• اخر الاخبار

    الخميس، 30 يوليو 2020

    كوني كالصبار يزهر رغم كل أشكال الجفاف ... بقلم الأديب والشاعر طارق فريد


    رواية زهرة الصبار للكاتبة نهي الصيفي ربما كانت من الروايات النادرة التي لا تجد لها مثيلا في التركببة السيكولوجية المعقدة فالرواية لا تمضي بسهولة نحو النهاية وتزيدك اصرارا على الاستمرارية وسط حبكة مركبة غير نمطية تنوعت خلالها الاحداث المتصاعدة حتى وصلت الي ذروة العقدة والغموض أسهبت فيها الكاتبة وسردت سردا فنيا مفصلا غير مرتبا أضاع القارئ احيانا لكنه سرعان مايعود علي ابداع الكاتبة وكأنها باحثة اجتماعية او متخصصة في الدراسات الروحية وماهرة في تناسخ الأرواح بمنظور مقرون بين العلم والخيال لذلك عند قراءتها لابد وان تكون مستعدا متفرغا للقراءة لكي تفهم احداثها المركبة من ناحية ولكي لا تشعر بالتيه فيها بين محاور شخصياتها

    ورغم ان نظرية التقمص والتناسخ حقيقتها لا توجد في الديانات السماوية الا في بعض العقائد عند الصوفية واليهود والدروز والهندوس وفي فلسفة اليونان القديمة لكن اهل السنة يحرمون التناسخ وكان الامام الغزالي اشار في كتابه تهافت الفلاسفة الي نوع من التناسخ مرتبط بالبعث فكان يري ان الارواح سوف تعود لكن في اجساد اخري . لكن رغم كثرة المعتقدات التي يعتقدها الناس حول ظاهرة التقمص الا ان عددا كبيرا منهم يقول بوجود ذكريات قديمه له في حياته السابقة ويستخدم هذا النوع من الذكريات الاطباء النفسيين في علاج مرضاهم تحت مسمى الانحدار الي الحياة الماضية وهي لا شك طريقة مثيرة للجدل ولا اعلم عن مصداقيتها شئ وربما كانت الكاتبة قرأت عن هذا الموضوع اكثر مني .

    اعود الي زهرة الصبار فأقول اختارت الكاتبة في تجربتها الأولي للرواية موضوعا معقدا وضح من خلاله الجهد الذي بذلته في الكتابة الموضوعية وهذا يقودنا الي اننا امام كاتبة ثرية وشجاعة ومبدعة اختارت الصعب في بداية الطريق ونجحت حتى اوصلتنا الي مابعد النهاية لتصل بنا الي بر الأمان لتخبرنا اننا امام كاتبة واعدة في عالم الرواية والابداع تملك الرؤيا والفلسفة القائمة على العلم وليس على الجدل وتملك من الخبرة الحياتية ما يؤهلها الي صياغة قضايا النفس وهمومها وعرضها بالطرق العلاجية وان كانت قاسية وحازمة في قراراتها

    وهذا النوع من الروايات اقرب الي الرويات المُلغزة التي تعني بالمجهول وتأتي بالرعب في النفوس احيانا رغم علميتها وخيالها العلمي لكن الكاتبة تمتعنا بمتعة السرد واللغة السهله الي جانب التخيل والمتعة الشعورية في التشويق والاثارة . فالي جانب شخصيات الرواية وهي اهم عناصرها نجد ان البطلة لعبت الدور المحوري للرواية ومع ذلك تنوعت الشخصيات الرئيسية وانحسرت الشخصية الثانوية نتيجة تعاظم دورها في الرواية كما وظفت الزمان والمكان بطريقة غير مباشرة عبر اسقاطات سياسية بررت لنا ماحدث من مفاجأت صادمة كما نجحت في تقديم حوار طبيعي غير مصطنع للغة والاسلوب فعشنا معها وغُصنا في عالمها فأبهرتنا بحقيقة معينة وأبعدتنا عن الحقيقة الأصلية

    لكن اعتقد علي الكاتبة في المرات القادة ان تراعي التسرع في السرد وعدم القفز علي الاحداث بطريقة غير منطقية كذلك عليها ان تؤكد اكثر علي القيمة السامية للهدف من الرواية . ولا يسعني في النهاية الا تهنئة الكاتبة بمولودها الاول الذي أنهكها كثيرا لكنه ثمرة ونبتة جيدة لابداعاتها القادمة ... الكاتب والشاعر \ طارق فريد

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: كوني كالصبار يزهر رغم كل أشكال الجفاف ... بقلم الأديب والشاعر طارق فريد Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top