• اخر الاخبار

    الأربعاء، 18 مارس 2020

    حسن بخيت يكتب عن : إنها حقا " أزمة ضمير "


    حسن بخيت يكتب عن :   إنها حقا " أزمة ضمير  "


    أزمة حقيقية طاحنة نعيشها في وقتنا الحالي، وقد أصابت كثير من البشر في معظم البلدان وإنتشرت فى المجتمعات كإنتشار الأمراض الفتاكة القاتلة ... وقد تختلف الأراء ولا تتوحد حول هذه الأزمات التى يعيشها المجتمع وخاصة في الفترة الأخيرة ؛ هل هى أزمات سياسية أم أزمات إقتصادية ام أنها أزمات فكرية وثقافية ؟ . هل هي أزمات عجز في الموارد والسلع الغذائية ؟
    الا أننى أختلف من وجهة نظرى عن تلك الأراء : وأجزم بأن أزماتنا الحالية بكل أنواعها وبمختلف أشكالها ما هى الا أزمة ضمير وأخلاق ؛ وهذه الأزمة تفرعت منها كل الأزمات بمختلف أنواعها ؛ وتسببت فى إنتشار سلوكيات سيئة خبيثة أصبحت ظواهر مجتمعية ثابتة ومألوفة للجميع من فساد واحتكار وغش وخمول وكسل وجمود للفكر وجهل.. إلخ .
    هل مات الضمير الحى وإنهارت القيم الدينية والعرفية ؟ فى ظل هذه الشوائب السلوكية التى أصبحت من سمات المواطن ..
    ماذا نقول في الذين يتاجرون في أقوات الناس وحاجاتهم كي تمتلئ بالجشع جيوبهم على حساب البسطاء والمحتاجين !!
    ماذا نقول في الذين يتسابقون ويتنافسون في الاحتكار ويتهامسون كالفجار فيمنعون السلع عن مجتمعاتهم وقت الأزمات والمحن حتى يعطشوا بها الأسواق لترتفع أثمانها أضعاف أضعاف قيمتها ثم يحلبون المجتمع بابتزاز حاجته ..!!
    ماذا نقول في الذين يتعاملون بالحرام من أجل المزيد من المال باحتكار السلع وإن سقط المجتمع في الجوع بدلا من ان يكونوا عونا للناس في أزمات وأوقات عصيبة تمر بهم في وقت ضيق وحاجة أوطانهم ..!!
    أقسم بالله انه رخص اخلاقي مروع ما أنزل الله به من سلطان ، ولا شرعته أديان ، ولا أقرته أعراف ولا عادات بشر ..
    حتى الذين يتحدثون عن الأخلاق الإنسانية النبيلة ؛ قد تجدهم لا يملكون منها شيئا" على أرض الواقع ؛ كوعظ خطباء فوق المنابر عن الاخلاق والتقوى ؛ وقد لا تجد لهذه الفضائل أثرا" على سلوكياتهم مع الأخرين ؛ ولا الذين يداومون على المساجد مسرعين لأداء الصلوات ؛ فإذا إنقضت الصلاة ' سرعان ما يهرعون إلى إستئناف مسلسلهم اليومى الشهير من غش واحتكار وتسرب من العمل ...الخ
    يا عالم .. أصبح موت الضمير أو إنعدامه يظهر فى كل شىء . بين البائع والمشترى ؛ بين المعلم وطلابه ؛ بين الزوج وزوجته ؛ بين الطبيب ومريضه ؛ بين الإعلام وجمهوره ؛ بين المسئول والمواطن .إلخ .
    فلا عجب عندما نرى إعلام فاشل يحمل فى طياته كل السموم القاتلة والأفكار المدمرة والأكاذيب الخادعة ؛ والاشاعات المغرضة ،أو نرى تاجر يغش فى سلعته للأخرين ، أو صيدلي يستغل الظروف والأزمات فيبيع ما يحتاج اليه الناس من أدوات صحية وطبية بأضعاف ثمنها ، ضاربا بالأديان والقانون والأعراف عرض الحائط ..
    والله ... نشعر بالعار والخزي والندامة عندما نرى كيف تتصرف الشعوب العظيمة التي تعلو فوق القمم إيان ازماتها ...؟ كيف يتحول الفرد إلى شعب ويتصرف الواحد كأسرة وتمضى الأسرة كمجتمع ..؟ كيف تسيطر مشاعر التضامن الاجتماعي بشكل عملي بدون صياح المساجد أو الكنائس خلف خطاب باهت يكرر منذ مئات السنين ، خلف فشل تطبيق قوة القانون وردعه ، وبجانب ضمور وعي الشعوب المسكونة بهذا العته والسفه ...
