لا يمكنني أن أتناسى روعة الأدب الشعبي ، ذلك أن العاطفة الخصبة التي تتعارض مع قسوة الصحراء تنعشك على الرغم من هيجان الشمس الحارقة
فجمال الأدب الشعبي يطغى أحيانا كثيرة على مقالات المعارضين مع أنهم يثبتون أسباب اعتراضهم موضحا بالأدلة و مزينا بالأمثلة الحية
و المناصرون لا يسلمون بأن الأدب الشعبي خطر على اللغة العربية الفصيحة ، فهو ليس منافسا لها، فهي قوية بنفسها لا ينازعها منازع و لا ينال من شموخها أدب منافس ؛ مع أن المنازلة بين الأدب الشعبي و الفصيح لا تخطر على بال
ثم إن هؤلاء المناصرين لا يسلمون أيضا بأن الأدب الشعبي لا يتعدى بيئته، أي أن الذي يفهم الشعر الشعبي العراقي مثلا هم أهل العراق فقط فمفردات الشعر العراقي غير مفهومة عند أهل الأردن أو اليمن أو المغرب العربي الكبير ، و كذلك الشعر الشعبي العربي بشكل عام لا يفهم الا في بيئته
فلو كتب شاعر شعرا فصيحا بمفردات غير مألوفة لأحضر القارئ معجما كالقاموس المحيط و فهم تلك المفردات كلها و لكن لو كتب شاعر شعرا شعبيا بمفردات بيئته فلن يستطيع القارئ في بلدة أخرى أن يفهم هذه المفردات الصعبة لأنها ليست من لهجته
إنهم لا يسلمون بهذا لأن القارئ في مصر يستطيع أن يسأل عراقيا مثلا عن معنى كلمة لم يفهمها في الشعر الشعبي العراقي
أما الأدب الشعبي الفلسطيني فلن تتعامل معه الا برصيد ضخم من التقدير و التأييد ، ذلك أن المحتل الصهيوني البغيض أراد أن يبعد الشعب الفلسطيني عن تراثه و ماضيه العريق فغير اسماء المدن و الشوارع و حارب اللغة العربية و اللهجة الشعبية فكانت ردة الفعل أن يتمسك الشعراء و القراء بالشعر العربي الفصيح و الشعبي ليكونا سدا منيعا أمام هذه المخططات الصهيونية القذرة ، و أكثر شاعر تحمل عبء هذا العمل المضني هو المناضل المبدع " توفيق زياد " في مؤلفاته عن الأدب الشعبي بالإضافة لكتابته المتميزة في الشعر المقاوم الفصيح
0 comments:
إرسال تعليق