لقد أثبتت التجارب والدراسات بأن المال ليس كل شيء، وأنه لا يصنع السعادة، بل إن السعادة تختار من يختارها، وليس من يستخدم وسيلة المال للوصول اليها. وللسعادة فنون، لا يعرفها إلا السعداء، كما أن المال لا يستطيع شراء الصحة من مرض لا يُرجى برؤه، ولا أن يدفع عنك شر القدر إذا أراده الله لك
وقد قيل في ذلك :-
يعتقد بعض الأثرياء أنه بماله يمكنه شراء كل شيء، في حين يُفاجَأ بأن هناك أشياء لا يستطيع شراءها مهما دفع فيها من مال.. فبعض الناس لا يمكن أن يبيع ضميره حتى لو أُعطي مال "قارون"؛ فعزة النفس التي تربى عليها تمنعه من الانزلاق في ذلك المستنقع، في حين أن هناك من ضعاف النفوس من ينجرف وراء المال مهما كان مصدره؛ فكل همه زيادة ثروته، بغض النظر عن مصدرها، وما سيلحقه من تلويث لسمعته، وسقوطه من أعين الناس، وفَقْد ثقتهم.. وللأسف، إن هذا الأمر أصبحنا نشاهده عيانًا بيانًا، ودون اكتراث من أحد، سواء من الأقارب أو ممن يشترك معهم في النسب وغيره. فالنصيحة أصبحت شبه معدومة؛ لأن المنصوح لا يتقبلها، وقد تقع بأسبابها الخصومة والعداء.. والخوف كل الخوف أن تتسع هذه الدائرة، فمن كان بالأمس محصنًا منها تفك حصانته بالإغراءات والضغوطات المختلفة.
قد يقول قائل إن المال يجلب السعادة.. وقد أثبتت الدراسات أن المال ليس كل شيء، وأنه لا يصنع السعادة، بل إن السعادة تختار من يختارها، وليس من يستخدم وسيلة المال للوصول اليها. وللسعادة فنون، لا يعرفها إلا السعداء، كما أن المال لا يستطيع شراء الصحة من مرض لا يُرجى برؤه، ولا أن يدفع عنك شر القدر إذا أراده الله لك.
وأخيرًا، إن المال لا يشتري الضمير الحي، ولا الإخلاص والنزاهة، ولا الثقة والأمانة، ولا نعمة البركة، ولا كثرة الأبناء، ولا رضا الوالدين، ولا أهم شيء في حياتك، وهو نعمة الإيمان.. لكنه قد يُؤمِّن لك أفضل اللباس، وأفضل الأكل، وأفضل المباني، وأرقى الأثاث.. وبالمقابل يسلب منك أشياء لا تُعوض بالمال؛ لأن المال ليس كل شيء، بل إنه قد يكون مصدر شر ونقمة، يُبتلى بها صاحبه.
وقد قال أحد الحكماء :-
يقول أحد الحكماء (لا تجعل المال فوق رأسك فيدفنك في الأرض، واجعله تحت قدميك ليرفعك عن الأرض)، وقد تأملت في هذه العبارات الجميلة ووجدتها فعلاً نموذجاً رائعاً ووصية عظيمة بشأن المال والذي كاد أن يستولي على حياتنا وأن يصبح الهاجس الأوحد لكثير من الناس والذين لم يتمكنوا من معرفة الطريقة المثلى للتعامل مع المال ولم يعرفوا كيف يواجهون التحديات التي يوجدها المال سواء عند وفرته وسيولته أو شحه وقلِّته.
جميع الذين يحرصون على المال ويبذلون كل طاقتهم في جَمْعه وتخزينه والحرص عليه حتى تشعر بأن المال تملك منهم وأصبح في قلوبهم وملك عقولهم فأولئك يدفنهم المال مع مرور الوقت، أما أولئك الذين جعلوا المال في أيديهم وسيطروا على جوارحهم فعرفوا حقيقة المال وتمكنوا من تسخيره لكل ما فيه خير ونفع للبلاد والعباد، فمثل أولئك يصبحون رموزاً بين الناس، إذ إن القدرة على التحكم في المال تعد نعمة عظيمة لايملكها كثير من الأثرياء.
يقول أحد الأثرياء بأنه استطاع أن يتخلص من المال عبر نافذتين لا يفعلهما الإنسان إلا بعد وفاته، وهما توزيع الثروة قبل الممات واستبقاء جزء منها كوقف لمشاريع خيرية، كما يقول: (أنا لا أرفّه عن نفسي بل أتعمد لبس ثوب مضى عليه 30 عاماً لكي أكسر هذه النفس وأردعها وأذكرها بماضيها). وهذه النماذج العظيمة لأولئك الذين استطاعوا أن يتحكموا في أنفسهم وفي أموالهم وأصبحوا مدارس عملية على أرض الواقع يمكن لغيرهم من أصحاب الأموال أن يستفيدوا من تجاربهم، كما يمكن للمبتدئين الذين هم في بداية الطريق أن يضعوا هذا المنهج نصب أعينهم ليكون العمل ليس من أجل تجميع المال بل من أجل إعمار الأرض .
المال اليوم يمكن أن يجلب أي دواء في العالم ولكنه في الوقت نفسه لا يمكن أن يقدم لصاحبه العافية، والمال يمكن أن يوفر كل الفُرُش الوثيرة ولكنه قد لا يمكنه أن يوفر النوم الهانىء والمال أحيانا يمكن أن يساهم في الحصول على كثير من الولاءات المختلفة ولكنه لايمكن أن يحصل على محبة القلوب الصادقة أو القناعات المنطقية .
المال قد يكون أحد أسباب السعادة ولكنه ليس السبب الوحيد فالسعادة يمكن أن تأتي بغير المال وذلك من خلال ما منحه لك المولى من نعم متعددة كالزوجة الصالحة والولد البار والرزق المبارك ومحبة الناس لك وزوال الحقد والحسد من قلبك وقناعتك بما وهبه الله لك فمن أراد أن يمتلك كل شيء فقد كل شيء.
وقد قال أحد الشعراء مخاطبا ضعاف النفوس :-
إذا قل مالي فما خل يصاحبني
وفي الزيادة كل الناس خلاني
كم من عدو لأجل المال صاحبني
وكم من صديق لفقد المال عاداني
هي القناعة فأحفظها تكن ملكا
لو لم تكن لك إلا راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير القطن والكفن
وفي ختام هذه المقالة نقول بأن هناك خمسة عشر شيئا أهم من المال في حياتك :-
فقد خلص تقرير مطول نشره موقع أميركي إلى إدراج قائمة تضم 15 شيئاً وقال إن هذه الأشياء الخمسة عشر هي أهم من المال في حياة الإنسان، وعليه فيتوجب أن يحافظ عليها مهما كلف الأمر من ثمن.
وقال التقرير الذي نشره موقع "بور أوف بوزيتيفيتي"، واطلعت عليه "العربية نت"، إنه "على الرغم مما يعتقده البعض فإنه لا يمكن للمال أن يشتري لك كل شيء، حيث يسود الاعتقاد في عالم اليوم أن المال هو المفتاح النهائي للسعادة في الحياة، لكن هذا ليس صحيحاً".
فالمال ما هو إلا وسيلة فقط وليس المال هو كل شئ في هذه الدنيا .
0 comments:
إرسال تعليق