الكاتبة العراقية ساهرة رشيد تكتب عن : ام عمار سيرة امرأة صنعت النجاح حين كان الطريق أصعب

 

لا تُقاس الريادة بحجم المال ولا بعدد المشاريع فقط، بل بقدرة الإنسان على تحويل التعب إلى معنى، والعمل إلى أثرٍ باقٍ. بهذا المعنى، كانت الحاجة أم عمار واحدة من أبرز النساء اللواتي جسّدن مفهوم الكفاح الصامت في مدينة الرمادي.

بدأت قصتها من أدوات بسيطة وإمكانيات محدودة، في بيئة لم تكن تمنح المرأة كثيرًا من الفرص، لكنها اختارت أن تراهن على العمل لا على الانتظار، وعلى المثابرة بدل الشكوى. خطوة بعد أخرى، تحوّل مشروعها المتواضع إلى أكبر مجمع تسويقي في الرمادي، ثم إلى أول مول تجاري في المدينة حمل اسمها، ليصبح شاهدًا على مسيرة بُنيت بالصبر والإصرار.

لم يكن نجاح أم عمار معزولًا عن محيطه الاجتماعي. فقد ارتبطت مشاريعها بتوفير فرص العمل لأبناء المدينة، ومنحت مورد رزق لعشرات العائلات، في وقت كانت فيه البطالة أحد أبرز التحديات. هكذا، تجاوزت تجربتها حدود الربح التجاري، لتغدو نموذجًا لريادة مسؤولة ترى في الإنسان جوهر التنمية.

عرفها أهالي الرمادي بسيرتها الطيبة وتعاملها الكريم، وبقربها من الناس دون تكلّف أو استعراض. كانت حاضرة في تفاصيل السوق كما في هموم العاملين معها، ما جعل اسمها مألوفًا ومحترمًا، ورمزًا لامرأة استطاعت أن تترك أثرها دون ضجيج.

برحيلها، لا تُطوى قصة نجاح، بل تتحوّل إلى ذاكرة ملهمة لمدينة بأكملها، ودليل على أن الإرادة قادرة على صنع الفرق حتى في أكثر الظروف قسوة.

رحم الله الحاجة أم عمار، وأبقى سيرتها مثالًا حيًا للمرأة العراقية الكادحة التي صنعت ذاتها بيديها.

ديسمبر 15, 2025