• اخر الاخبار

    السبت، 1 مارس 2025

    حسن بخيت يكتب عن : " وقولوا للناس حسنا "

     

     


    جملة قرآنية ، نعرفها جيدا ، ونرددها كثيرا ، لكن هل يدرك الذين يرددونها مدي قيمة هذه الكلمات القليلة التي لخصت الكثير؟! أم انهم  يرددونها فقط ، جملة بسيطة في نطقها ، سهلة في حفظها ، لكنها تحمل في طياتها معاني كثيرة ، وأهداف عظيمة ، لأنها تأسر القلوب، وتطيب الخواطر ، وتطمئن القلوب ، وترضي النفوس ، وتفتح باب التسامح والحب وحسن المعاملة، وتذهب الأحزان وتبهج النفوس، بل وتجدد الأمال وتهدي العصاة والمذنبين..

     

      إنها الكلمة  الطيبة.. ورغم سهولتها ويسرها ولينها إلا أن نتيجتها عظيمة وكبيرة فأقل ما يقال فيها انها صدقة ؛ لكنها تعتبر أصل الإسلام، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( الكلمة الطيبة صدقة )

     

    فحين تأمُر بمعروف تنتقى أطيب الكلام، وحين تنهى عن منكر، تبتعد عن الفُحش، وحين تدعو إلى الله، فبالحكمة والموعظة الحسنة، وحين تجادل فبالتي هي أحسن، فتهز القلوب وتلامس المشاعر، وتَنفُذ إلى العقل والوِجدان، يقول تعالى: ﴿  أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم: 24-26].

     

    فالكلمة الطيبة لها سحرها، وقد تغير من حال لحال، ويذكر بعض المؤرخين أن يهودياً مرَّ بإبراهيم بن أدهم رحمه الله، فأراد ذلك اليهودي أن يستفز إبراهيم، فقال له: يا إبراهيم، ألحيتك أطهر من ذنب الكلب، أم ذنب الكلب أطهر من لحيتك؟! فقال إبراهيم: إن كانت في الجنة فهي أطهر من ذنب الكلب، وإن كانت في النار فذنب الكلب أطهر منها. فلما سمع اليهودي هذا الجواب الحليم من المؤمن الكريم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.

     

    فتأملوا ماذا صنعت الكلمة الطيبة- مع ذلك الاستفزاز المقيت- في نفس اليهودي وكيف أنبتت نباتاً حسناً بإذن ربها، قال تعالى: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً ﴾ [الإسراء: 53].

     

    وقد حرص الإسلام على تهذيب الألسن أن تَحيد عن مسارها الصحيح، فتَجرَح أو تُؤذي، وأمر بالطيب من القول حتى مع أعتى البشر وأطغاهم: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44].

     

    كلمة تقرَع القلوب والأسماع، فإذا بالعدو اللدود يتحوَّل إلى حميمٍ ودودٍ، فلا نعلم دينًا اعتنى بأناقة الكلمة وبهاء اللفظ كهذا الدين: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء: 53].. وإن كلمة واحدة كفيلة بتغيير مجرى حياة الأمم والمجتمعات من الشر إلى الخير، ومِن الذِّلة إلى العزة، ومن المعصية إلى الطاعة.

     

    فالكلمة الطيبة لاشك توحد الصف وتجمع الشمل، وتنفي الحقد، وتُصلح ذات البين.. جرِّب أن تستبدل بكلمات النقد والتجريح كلمةَ نُصح، وبكلمة التصريح كلمات التلميح، وبعبارات اللوم ألفاظَ المديح، بعيدًا عن الفحش والبذاء، والضَّرر والإيذاء: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83]، امتثالًا لتعاليم ديننا، وطاعة لبارينا، فهو وحدَه موفِّقُنا وهادينا... إلى اللقاء مع آية كريمة من كتاب الله وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال  ...

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن : " وقولوا للناس حسنا " Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top