لم تعد معاناة المواطنين في حي بن زيد بالمنصورة أمام
بوابة توشكى مجرد مشكلة خدمية عابرة، بل تحولت إلى قضية رأي عام تكشف حجم التناقض
بين ما يُدفع من أموال طائلة تحت بند "تحسين المرافق" وبين واقع حي كامل
يعيش حتى الآن بلا كهرباء رسمية ولا مرافق أساسية.
القصة بدأت حين اشترطت شركة الكهرباء على الأهالي توفير
قطعة أرض لإنشاء محطة كهرباء كشرط لقبول توصيل العدادات الكودية، وهو ما يخرج عن
نطاق مسئولية الأهالي والحى، إذ أن هذا واجب أصيل على عاتق المحافظة وأجهزتها
التنفيذية. ولم يكتفوا بذلك، بل عادوا ليطالبوا الحي بسداد نصف مليون جنيه إضافية،
وكأن المواطن أصبح هو الممول الإجباري لمشروعات الدولة.
المفارقة أن حي بن زيد قد دفع قبل أكثر من عشر سنوات ما
يقرب من 200 مليون جنيه تحت بند "تحسين المرافق"، كشرط أساسي للحصول على
تراخيص البناء، ورغم أن الحي مرخص بالكامل إلا أنه ظل بلا مرافق حتى اليوم، ليصبح
الترخيص مجرد ورقة بلا مضمون.
الأدهى أن الحي لم يدخل ضمن مشروعات "حياة كريمة"،
ما زاد من تهميشه وإبقاء مئات الأسر بلا خدمات أساسية. ونتيجة هذا الوضع أصبح
الأهالي مضطرين للاعتماد على وصلات غير رسمية من الكهرباء بأسعار خيالية، حيث قفزت
الفواتير من 400 جنيه إلى 5000 جنيه فأكثر للشقة الواحدة، بينما بلغ استهلاك
المصاعد ما يقارب 30 ألف جنيه، في مشهد لا يعكس سوى حالة الفوضى و"السوق
السوداء" في قطاع الكهرباء.
والأخطر أن هذه الأزمة تحولت إلى "باب خلفي" للربح
غير المشروع، حيث يستفيد البعض بالنسب والعمولات على حساب المواطن المطحون، الذي
يدفع من قوته اليومي ثمن فساد إداري وإهمال متراكم.
أزمة حي بن زيد ليست مجرد نزاع حول عدادات كودية، بل هي
نموذج لانفصام العلاقة بين المواطن والجهات المسئولة، ونموذج لغياب العدالة في
توزيع الخدمات. كيف يعقل أن حيا مرخصا بالكامل، دفع عشرات الملايين من أجل
المرافق، لا يجد حتى اليوم أبسط حقوقه في الكهرباء والمياه؟ وكيف يترك المواطن
فريسة للجباية من كل اتجاه؟
إن ما يحدث يستوجب تحركا عاجلا من المحافظة والجهات
الرقابية، ليس فقط لتوصيل المرافق، بل لمحاسبة من أهدر أموال المواطنين وتركهم
سنوات بلا خدمات، ثم عاد ليطالبهم بالمزيد.
0 comments:
إرسال تعليق