• اخر الاخبار

    الجمعة، 13 مارس 2020

    الباحث والأكاديمي أ.م مجيد كامل الشمري يكتب عن : أهمية دول الشمال الإفريقي للولايات المتحدة الأمريكية


    الباحث والأكاديمي أ.م مجيد كامل الشمري يكتب عن : أهمية دول الشمال الإفريقي للولايات المتحدة الأمريكية


    ظهر الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشمال الافريقي (المغرب العربي) منذ نيل هذه الدول استقلالها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي, والتنافس بين موسكو وواشنطن في فترة الحرب الباردة لاستمالة العواصم المغاربية لأحد المحورين الشرقي الشيوعي أو الغربي الرأسمالي, وتوجت هذه السياسة بنجاح واشنطن في استمالة المملكة المغربية وتونس في مقابل ميل ليبيا والجزائر نحو الاتحاد السوفييتي. ثم تطور هذا الاهتمام بعد نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي, وكانت السياسة الأمريكية واضحة في دعوة الدول المغاربية إلى الانفتاح السياسي والاقتصادي, والانخراط في حركة الاقتصاد العالمي. فالتصورات الأمريكية تخضع ومنذ عقد السبعينيات من القرن العشرين حول منطقة المغرب العربي بشكل مرجعي لرؤية وزير الخارجية الامريكي السابق(هنري كيسنجر), الذي وضع تقسيما إداريا لمناطق العالم, الحق بموجبه المنطقة المغاربية بمنطقة الشرق الأوسط, وبقيت على أثره نفس درجة الاهتمام بالمنطقة إلى يومنا هذا. ويتأكد هذا التقسيم من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تقدمت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (كونداليزا رايس) في إطار سياسة الرئيس الاسبق (جورج بوش الابن) لفرض الإصلاح السياسي على دول العالم الإسلامي, إذ شملت تلك الخطة دول شمال أفريقيا, والتي انخرطت فعليا في الحرب على الإرهاب, واستغلال التعاون الأمني لتحسين مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة.
    أن إلحاق منطقة المغرب العربي بمنطقة الشرق الأوسط يهدف بالأساس إلى جعل التحولات السياسية والاستراتيجية الحادثة في منطقة الشرق الأوسط سببا مباشرا في التأثير على المنطقة المغاربية, التي تشترك في الكثير مع الدول العربية الشرق أوسطية, إذ تتأثر الشعوب المغاربية بالسياسات الأمريكية حيال دول الشرق الاوسط العربية. وقد سعت الولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن العشرين إلى ملء الفراغ السياسي الذي خلفه تراجع الوجود الأوربي (البريطاني والفرنسي) في المنطقة العربية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية, واقامت علاقات اقتصادي وعسكري الى جانب بناء القواعد وعقد الأحلاف والمعاهدات في علاقات متشابكة ومتداخلة مع دول المنطقة. فدول الشمال الإفريقي في المدرك الأمريكي هي ذات موقع جيوستراتيجية, تجعلها مؤهلة لجذب الأطراف الدولية الفاعلة, وتمكنها من أن تكون في موقع مؤثر في العلاقات مع القوى الكبرى. فالأمن الأمريكي طالما ارتبط بأمن إقليمي وعالمي والدول الإفريقية المطلة على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي تعد ذات إمكانيات استراتيجية عظيمة ومنطقة المغرب العربي بالأخص تمثل لصانعي القرار في واشنطن من الناحية الجيوسياسية الجناح الغربي للشرق الأوسط الكبير والمنفذ الرئيس للقارة الإفريقية. وقربها من أوربا جعل المنطقة محل تنافس دولي وعالمي كبير للسيطرة على موارد هذه الدول, التي تعتبر من جهة أخرى بوابة على القارة الإفريقية الغنية بالموارد, ومعبرا هاما لهذه الموارد التي تحتاجها الدول الصناعية الكبرى, وبما ان الحفاظ على المصالح الأمريكية يستوجب منع القوى الدولية المنافسة وعلى رأسها الصين وروسيا والاتحاد الأوربي, فقد دخلت موارد الدول المغاربية ضمن دائرة النفوذ الأمريكي, التي تستوجب تواجدا أمريكيا كبيرا لحمايتها والمحافظة عليها.
    ومع ذلك فالولايات المتحدة تدرك جيدا أن التواجد الأوربي في الشمال الافريقي له جذور تاريخية عميقة, وان تخطيها أو منافستها أمر لا يخلو من صعوبة ألا أن الولايات المتحدة وجدت أن فرصة تفردها بالمنطقة المغاربية ومسابقة الصين ومنعها من الاستئثار بها, أصبحت مواتية مع توافر مجموعة من المعطيات في إطار رهانها على منافسة أوربا والصين على المنطقة المغاربية منها: اولا: التناقضات التي تحملها السياسة الأوربية تجاه دول المغرب العربي, وذلك لتعدد مراكز القوى الأوربية, الأمر الذي أدى إلى عرقلة إمكانية ترسيخ الفضاء الاقتصادي الأوربي الواسع. وثانيا: طغيان الهاجس الأمني على العلاقات الأوربية المغاربية, المتمحور حول الهجرة غير الشرعية, التطرف والارهاب والمخدرات, الأمر الذي أدى إلى إن تسود ضفتي المتوسط حالات من الشد والتوتر إلى درجة تصبح فيها اتفاقية الشراكة مجرد نصوص ميتة, وثالثا: الخلافات المغاربية البينية, لاسيما بين المملكة المغربية والجزائر.
    ان منطقة شمال أفريقيا بمجملها تعد نقطة الارتكاز الجغرافي التي تضم مصادر الطاقة لذا تلقى اهتماما متزايدا من جانب الولايات المتحدة التي تسعى إلى تعزيز وجودها. طارحتا فكرة إقامة قواعد عسكرية في كل من المغرب وتونس والجزائر تكون أداتها للتدخل السريع في القارة الإفريقية في إطار الإستراتيجية الأمريكية الخاصة بالحرب الاستباقية ومحاربة الإرهاب. لذا فان منطقة الشمال الافريقي يجب التحكم فيها, بحكم أنها الوجهة الاستثمارية للرأسمال الأمريكي في القرن المقبل. بالإضافة إلى أبعاد المنطقة اللوجستية نظرا للحدود البحرية وطرق المواصلات وطرق التجارة, وهكذا يبرز البحر المتوسط ودول الشمال الافريقي ككيان إستراتيجية مركب يشمل تركيا ومصر والمغرب.
    *كاتب المقال
    أستاذ العلوم السياسية
    والدراسات الإستراتيجية والمستقبلية

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الباحث والأكاديمي أ.م مجيد كامل الشمري يكتب عن : أهمية دول الشمال الإفريقي للولايات المتحدة الأمريكية Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top