خلال تحويل نصّ ٍ أدبيٍ أجنبيّ ٍ إلى عربيّ أو العكس، أوتحويل نصّ ٍ فصيحٍ إلى اللهجة العامية ! حيث ينسب السارق النّصّ لنفسه ولقلمه !!
    نعم لقد قامت الثقافات العالمية على بعض التناص للإستفادة والخبرة من الماضين ولا أحد يمكنه نكران ذلك، لكن يبقى الكاتب الجديد له مكنته الأدبية التي تمثل شخصيته وتوجهاته الأدبية ونوعية كتاباته، ولا يعد هذا التناص من السرقات الأدبية طالما أنه لم يصل لمرحلة الاقتصاص الكامل واللصلصة وقتل النّص القديم ، ومن المهم الاقتصار فقط على الأفكار الواردة في النصوص السابقة كالأفكار النصية الوطنية والعاطفية والإجتماعية وتقف فقط عند هذا الحدّ ولاتجاوز ذلك مطلقا، بل يستخدم الكاتب والشاعر الجديد موهبته وقدرته الأدبية في صناعة وصياغة مفرداته من خلال الترابط الفكري ومعايير السبك والمهارات اللغوية والنّحويّة والتلغيز والترميز والتورية والخيال والواقعية ليكون في قصائده وشعره ومفرداته هو وليس سواه، ولا يُعد مطلقًا استخدام ذات البحر أو ذات القافية أو ذات الحرف الرّوي من اللصلصة" السرقة" ، بل هذا علمٌ متعارفٌ عليه لا يختصّ بملكية فردٍ بعينه، وللجميع الحقّ في تعلّمه واستخدامه.
     
    المصدر / مؤلف كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر / أ.د. أحلام الحسن
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: أ.د. أحلام الحسن تواصل كتابة سلسلة مقالاتها عن :كيف أعدّ نفسي لكتابة الشعر ..الحلقة /7 Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top