" الأزمة الوظيفية المعترضة COVID-19 وخطر اتساع رقعة البطالة "
المعنى الإصطلاحي :إن المعنى الإصطلاحي واللغوي ينصبّان في قالبٍ واحدٍ، فالأزمات المعترضة هي تلك التي تعترض سير العمل، خارجة عن إرادة صاحب العمل وإرادة الموظفين والعمال، حيث تهدد نظام سير العمل بالإنهيار، ويؤدي استمرارها للأضرار الإقتصادية البليغة لصاحب العمل وللموظفين والعمال.
وسأتناول في هذه الحلقة خطر جائحة كوفيد 19 كورونا وتسببها في اتساع رقعة البطالة حول العالم، ولا أبالغ إن توقعتُ حدوث مجاعةٍ لملايين الأسرة حول العالم للأسباب التالية :
1- إن كارثة كورونا كوفيد 19 ليست كارثة وبائية وصحية فحسب ، بل هي كارثةٌ اقتصادية عالمية لا تتوقف عند حدودٍ جغرافيةٍ معينة، لذلك ستجد المؤسسات صعوبةً في كل أنحاء العالم في توفير العمل والوظائف لملايين الناس، وستضطر لإيقاف التوظيف الجديد.
2- توقعات منظمة العمل الدولية تشير إلى أنّ نسبة البطالة العالمية سترتفع عما هي عليه بنسبةٍ تتراوح مابين 5,3 مليون و 42 مليون عاطلٍ عن العمل في أقصى الأحوال، وإذا ما أخذنا بمتوسط التوقعات فسوف تزداد نسبة البطالة إلى ما يزيد عن 10 ملايين عاطلٍ عن العمل.
3- مع فداحة وطأة جائحة كورونا الصحية والإقتصادية اضطرت كل مؤسسات العالم لقاعدة التباعد الإجتماعي من خلال نوبات فتح المحلات واغلاقها كإجراءٍ احترازيٍ ووقائي لتفادي انتشار الوباء ، على إِثر هذا نتجت خسائر ماليةٍ فادحةٍ للمؤسسات، والشركات والمصانع، ووزارات الدولة، ولم تسلم المؤسسات الصغيرة والمتواضعة من هذا الإغلاق الوقائي .
4- نشبت عن هذا الإغلاق الاحترازي للمؤسسات عدة مشاكل بين المؤسسات والموظفين والعمال بتلك المؤسسات، فهل تلتزم المؤسسة بدفع الرواتب كاملة للعمال والموظفين مع التوقف القهري للعمل! وتخضع هذه الحالة للإتفاق المسبق في عقد العمل، ونصت بعض قوانين الدول على إعطاء نصف الراتب للموظف أبان توقف الموظفين عن العمل لمدة أسابيع .
5- يواجه عشرات الملايين من العمال الآسيويين وغيرهم خطر فقد وظائفهم في دول الخليج العربي، لعدة أسبابٍ مجتمعةٍ منها الجائحة الوبائية، وهبوط أسعار النفط من جديدٍ لأدنى مستوياته، وتوقف العمل وتقطعه حيث أن المؤسسات تدفع نصف الرواتب ودون عمل يؤديه العمال، ولن ترضى المؤسسات باستمرار هذه الحال والذي سيكون مآلها إلى إعلان إفلاس المؤسسة.
" الرأسمالية البشرية بين مطرقة البطالة وسندان تخفيض الرواتب :
نتيجة تداعيات أزمة كورونا المعترضة عالميًا، يسعى مدراء الموارد البشرية لإيجاد الحلول الملائمة للأزمة المعترضة لرواتب العمال، كلّ وفق إمكانية مؤسسته، ولصعوبة الموقف يتحتم الحزم والجدية في اتخاذ القرارات، وبعيدًا عن المجاملات الدولية أو غيرها، وعلى إثر لملمة الخسارات البشرية والإقتصادية يتوجب الآتي :
1- إلتزام كل دولةٍ بمواطنيها وعدم إفساح المجال لتوظيف غير مواطنيها إلا في الضرورة القصوى، ليس تعنتًا ولا إجحافًا في حقّ أحد لكنها الجائحة وما تفرضه فالإقتصاد في انهيارٍ مستمر .
2- تواجه دول الخليج العربي حاليًا أكبر معضلةٍ عمّاليةٍ حيث أن ملايين العمال الوافدين يعملون في دول الخليج ، وهذا سيأكل ويدمر الإقتصاد الخليجي في هذه الفترة الحرجة من تدهور أسعار البترول من جديد ، ومن انتشار وباء كورونا، والذي كلف دول الخليج العربي الملايين لعلاج الوافدين الأسيويين بالمنطقة بعد تفشي الوباء بينهم.
3- إنّ عدم ترحيل أغلبية الوافدين الآسيويين وبأسرع وقتٍ ممكن سيقضي على شعوب الخليج العربي اقتصاديًا وصحيًّا، لذلك يتوجب على تلك الدول إرجاع رعاياها كما يتوجب على دول الخليج العربي الإصرار على ترحيل ملايين الوافدين العاملين فيها لدولهم حفاظًا على اقتصادها وسلامة شعوبها.
4- تواجه كافة الأسر في العالم احتمالية تردي المعيشة لها، حيث تشير الكثير من العلامات إلى دراسة الكثير من المؤسسات لوضع خطةٍ استراتيجيةٍ لتقليل رواتب الموظفين وتختلف النسبة المئوية من دولةٍ إلى أخرى، فضلًا عن استراتيجية الحد من توظيف موظفين جدد وهذا سيساهم أيضًا في ازدياد نسبة البطالة عالميا.
5- أضطرت بعض المؤسسات إلى إعفاء بعض العمال من أعمالهم نتيجة الأزمة الوبائية المعترضة ، إلاّ أنّ بعض العمال لم يعوا ذلك واحتسبوا ذلك فصلًا تعسفيًا ومنهم من حاول مقاضاة المؤسسة وفي الحقيقة أنّ القانون ليس في صالحه، حيث أنّه لا يعتبر هذا فصلًا تعسفيًا بل أزمة عالمية معترضة.
6- لجأت بعض إدارات الموارد البشرية الأوربية لوضع الموظفين أمام الأمر الواقع القبول بتخفيض رواتبهم 15 بالمائة، أو الفصل من العمل إذا ماتمرد الموظف وحاول إثارة الفوضى،أو الخيار الثالث بتقليص عدد الموظفين بسبب التدهور الإقتصادي الذي أحدثه وباء كورونا .
7- قيام دول الخليج بمحاولة ترحيل بعض الوافدين وإيقاف العمل في بعض المؤسسات منعًا لانتشار الوباء ، وبسبب الأزمة الإقتصادية المتدهورة أدى إلى تحسس بعض الوافدين واتخاذ مواقف لا عقلانية ضد دول الخليج وضدّ مواطنيها ناسين أنّ دول الخليج العربي فتحت لهم أذرعها وأبوابها لعشرات السنين وعاملتهم معاملة المواطن سواسية،علمًا أنّ تلك الدول ليس لديها الإستعداد لتوظيف خليجي واحد لديها ولها الحقّ بلا أدنى شكّ ٍ في ذلك.
*المصدر/ مؤلف الرأسمالية البشرية د. أحلام الحسن
0 comments:
إرسال تعليق