الأنامل السحريّة التي حركت
اغصان الشجرة السامقة لم تكن تدري ان اوراقها تحمل كل منها قصّة اعوام لا تنتهي ولم
تكن تدري ان الضوء المنبعث منها سيغطّي البحار والصحارى وقمم الجبال الملوّنة التي
تبهر الابصار هكذا في لمح البصر انفجرت الينابيع القريبة من الشجرة وتكسّرت الغصون
اليابسة التي عبثت بها الرياح لعشرات الأعوام وفي لحظة واحدة كانّها العمر كلّه سالت
الحروف والكلمات وأخذت مداها حتى وصلت السماء وتلقفتها الغيوم المنتشرة عبر البصر وكأنّ
يد نداف وزٍعها بأوتاره الموسيقيّة التي تشبه القيثارة البابليّة في كلّ مكان ومن الجذور
الضخمة في اعماق الأرض انبعثت أصوات ورعود وعواصف وبريق وخلتُ نفسي العاصفة التي اجّجت
هذه الجذور حتى أني سمعت ازيز الرعد وزحزحة الغيوم وأنين الغابة في لجج تتكوّر بين
أصابعي وأحجار الياقوت والزبرجد يلفّني الى القاع هذه اللجج دفعتني دفعاً الى المجهول
ورأيتني أطير بجناحي اللؤلؤين الكبيرين على افق النهاية الورديّة وحينما نظرت الى الشجرة
كانت روحي دخان ينبعث كهيئة الطير و يتوزّع في الارجاء الباهرة حينها تساءلتُ ما هذا
الذي يمسكني وانا أطير هل هي العَظَمة التي ألقتني في مداراتها وبقيت أدور ؟ها هي الكلمات
تتسابق كالغيوم لتكمل اسطورة الشجرة السحريّة التي توزّعت بين ثنايا الرياح مثل النجوم
لتكتب الألق النابت بين دمي وكيف سأسأل هذا الذي يسحبني الى المجهول طالبا ان أضع احجاري
المقدّسة على ناصية الطريق التي أضاءت اقماري هذه الطريق التي ضيٍعت قدمي وضيّعت لهفتي
المؤجلة وكلٌّ في كلّك يسعى الى ان يهرب للمجهول وطفقت اسأل لماذا لماذا ؟ فأوقعني
السؤال الى درب لا ينتهي ( لماذا تركت الأمين وحيداً لا زهرة ترتجيه ولا دمعة تصطفيه
وكل أخوتي ينهضون وكل الشوارع ضيقة بالأمين أخيط على جبهتي حلم طفل عنيد وشيخ جريج
فللدمع سلوى وللشهوة عندي رتاج الأحبة فالكون في منتهاه وشأني مقام
يصعد يصعد نحو هذي السماء
) ليس لي لجّة البحر وليس لي شهب النجوم وليس لي عشق الملوك وليس لي نظرة الصقر وليس
لي زلزلة الأرض وليس لي وجد المتصوّفة وليس لي دفّة السفينة وليس لي صليب المسيح وليس
لي جناحي البُراق وليس لي ترنيمة الأم وليس لي بعد الكواكب وليس لي زهرة النرجس وليس
لي عطر التفاح وليس لي كلام النمل وليس لي وردة الحلّاج وليس لي شجرة الجنّة وليس لي
طير سليمان الحكيم وليس لي عشبة كلكامش وليس لي قوّة ذي القرنين وليس لي جمال يوسف
وليس لي كلّ هذا فأنا من ليس على ليس في ليس الى ليس وصرت المرآة الكبرى .
0 comments:
إرسال تعليق