أوصانا الله تبارك وتعالى بالأم خيراً، وليس من جميل القول أجمل من قول الله عز وجل: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ، وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ، أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}
وقد أوصانا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالأم خيراً في أكثر من حديث شريف، من أشهرها ما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: (أُمُّكَ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ €
أقول ذلك والعالم يمر بمحنة ومأساة حقيقية ، في ظل انشغال الناس بفيروس كورونا ،، ومحاولة من الجميع في وقف زحفه واقتحامه للدول وللبشر ،، ولقد أنست هذه الظروف العصيبة التي نعيشها ما اعتدنا عليه من الاحتفال "بيوم الأم" الذي يوافق الحادي والعشرين من مارس من كل عام، وكان الكثيرون يشترون الهدايا لتقديمها لأمهاتهم، وآخرون يحتفلون مع أمهاتهم بمختلف الصور ،، رغم أنني لا أحب أن تكون للأم مناسبة كى نحتفل بها من أجلها ،، لأن الأم تستحق أن يكون العمر كله لها عيدا وعرفانا بفضلها ، والذى لا يستطيع إنسان مهما فعل معها من البر أن يرد لها من فضلها شيئا ....
اعتدت منذ صغري وأنا تلميذ بالصف الخامس الإبتدائي أن أكتب كلمة في يوم الأم ، وأقوم بقراءتها في الإذاعة الصباحية ليوم الحادي والعشرين من شهر مارس في كل عام ، وعند خروجي من المدرسة في نهاية اليوم الدراسي نفسه أشتري لها الحلوى ، وكان المألوف وقتها والمتاح للجميع ما تسمى " بعلبة الملبن " فهي عبارة عن علبة من ورق وبداخلها 12 قطعة صغيرة من حلوى الملبن ،، كنت أشتريها من مصروفي الخاص ، وأقوم بأكل نصفها ، واهداء نصفها الأخر هدية لأمي ...
والآن اكتب رسالتي ، وسوف تنتشر هذه الرسالة في الصحف الورقية والمواقع الألكترونية ، وأيضا على مواقع التواصل الاجتماعي ليصل أريجها الى اقصى حدود الدنيا كما كان ينتشر حنانك في ارجاء البيت كله ..
عندما أكتب في أي قضية ،اعتمد على عقلي وما أفكر فيه بصورة عملية، وبالتأكيد لابد وأن أتبع القواعد والخطوات المحددة لكتابة المقال ،مع الإلتزام بأسس وأساليب الكتابة، التى تبدأ بعصر الأفكار وتحويلها مباشرة إلى نص مكتوب، ولا تعتبر الكتابة الإرتجالية بالأمر الخاطئ أبدا، فالمقال أولا وأخيرا يعبّر عن كاتبه بفكره وأدبه وطريقة نظره للموضوع دون أن تختلط مشاعر الكاتب بكل كلمة يكتبها ،، لكن عندما أفكر في أن أكتب " عن الأم " فإنني بالطبع أكتب بلغة ملؤها المحبة والنقاء وبمشاعر مختلطة بكل تفاصيل العلاقة، كلماتي تمتزج مع كل اللحظات والساعات والأيام التي تربطني بمن أحب، تختلط مشاعري مع ذكريات السنين التي أخذت من أعمارنا، أكتب مشاعر حقيقية لا تعرف المجاملات أو الاصطناع، مشاعر لسنا مجبرين عليها تحت شعارات واهنة
والله إن القلم ليعجز ، واللسان ليتلعثم ، والفؤاد ليتخفق كلما راودتنى نفسى بالكتابة إلي" أمي " ولا أدرى كيف أعبر عما يكنه قلبي شوقا إليها وحبا فى نعيم رضوانها وجنة حنانها .
أمي الحبيبة :
-----------------
والله لا أجد من مصطلحات اللغة لفظا يرادف كلمة ( أم ) ولم أجد فى الدنيا مخلوقا أفضل منك ، لكن دعينى أمتطى صهوة قلمى العاجز لعله يخرجنى من خضم هذا البحر ويعبر بى إلى شاطىء الحب والحنان .
أمي ... ألاف الكيلو مترات تبعدنى عنك ، وتحول هذه المسافة الكبيرة بيننا وتحرمنى من رؤيتك وخدمتك والبر بك ، لكن دوام الحال من المحال ، وأقوات الله مقسومة لخلقه فى مشارق الأرض ومغاربها ، وعلينا أن نسعى جاهدين لإكتسابها
أمي ... والله لا أنسى عناق الوداع كل عام لتقبيل رأسك وكفيك ، فلا ندرى بما تخبىء لنا الأيام ، ولكن نعيش على أمل ونطمح إلى وصال ولقاء طال الزمن أم قصر ...
أمي الغالية :
---------------
لا أظن أن الإعتذارات كافية ، ولا الإتصالات مجدية ، ولا الزوجة والأبناء والأصدقاء قادرون على سد فراقك . فلتسامحينى ، لقسوة قلبى وأنا أعيش بعيدا عنك مع زوجتى وأولادى ، فقد تمر بى ايام وأنا أشعر بأن الأرض ضاقت علي بما رحبت ، وأقول لنفسى ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ، أهذا جزاء من حملت وولدت وسهرت وتعبت وكبرت وعلمت ؟!
لكن فليغفر الله لى على تقصيرى فى حقك ، رغم أننى والله لم اكن عاق بك يوما ، لكن ظروف معيشتى وقدرى أن يكون رزقى فى غربتي ..
أمي ....أعلم أن النوم يخاصم جفون عينيك عندما أتاخر فى الإتصال بك ، وقد تصفقين وتفرحين تارة عندما أرسل إليك كل شهر جنيهات زهيدة لأنك شاهدتى ثمرة ما زرعت وحصاد ما غرست ، وربما تزف عينك الدموع بطريقة عفوية تارة أخرى عندما تتذكرين أننى فى غربة قد تطول ، ولا تنامى حتى تطمئنى على الإبن الغائب ..
أمي الحبيبة :
----------------
مرارة الغربة كالحنظل ، فما أحوجنى إلى دعواتك لي ولجميع سكان الأرض بأن يرفع الله عنا الوباء وتلبلاء ،، وانا على يقين بأن دعائك لم ولن ينقطع ليخالط كل يوم أذان الفجر ، ويرتفع إلى عنان السماء ..
وفى نهاية كلماتى يا أمى لا أملك من الدنيا ما أهديه إليك الا أن أدعو الله أن يحفظك من كل سوء ومكروه ، وأن يجمعنا وأبى وزوجتى وأولادى وسائر المسلمين بحبيب القلوب محمد صل الله عليه وسلم ..
كل يوم وكل الأمهات بخير وصحة وعافية ..رسالتي الى كل أم على أرض المعمورة ...حسن بخيت
0 comments:
إرسال تعليق