أن "الانخفاض المستمر في قيمة العملة في وقت ترتفع
فيه أسعار السلع العالمية ... أدى إلى الضغط على الأسعار المحلية وارتفاع
التضخم". و يأتي تصاعد التضخم في أعقاب سلسلة من قرارات خفض قيمة العملة بدأت
في مارس 2022. وتستورد
مصر غالبية احتياجاتها من الخارج وخفضت قيمة عملتها (الجنيه المصري) أمام الدولار
الأمريكي خلال عام 2022 ووصولا إلى الأسبوع الماضي بنسبة تجاوزت 75 %، كما شهدت
أسعار الفائدة ارتفاعا بمقدار 8%.
التضخم هو معدل الزيادة في أسعار السلع والخدمات وعاده
ما يتم احتسابه على أساس شهري أو سنوي. فأنه
يؤثر على معدل الفائدة التي نحصل عليها من خلال مدخرتنا البنكية، أو التي نسددها
مقابل قروض: الرهن العقاري، أو بطاقات الأتمان والقروض الشخصية والتجارية ويؤثر
أيضا على مستوى القوة الشرائية للعملة المحلية التي يمتلكها المستهلك.
وهناك عدد من المؤشرات المختلفة تستخدم في تحديد نسبة
التضخم. وأهمها: مؤشر أسعار المستهلكين ومؤشر أسعار التجزئة; حيث يتم النظر إلى
أسعار مئات من السلع التي يتم استهلاكها بشكل معتاد التي تتضمن السلع والمنتجات
الأساسية كالخبز والحليب وأسعار المواصلات العامة وحتى تذاكر السينما أي تكلفة
المعيشة من سلع وخدمات تنقل أو ترفيه وغيره، وتقارن هذه المؤشرات بين النسبة
الزيادة في الأسعار خلال السنوات السابقة حتى تتمكن من معرفة كيف تغيرت هذه
الأسعار ومعدلات تغيرها السنوي أو الشهري؟
عادة يتم التعبير عن معدلات التضخم كنسبة مئوية. وإذا
كان مثلا 2% سنويا، فهذا يعني أنه في المتوسط، أسعار المنتجات والخدمات التي
نستهلكها أصبح أغلى من أسعار نفس المنتجات في العام الماضي، أو بعبارة أخرى فإننا
في حاجة إلى إنفاق 2٪ أكثر من ثمن هذه المنتجات السنة السابقة لكي نحصل عليها
الأن. بمجرد أن يحدث التضخم يكون من الصعب إيقافه، فعلى سبيل المثال إذا
ارتفعت الأسعار سوف يطالِب العمال بزيادة الأجور، مما يؤدي إلى الدخول في دوامة
الأجور والأسعار. لذلك فإن توقعات التضخم مهمة، كما أن موقف
السلطات المعنية حيال تلك التوقعات مهم أيضًا. فإذا كانت هناك زيادة في
الاستهلاك المتراكم، واستجابت السلطات لذلك بزيادة المعروض النقدي، فسوف ينتج عن
ذلك ارتفاع في أسعار السلع. جع التضخم في الأساس إلى زيادة المعروض النقدي عن
النمو الاقتصادي.
- فكلما
زاد المعروض النقدي وقررت الحكومة طبع المزيد من الأموال، قلت قيمة العملة، لأن
ذلك يعني المزيد من الأموال مع وجود نفس الكمية من السلع.
1- ويؤدي
ذلك إلى زيادة الطلب على السلع، وبالتالي ارتفاع الأسعار.
2- الدين
الوطني
- يؤدي
الدين الوطني إلى التضخم، ويرجع ذلك إلى أن الحكومات لا يكون أمامها لسداد الدين
الوطني سوى زيادة الضرائب، أو طبع المزيد من الأموال.
- عند
زيادة الضرائب سوف تضطر الشركات إلى رفع أسعارها، لتعويض معدل الضرائب المفروض
عليها، وبالتالي يحدث تضخم.
- وفي
الحالة الثانية المتعلقة بطباعة النقود، سوف يزيد المعروض النقدي، وبالتالي يحدث
تضخم.
3- التضخم
الناتج عن ارتفاع الأجور
- كلما
ازدادت أجور العمال، تمكن الأشخاص من إنفاق المزيد من الأموال على شراء السلع
الاستهلاكية، مما يؤدي إلى زيادة الطلب.
- سوف
ترفع الشركات أسعار السلع في هذه الحالة إلى المستوى الذي يتحمله المستهلك، لتحقيق
التوازن بين العرض والطلب.
- هناك
أسباب أخرى لزيادة الطلب من بينها انخفاض الضرائب على الدخل، مما يوفر دخلاً أكثر
للمستهلكين ويحثهم على المزيد من الإنفاق.
- كما
قد تؤدي سياسات التحفيز النقدي مثل خفض أسعار الفائدة إلى زيادة الطلب أيضًا، فقد
يؤدي ذلك إلى تشجيع الأشخاص على الحصول على مزيد من القروض، أو يؤدي إلى ارتفاع
أسعار المساكن.
4- التضخم الناشئ عن التكاليف
- عندما
تواجه الشركات زيادة في أسعار المواد الخام التي تستخدمها في التصنيع، فإنها سوف
تزيد سعر السلعة على المستهلك، حتى تحافظ على نسبة أرباحها.
5- سعر الصرف
- يؤثر
سعر صرف العملة على التضخم بشكل كبير، فكلما كانت قيمة العملة المحلية أقل من قيمة
العملات الأجنبية، سوف تكون أسعار السلع والبضائع المستوردة مرتفعة للغاية،
ومُكلفة للمستهلكين في الدولة.
