خمسة
عشر عاما مرت، لا كصفحات تتقلب فى روتين الأيام، بل كحكاية صلبة نُقشت على جدران
الوعى المصرى. فى مثل هذا اليوم قبل خمسة عشر عاما، ولِدت جريدة الزمان المصرى فى
زمنٍ كانت فيه الصحافة بحاجة إلى صوت لا يساوم، وإلى قلم لا يهاب، وإلى منبر لا
يبيع موقفًا ولا ينحاز إلا للناس.. للناس وحدهم.
لم تكن
مجرد صحيفة تطبع وتوزّع، بل كانت ـ وستظل ـ روحا صاحبة رسالة. يوم اشتعلت ثورة
الثلاثين من يونيو 2013، كانت الزمان المصرى المتحدث الإعلامى النزيه الذى حمل نبض
الشارع، ونقل الحقيقة دون رتوش، ووقف فى قلب الزحام شاهدة ومُدافعةً ومؤرخةً للحظة
صارت علامة فارقة فى تاريخ الوطن.
لم تخذل
الجريدة أهلها يوما. من القرى البعيدة التى يطرقها الظلم بأبوابه الثقيلة، إلى
البيوت التى تعانى مشكلات لا يسمعها أحد.. كانت الزمان المصرى هناك دائما؛ تكتب، تصارع،
تتابع، وتفرض الحلول. فجرت الأحلام الصغيرة فى صدور البسطاء، وأضاءت بيوتا كثيرة
بكلمة، ورفعت الظلم عن أناس ظنوا أن لا صوت لهم.
ولم تكن
صحيفتنا مجرد منصة للنشر، بل مدرسة مهنية وتاريخية خرجت من بين جدرانها صحفيين
تعلموا فيها معنى الدقة، والنزاهة، ورهبة الكلمة. عبر دورات تدريبية وممارسة
حقيقية، تخرج رجال ونساء حملوا شعارها ومبادئها، وبعضهم اليوم يشغل مكانه فى كبرى
الصحف العربية والمصرية، يكتبون ويبدعون وينسبون فضل بداياتهم إلى هذه المدرسة
التى لم تغلق أبوابها يوما فى وجه موهوب.
خاضت
الزمان المصرى معارك ليست لها.. بل لأجل المستضعفين. وقفت مع الذين لا سند لهم،
ونقلت آهاتهم، وانتزعت حقوقًا كانت مهملة فى أدراج الإدارات. لذلك أحبها البسطاء،
وهابها الفاسدون، واحترمها كل من عرف قيمة الصحافة حين تكون صوتا لا سيفا.
وبصفتى
رئيس مجلس إدارة جريدة الزمان المصرى، فإن أقل ما أقدمه اليوم هو كلمة شكر تليق
بعظمة هذا الكيان..شكرا لرئيس التحرير النبيل المحترم الكاتب الصحفى مجدى وجيه
حلمى..شكراً لأسرة التحرير فى كل محافظات مصر.. من حملوا الجريدة على أكتافهم
صفحةً صفحة، ومن سهروا على الديسك المركزى يطوعون الحروف حتى تستحق النشر.
وشكرا
أكبر لأدبائنا العرب من البحرين، والعراق، والجزائر، وتونس، وليبيا، واليمن،
والسعودية، والإمارات… أنتم الذين منحتم الزمان المصرى هواء عربيّا نقيا،
وجعلتم منها جامعة للكتّاب والشعراء العرب والمصريين.
ولم يكن
شعارها الخالد:«اخدع من شئت… إلا التاريخ»جملة عابرة أو رداء للتجمل، بل حقيقة
دامغة نتوارثها ونحيا بها؛ فالتاريخ لا يقبل تزويرا، ولا يرحم المتخاذلين، ولا
يمنح وسامه إلا لمن كتب بصدق.
واليوم…
ونحن نعبر عتبة العام الخامس عشر، نمضى بخطى واثقة نحو الثورة التكنولوجية التى
أعادت تشكيل الصحافة وبعثرت قواعدها. لم نتخلف عنها، بل سرنا فى مقدمتها، وأصبح
اسم الزمان المصرى حاضرا بقوة فى فضاء الصحافة الرقمية.. منافسًا، مؤثرا، ومحتفظًا
بثبات جوهره الذى لا يتغير.. الصدق قبل السرعة.. والإنسان قبل العنوان.
وهكذا
يمضى الزمان المصرى.. ليست صحيفة فحسب، بل تاريخ يُكتَب، وصوت لا يشيخ، ورسالةٌ لا
تنطفئ.

0 comments:
إرسال تعليق