* الأنشطة الكروية التي تنظمها الاتحادات الرياضية المختلفة في داخل مصر وخارجها ، من الأمور الجائزة شرعا طالما أنها في حدود الأطر المسموح بها ، ولم تخرج عن الهدف الذي أنشئت من أجله ، مثلها في ذلك مثل الرمي الذي شجع عليه النبي عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خرج النبي وقوم من أسلم يرمون فقال :" ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ، ارموا وأنا مع ابن الأدرع ، فأمسك القوم ، فسألهم فقالوا : يا رسول الله من كنت معه غلب قال : ارموا وأنا معكم كلكم "
ذلك لأن الرياضة بمختلف فروعها وفنونها تعمل على تنمية العقول ، والأبدان ، وكل ما كان كذلك فسبيله الحل ، وفضلا عن ذلك فإن فيها نوعا من الترفيه الذي يجعل الإنسان أكثر نشاطا في أداء عمله وواجباته ، والترويح عن النفس والقلب مما ندب إليه الشارع الحكيم ، إذ يقول النبي عليه الصلاة والسلام :" روحوا القلوب ساعة وساعة "
* من الظواهر الممقوتة التي ظهرت على السطح منذ عقود مضت ، وهي ظاهرة التعصب الكروي بين الأندية ، والمشجعين ، والتي يقع بسببها كثير من الأمور المحرمة ، التي لا يجيزها عقل ، أو خلق ، أو ضمير ، أو شرع ، ومنها مثلا :
1 – التهكم بالخصم ، أو المنافس ، أو بمشجعيه ، والسخرية منه وذلك كله حرام شرعا ، لأن الهدف من اللعب ، أو التشجيع ، هو الترويح عن النفس ، والاستمتاع الحلال بهذه اللعبة ، التي تدخل على القلوب والنفوس نوعا من البهجة لدى محبيها ، وكل ذلك سائغ شرعا ، لكن أن يتجاوز البعض للتهكم على الآخرين فهذا لا يجوز قال تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ " (الحجرات : 11)
2 – التنابز بالألقاب ، وغمز المنافسين ولمزهم ، والتحقير من شأنهم ، فهذا أيضا عمل محرم شرعا ، لا يجوز للمسلم الحق ، أو لمن يتحلى بصفة الآدمية ، والروح الأخلاقية ، والرياضية ، أن يهين خصمه أو منافسة على هذا النحو الذي نراه ، أو نسمعه قال تعالى :" وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ "
3 – السباب والشتم واللعن الذي يقع بين المشجعين ، أو غيرهم من المنتسبين إلى المجال الكروي ، وكل هذا سلوك مجرم ومحرم ، يقول عليه الصلاة والسلام ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )
4 – إن التعصب الكروي من شأنه أن يؤدي إلى الفرقة والشتات فيما بين المواطنين ، سواء على مستوى البيت الواحد والأسرة الواحدة ، أو على مستوى المجتمع ، وكل ما كان كذلك فسبيله التحريم .
5 – التعصب الكروي يؤدي إلى تزكية كل مشجع لفريقه دون غيره ، وربما وصل الأمر إلى حد مدحه بما ليس فيه ، أو ليس أهلا له ، وكل ذلك ليس سائغا شرعا قال تعالى :" قال تعالى :" فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى "
6 – التعصب الكروي من شأنه أن يؤدي إلى الغيبة والنميمة المحرمتان شرعا ، ذلك أن كل مشجع يتناول الفريق الآخر بالقدح ، أو غيره ، وكذا مشجعي الفريق الآخر بهذا الأمر ، وهذا مما لا يسوغ شرعا قال تعالى :" وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا "
7 – إن التعصب الكروي يؤدي إلى تتبع عورات الخصوم والمنافسين للنيل منهم ، أو التشهير بهم ، وكل هذا غير سائغ شرعا فعن ابن عباس قال : قال رسول الله :" يا أيها الناس ، يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يخلص الإيمان إلى قلبه ، حتى أسمع العواتق في خدورهن ، لا تؤذوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخية ، تتبع الله عورته ، حتى يخرقها عليه في بطن بيته "
8 – إن التعصب الأعمى الذي نراه بين المشجعين من شأنه أن يقتل الوقت - الذي هو رأس مال كل مسلم – ويضيعه فيما لا يفيد ، وأن يضيع المواطنون كثيرا من الواجبات بسبب هذا التعصب والانشغال به وبدواعيه . كما أن هذا الأمر من شأنه أن يقتل روح الإخوة ، والمحبة بين المواطنين ، ويشعل نار الحقد والكراهية بينهم ، وكل هذا محرم شرعا .
9 – ما يؤدي إليه هذا التعصب الأعمى من تدمير وتخريب سواء في المنشآت العامة أو الخاصة ، عن طريق الإحراق ، أو التكسير ، أو التدمير وكل هذا محرم شرعا قال تعالى :" وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ "
10 – وفضلا عما تقدم فإن التعصب الأعمى يؤدي إلى أكبر جريمة على وجه الأرض وهي التقاتل بين المشجعين - أحيانا - الذي يقع ضحيته مئات الأبرياء ، :" مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا "
* لكل ما تقدم يجب على الدولة بكل هيئاتها التصدي لظاهرة التعصب الأحمق التي تتنامى يوما بعد يوم حتى يعلم الجميع أن الرياضة وسيلة للترفيه ، ووسيلة للترويح عن النفوس والقلوب حتى يعود المشجعون أكثر نشاطا للعمل والجد ، وأنها وسيلة للاستمتاع بهذا النشاط في إطاره المشروع ، فإذا خرجت عن ذلك فإنها تخرج من دائر الحل إلى الحظر لاسيما عندما نرى وسيلة الترفيه ، قد انقلبت وسيلة للتشهير والتخريب والدمار ،،،،
حمى الله مصر
*كاتب المقال
كبير أئمة بالدقهلية
0 comments:
إرسال تعليق