6- التضخم
الناشئ عن السعي وراء الأرباح
- يحدث
هذا النوع من التضخم حين ترفع الشركات أسعارها من أجل الحصول على المزيد من
الأرباح.
7- انخفاض
الإنتاجية
- عندما
تكون الشركات أقل إنتاجية، يقل المعروض من السلع وتزداد الأسعار.
8- زيادة الضرائب
- حين تفرض الحكومة المزيد من الضرائب مثل ضريبة القيمة
المضافة أو الرسوم الجمركية، فسوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار.
يمكن القول إن التضخم يشير إلى زيادة أسعار معظم السلع
والخدمات الشائعة أو تلك التي يستخدمها السكان بشكل يومي، مثل الطعام والملبس
والمسكن. وببساطة مقياس يجمع متوسط أسعار مجموعة من هذه السلع، تحدد وفقا للسلطة
المختصة. ويعتبر معدل التضخم الاقتصادي مؤشرا
عن انخفاض القوة الشرائية للعملة داخل الاقتصاد، ويتم تحديد قيمته بالنسبة
المئوية، والتي تعكس كما ذكرنا معدل الزيادة في أسعار السلع والخدمات. في حال كانت
النسبة سالبة فهذا يعني انخفاض الأسعار ويسمى انكماشا وليس تضخما.
كما أشير من قبل، تزايد معدل التضخم الاقتصادي يعني
تناقص القوة الشرائية للعملة المحلية ويؤثر هذا على تكلفة المعيشة في بلد ما.
فعندما يكون التضخم مرتفعا، تزيد تكلفة المعيشة، مما يؤدي في النهاية إلى تباطؤ
النمو الاقتصادي.
لذلك مطلوب باستمرار الحفاظ على مستوى معين من التضخم في
الاقتصاد لضمان تعزيز الإنفاق ومنع الناس من الإفراط في ادخار الأموال. قد يستدعي
ذلك تدخل السلطة النقدية (البنك المركزي) عبر تغيير سعر الفائدة أو انتهاج سياسة
تقلل أو تزيد المعروض النقدي (حسب الحاجة).
بالنسبة للأفراد، ينظر الجميع إلى التضخم بشكل مختلف
اعتمادا على نوع الأصول التي يمتلكونها، فمثلا؛ الشخص الذي يمتلك استثمارات عقارية
أو سلع مخزنة، يعني له التضخم أن أسعار أصوله ترتفع، أما الذين يمتلكون نقودا، قد
يتأثرون سلبا بالتضخم حيث تتآكل قيمة نقودهم.
يتوقف ذلك على سبب التضخم في الأساس، إذا كان الاقتصاد
يعاني من نشاط محموم، فيمكن للبنوك المركزية، تنفيذ ما يعرف بالسياسات الانكماشية
التي من شأنها كبح جماح الطلب الكلي، وعادة يتم ذلك عن طريق رفع أسعار الفائدة. تربط البنوك المركزية عملاتها
المحلية بأخرى وبالتالي ترتبط بسياساتها النقدية في بعض الحالات، قد تحدد الحكومة
الأسعار بشكل مباشر، عندما تبدو الأمور في طريقها للخروج عن السيطرة بما لا يطيقه
المواطن، وعادة ما تؤدي إجراءات تحديد الأسعار هذه إلى تراكم الالتزامات المالية
على الحكومة.
يعتمد محافظو البنوك المركزية بشكل متزايد على قدرتهم
على التأثير في توقعات التضخم كأداة لخفض التضخم. كلما زادت مصداقية البنوك
المركزية، زاد تأثير تصريحاتها على توقعات التضخم.
يحدث
التضخم تفاوتا في توزع الـدخول لصــــالح أصـحاب الثروات ، حیث تلجــأ
البنوك المركزیــة عــادة إلــى مــحــاربــة التضـخم عن طریق رفع أســــعـار
الفـائـدة لخفض مســــتویات الطلب ، فیما یـتضــــرر جـراء الـتضــــخـم العمـال
والموظفون لانخفـاض القیمـة الحقیقیـة لأجورھم نظرا ورواتبھم حـال ارتفـاع معـدل
التضــــخم. یھـدد ھـذا التفـاوت الاستقرار الاقتصادي الضروري لدفع عجلة التنمية.
أثـر
الـتضــــخـم عـلـى ھـیـكــل الإنتاج: یـوجــھ
الـتضـــــخـم رؤوس الأمــوال
إلــى الأنشــــــطــة الاقتصادية التي لا تفیــد النھضـــــة الاقتصـــــادیـة في مراحلھا
الأولى، وذلك بسـبب ارتفـاع الأســــعـار والأجو ر والأرباح في القطاعات الإنتاجیة
المخصــصــة لإنتاج الســلع الاسـتھلاكیة، على حسـاب الأنشـطة الإنتاجیة والاسـتثماریة
*كاتب
المقال
دكتور القانون العام والاقتصاد
عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية
والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات
السياسية والاستراتيجية بفرنسا
مستشار الهيئة العليا للشؤون
القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
مستشار تحكيم
دولي محكم دولي
معتمد خبير في جرائم امن المعلومات
نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز
المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية
نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم
المتحدة سابقا
عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب
واعداد القادة
عضو منظمة التجارة الأوروبية
عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس
الأعلى لحقوق الانسان
محاضر دولي في حقوق الانسان
0 comments:
إرسال تعليق