• اخر الاخبار

    السبت، 4 يوليو 2020

    أحمد محمد شريف يكتب عن : الشيطان يعظ!


     أحمد محمد شريف يكتب عن : الشيطان يعظ!

    وقف الشيطان متوارياً ومنزوياً خلف شجرة غرقد، تتصارع بداخله مزيج من المشاعر المتضاربة ما بين النشوة والدهشة والحزن، بما يفعله بنو آدم مع بعضهم البعض، أو حتى مع المسببات التي أوجدها الله لاستمرار حياتهم.وبسرعة أفاق من ذهوله ليرسل وخلال فيمتوثانية رسالة لبني جلدته باجتماعٍ طارئ لمناقشة قضية تمس صميم عملهم وأسلوبهم في إفساد الحياة، بل وتضرب كرامتهم في مقتل، وتتجاوز ذلك كله بأنه قد يكون لمجتمعهم منها نصيب، وتلك طامة كبرى!
    وفي قصر الحكم للشيطان والمشيد داخل بركان تامو مسيف(Tamu Massif)في أعماق المحيط الهادي، جلس شياطين الجن حول المائدة المستديرة وكأن على رؤوسهم الطير، وبدأ الإجتماع-وبدون مقدمات-بطرح الشيطان الأكبر لسؤالٍ أثار حيرة الحضور ألا وهو، لماذا زادت نسبة البطالة بين شياطين الجن؟

    فالتفت الحضور بأعينهم الملتهبة لبعضهم البعض من غرابة ما طُرح، وكسر حاجز الصمت صوتٌ مترنح فإذا بأحدهم يفرك عينيه قائلاً: لأن الفضيلة والأخلاق سادت بين البشر، والخوف من الله جرى في أجسادهم كمجرى الدم، وهنا رمقه الشيطان بحدة حتى كاد الشرر يتطاير من عينيه مردداً: منذ متى وأنت في قمقمك أيها الأبله؟ألا ترى ما يسود من هرج ومرج وفساد وإفساد من بني آدم؟
    وبذكاء حاد أراد أحدهم أن يلفت الإنتباه عن صديقه الذي كاد قلبه أن ينخلع من بين جنبيه، فأخذ طرف الحديث وقال: سيدي إن السبب في بطالتنا أن بني آدم افتقدوا للقدوة، وأصبحت النفس والهوى هي المتحكمة وأصيبوا بالوَهَنْ، لذا لم يعد لنا حاجة، بالمختصر المفيد فلقد أصبح حيلهم بينهم.
    وفي ركن القاعة صفق أحدهم بحرارة مسترسلاً: صدقت أخي، حينما لا يوجد مكان......للمبادئ(فيسود النفاق ويأكل الجميع على كل الموائد)،...ولا للعلم( فيسود الجهل وتنتشر نظريات الكفتة والشلولو)،...ولا للموهبة( فيسود الشاكوش والنمبر)،...ولا خفة الدم( فيطفو حسن وزينب مع ورد النيل)،...ولا للثقافة( فتنتشر الشوباشيات)،...ولا للدين(فتظهر النورانيات العشوائية لأبوحسين وجمعة والهلالي)،...ولا للكفاءة( فيوكل الأمر لغير أهله، وما أكثر الأمثلة من كل حدب وصوب)...وووو....
    لذا نرى تلك المشاهد الآدمية التي يشيب لها الوليد في بطن أمه، فهذا يتآمر على زوجته فتُقتَل وتُغتصب بأمره وتخطيطه وتمويله( فتاة ميت عنتر الطاهرة/طلخا)، وذاك يخطف طفلة ويغتصبها ويقتلها ويحرقها ويذيب جسدها البرئ في مادة كاوية( فتاة المريوطية)، وآخر يقتل شاباً شهماً شجاعاً حراً أبي أن يرى حرمات الله تنتهك(البنا/ المنوفية).
    وهنا أدرك الشيطان الأكبر ما وقع فيه من خطأ فادح بطرح تلك المناقشة واظهار تلك المشاهد التي لم تكن لتخطر على بنان أفكار قومه في إفسادهم للأرض، فضرب الطاولة بيده حتى اشتعلت النار فيها، فارتجف الجميع وجحظت عيونهم من هول منظره، فقال بصوتٍ حاد: بأمري أنا الحاكم الأعلى لشياطين الجن أعلن تبرأي من تلك الأفكار الآدمية التي لم تراعي قيمنا ومبادئنا في عالم الشيطنة، وإذ أعلن ذلك مرفقاً بإنعزالنا في مستعمرة الطوارئ بالأرض السابعة حتى لا يوسوس آدمي هذا العصر لأجيالنا الناشئة فنحافظ على مجتمعنا متماسكاً، ولننتظر في عزلتنا حتى يستبدل الله قوماً خيراً من هؤلاء، فنعود إليهم لننعم بأعمالنا في أجواء صحية، فإفساد الصالح أمتع لدينا من العمل في الوحل مع أمثال هؤلاء الأنذال. حقاً.....الشيطان يعظ!
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: أحمد محمد شريف يكتب عن : الشيطان يعظ! Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top