    وسأذكر لكم فقط ما حدث مؤخرا في محنة وأزمة فيروس كورونا الذي اقتحم دول العالم بأكملها ،، وكيف تعاون رجال الأعمال والأثرياء في هذه الدول المتقدمة مع أوطانهم وشعوبهم ، ففي الصين وايطاليا ساهم معظم رجال الأعمال وأصحاب الأموال بتبرعهم بمليارات الدولارات لدولهم من أجل تفاقم الأزمة ومساهمة منهم في خروج أوطانهم من مستنقع الفقر والانهيار ،، وياليتنا نتعلم من هؤلاء البشر معنى الوطنية وحب الوطن بكل ما تحتويه الكلمة من معاني ،، فلم تكن الأغاني هي شعارهم ، ولا كذبهم عبر لقاءات تليفزيونية بالتشدق بحب الوطن ،،وعلى العكس تماما نشعر بالحسرة والندامة والخزي عندما نرى أثرياء أوطاننا من رجال الأعمال والفنانين والفنانات ولاعبي الرياضة والمستثمرين وأصحاب الشركات ...الخ ،،وما أكثرهم في البلاد ، وقد التزموا قصورهم ، ولن نسمع منهم شعارات الضجيج والصياح والتشدق في حب الوطن الذي طالما صدعونا بها ....
    طبيعة المقال وحجمه لن يسعفني كي أذهب بكم أعزائي القراء الى كواكب الأرض التي تستحق أن تعيش، ككوكب اليابان أو كوكب الصين ، وغيرها من الكواكب التي تستحق أن تعلو وتنهض بالأوطان وترفع من وسط الغبار راسها ليكتب على جبينها القضاء والقدر أن المجد لها والحياة لها والتفوق لا يمكن أن يفارقها ... ؟ بينما نرزح نحن بسلوكياتنا أسفل الحضيض ، لنقدم اعتذار رسمي لهذه الكواكب عن استهلاكنا لموارد الأرض بلا فائدة ،، لنجد أنفسنا لا نملك إلا الصمت خلف حسرتنا ونحن نرى شعوب الشرق التي نزل بها دين الله وشريعته ومنهجه لتسير الحياة بكل نقائها وجمالها ،، وقد تحولوا إلى تجار أزمات وحروب يحتكرون السلع ويلعبون بأقوات واحتياجات الناس بعدما غاب ضميرهم وحين تقترب من بعضهم يشجيك ببعض الآيات والسور التي يحفظها ولا يعرف معناها ولا تفسيرها في منظومة نفاق ومزج بين سلوك منكر وسطور منطوقه من الفضائل التي لا مكان لها غير الغياب بتلافيف الهواء في سعه هذا الفضاء ..!
    الحقيقة لا نعاني من أزمات أقتصادية ، ولا سياسية ، ولا اجتماعية ... نحن نعاني من أزمة ضمير كل يوم في بيئات النفاق تزدهر وتكبر بظل غياب القانون الذى يحسم ويردع ...!
    والله ثم والله ثم والله ... كنت وقد فكرت كثيرا" في إعتزال الكتابة " واعتزال الناس لحالة يأس أصابتني وألمت بي وشعوري بالاحباط من مقالات تكاد تكون " حبر علي ورق " ، تخاطب بها شياطين من بنى الانس ، قست قلوبهم ، فهى كالحجارة ، بل أشد قسوة ،، وعندما تأملت حياتي الماضية بتركيز شديد ، وجدت حالي أقرب حال لمن يعيش بالصحراء ، ينظر إلى شماله وجنوبه ، وإلى شرقه وغربه ، فلا يجد سوي الرمال ، وأصبحنا نعيش وسط عالم مجنون أصيبت أركانه بالكذب والنفاق ، وملايين من الحمقي ، والعقول التافه ، والغشاشين والمحتالين ، وأصبحنا لا نستطيع أن نميز بين الصحيح والخاطيء ، لأن الموازين إنقلبت ، فكان الصحيح خطأ ، والعكس ، ونتج عن هذا العبث انتشار التخلف وإنشاء أجيال لا تعي كلمة وطن ..
    نعم فكرت جديا" في اعتزال الكتابة ، لكن ضميري لم يطاوعني _ لعل وعسى ، ومن يدري ، لعل الله يحيي قلوبنا جميعا... ولا أظن أن اعتزالى الكتابة سيفيد ،، وكيف أعتزل الكتابة ووطني مصر ،، فمن كان له وطنًا كمصر ، فلا جناح عليه أن يفتدي ويكتب بكل حروف النور والعزة والمحبة والافتخار
    لك الله يا وطني ... لك الله يا وطني ... لك الله يا وطني
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: حسن بخيت يكتب عن : إنها حقا " أزمة ضمير " Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top