لندن- “القدس العربي”: بعد مائة عام من وعد بلفور، يأتي ملك سعودي ويصوغ حق اليهود بدولة بنفس الكلمات تقريبا”. بهذه الكلمات افتتح محلل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس″، تسفي برئيل، مقالته ذات الصلة بالمقابلة التي أجرتها المجلة الأمريكية “ذا أتلانتيك” مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي اعتبره أول زعيم عربي يعترف بحق الإسرائيليين بدولة قومية في “وطنهم”.
ويتضح أن عدم اشتمال تصريحات بن سلمان على اعتراف بدولة قائمة منذ 70 عاما، كان لصالح اعترافه بـ”حق الإسرائيليين بدولة” وبـ”شرعية الدولة القومية لهم”، حيث كتب برئيل أن بن سلمان اعترف “بحق الإسرائيليين بأن تكون لهم دولة مثل حق الفلسطينيين”. كما أبرز حقيقة أن بن سلمان لم يستخدم كلمة “دولة”، وإنما “وطن/بلاد” و”أمة”.
وكتب أن بن سلمان ذهب أبعد من تبعات اتفاق سلام أو الاعتراف بدولة، ووصل حد الاعتراف بشرعيتها، حيث كتب “إن من ينفعل من حقيقة أن ولي العهد هو الزعيم العربي الأول الذي يعترف بحق الإسرائيليين بدولة قومية، عليه أن يتوجه إلى المبادرة العربية، التي تنص على أنه مقابل الانسحاب الشامل من كافة الأراضي المحتلة، بما في ذلك الجولان السوري، فإن الدول العربية تلتزم بتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها”، ولكنه يستدرك أن دولا عربية اعترفت بوجود إسرائيل، ولكن لم تعترف بشرعيتها، لافتا إلى أن اتفاق سلام والاعتراف بدولة ليسا مصطلحين متطابقين.
إلى ذلك، تساءل الكاتب عن موقف بن سلمان من “صفقة القرن” وذلك لأنه لم يُسأل عنه في المقابلة، ما دفعه إلى عرض سلسلة تساؤلات لا تخرج عن تساؤل العارف بجوابها، وكان بينها “هل لا يزال يصر بن سلمان على الانسحاب الكامل؟ وهل ستوافق السعودية على إدخال تعديلات في المبادرة العربية؟ وهل ستكون مستعدة للاعتراف بالقدس الغربية كعاصمة لإسرائيل؟ وما رأيه بحدود 67؟”.
وكتب أيضا أن نوعية التعاون بين إسرائيل والسعودية يمكن معاينتها على خلفية العداء المشترك لإيران. مضيفا أن التقارير حول التعاون الأمني بين الطرفين باتت تنشر علانية، حيث التقى ولا يزال يلتقي كبار المسؤولين الإسرائيليين مع ممثلين سعوديين، وبسبب المصالح المشتركة للطرفين، وفقما أكد ذلك بن سلمان نفسه، فإنه “على ما يبدو لا يوجد لدى السعودية أية مشكلة في التعاون مع إسرائيل حتى بدون اتفاق سلام معها”.
في المقابل، تساءل الكاتب عن قيمة المصلحة الإسرائيلية – السعودية بكل ما يتصل بإيران، خاصة وأن إسرائيل تحاول عرقلة صفقة مفاعلات نووية يجري الحديث عنها بين واشنطن والرياض. ويتساءل في هذا السياق “هل ستدفع هذه المصلحة إسرائيل إلى الموافقة على أن تطور السعودية مشروعا نوويا خاصا بها؟ وهل ستشجع الكونغرس الأميركي على المصادقة على بيع السعودية تكنولوجيا نووية لأغراض سلمية، أم ستواصل العمل من أجل عرقلة صفقة المفاعلات التي يجري التداول بشأنها بين واشنطن والرياض؟”.
وتناول برئيل في مقالته ما اعتبره “الجزء المقلق” في المقابلة، والذي يتصل بطريقة صياغة بن سلمان لصورة الواقع في السعودية. وبعد أن تساءل “ألا يوجد وهابية في السعودية؟ وهل تعيش الأقلية الشيعية بسلام ورخاء في مملكة تقمعها؟”، أضاف أنه “لا سبب يدعو لمطالبة السعودية بالتمسك بقيم غربية، خاصة وأن كاليفورنيا وتكساس لا تتقاسمان قيما مشتركة. الملكية المطلقة شيء جيد، ويبدو أنك إذا كنت ملكا أو ابن ملك فيكفي أن توقع على صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع الولايات المتحدة، وتسمح للنساء بقيادة المركبات لكي يتم اعتبارك ليبراليا”.
ويضيف أن بن سلمان لم يُختبر بمعارفه في التاريخ أو بإنجازاته في مجال حقوق الإنسان. أما في مجال قدراته السياسية فمن الصعب تسجيل أي إنجاز سياسي له، سواء في حربه الفاشلة في اليمن والتي لم يشأ التحدث عنها، أم في محاولته إحلال نظام جديد في لبنان، أم في تراجعه في سورية، لدرجة أنه أوضح أن بشار الأسد سيظل في الكم خلافا للمواقف التقليدية للسعودية. وحتى في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني فإنه لم يسجل أي تدخل سعودي. بحسبه.
وفي المجال الاقتصادي، كتب “أن ولي العهد يسعى لتنويع مصادر دخل المملكة وخفض تعلقها بالنفط، بحسب خطة “السعودية 2030″، ولكن ذلك بحاجة لإثبات. وفي هذه الأثناء عليه أن يواجه العجز في الميزانية بسبب تراجع أسعار النفط، وبسبب المصاريف الكبيرة على حرب اليمن”.
وختم مقالته بالقول “يجب أن نتمنى النجاح لبن سلمان، وذلك لأنه لا يزال هناك دور كبير للسعودية في صياغة سياسة داعمة للغرب في الشرق الأوسط، وهي قادرة على إخضاع أطراف عربية وغربية إذا اقتضى الأمر. ولكن من يرى في تصريحات بن سلمان إشارة إلى أن علم إسرائيل سوف يرفرف قريبا في الرياض، فعليه أن يفحص أيضا ما إذا كان للسعودية شريك في إسرائيل”.
0 comments:
إرسال تعليق