" أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة "
صدق الله سبحانه وتعالى ، فالموت حتما على جميع العباد من الإنس والجن ، الصالح والطالح ، جميع الحيوان ، القوي منها والضعيف ،، فلا مفر لأحد منه ، ولا أمان لمخلوق عنه
" كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون "
أنه الموت .... الذى لا يفرق بين أحد من الخلائق ، وقد اسماه الله عز وجل في كتابة ووصفه بالمصيبة .. نعم يارب ، وأى مصيبة أشد من الموت لشدته وصعوبة وقعه على النفس ، وقد لا تكون المصيبة لمن رحل عن دنيانا - لأنه رحل الى رب رحيم كريم ، وانتهى أمره في الدنيا ، أما المصيبة الباقية والمؤلمة لأهله وأحبابه وأصحابه ،، يقول الله تعالى " فأصابتكم مصيبة الموت "
اذا كان الموت مصيبة ، فماذا عن الموت في الغربة؟ إنها المصيبة الأشد والأصعب ...
ولعل الجميع تابع خبر وفاة المعلم المصري " سيد زكريا" رحمه الله رحمة واسعة ،والذى قتل غدرا على يد مواطن عماني متهور ، أثناء عمله بمدرسته بمدينة صلالة بسلطنة عمان ، وجاري التحقيقات وكشف ملابسات الحادث من قبل الجهات المختصة ..
بكل تأكيد سوف يتحرك الجثمان إلى مثواه الأخير في الدنيا ، سواء بدفنه بأحد المقابر في صلالة ، أو بترحيل وسفر جسمانه الى مسقط رأسه بمصر ، ليدفن " سيد زكريا " كما دفن أخرون من قبله ضحية الغربة ..
شباب طامحون إلي تحسين أحوالهم، متفائلون بغد أفضل ومستقبل مشرق ، يتحملون مرارة الغربة ، والحفر في الصخر لا البكاء علي الأطلال ، تاركين وطنهم وأهاليهم وأسرهم ، بعيدين عن زوجاتهم وفلذات أكبادهم حتي يعيشوا بكرامة وأمان ويتمكنوا من تحقيق بعض طموحاتهم من بناء مسكن مناسب وتوفير عيشة مناسبة مطمئنة لهم ولأسرهم ، غير أن صفاء الحياة لا يدوم ، بل الحياة نفسها تتحول فجأة إلي نهاية أليمة ومصير مأساوي ، ربما يكون بالإصابة بالمرض ، أو الموت المفزع ، ليدفع المغترب حياته ضريبة لتأمين أساسيات مستقبله وتوفير اللقمة الحلال لأسرة تنتظره وتتلهف اشتياقا لعودته محملا بالهدايا لأبناءه ، فإذا به يعود مسجي في تابوت ،أومحمولا في نعش علي الأكتاف ، ليعيش الجميع على كابوسا من الحزن والألم ، وما أصعب لحظات الوداع الأخير فى المطارات ، أو المقبرة ، لينتاب الأصدقاء صدمة تعقد الألسنة عن الكلام .
تعددت الأسباب والموت واحد ، فليست القضية أن نموت ، فالموت حق على الجميع ، ولكن القضية كيف نموت ، ومتى نموت ، وأين نموت .... نسأل الله العظيم أن يرحم "سيد زكريا " برحمته الواسعة ، ونحتسبه عند الله من الشهداء ، وأن يلهم والديه وأهله وأصحابه الصبر والسلوان ، ونسأل الله القصاص في قاتله
0 comments:
إرسال تعليق