تزايدت النبرة العنصرية والاستعلائية في الآونة الأخيرة بين أوساط المجتمع الكويتي تجاه الوافدين بصفة عامة ،والمصريين بصفة خاصة ..
لا أدري ما السبب ؟ ومن المحرك الأساسي وراء هذه الحملة الشرسة والغير مبررة؟ ، وما الأهداف الحقيقية والخفية من وراء ذلك ؟ ... وكأنها النار التي يتحفز لأجلها الكثير من المواطنين الكويتيين لإشعال فتيل تذمرهم من الوافدين بشكل لا ينم عن أي رؤية أو مسؤولية مجتمعية ولا أخلاقية.....
تعجبت من أمر الأخوة الكويتين .... يشتكون من الوافد وهم الذين أتوا به من بلاده ، لكى يبني منزل المواطن الكويتي، ولكى يخدمه في المنزل، ولكى يلم عنه مخلفاته اليومية عند بابه. ولكى يحمل له أكياس القمامة التي يتكاسل عن حملها بنفسه، ولكى يحمل حقائبه أيضًا أثناء عودته من السفر، وحقائب أولاده عند ذهابهم الى المدرسة وعند عودتهم منها ، ولكى يخدمه في الأسواق وأماكن الترفيه، ولكى يخدمه أيضًا في المستشفيات وغيرها من المرافق العامة والخاصة، والمطاعم التي قد تغلق أبوابها بدون الوافد ، وقد يؤدى إغلاقها الى موت المواطن الكويتي من الجوع ..أكتفى بذلك في هذا الصدد ...
هل يعلم أهل الكويت أن ممارسة العنصرية على الوافدين ليست حلولاً، بل تخلق توتراً وتزيد من الفجوة بين المواطن الكويتي والوافد ، فالوافدون بشر خلقهم الله - عز وجل - كما خلق الكويتين ، وجاءوا إلى الكويت للعمل مقابل أجر وبتصاريح عمل رسمية. فما ذنبهم حتى يستيقظ بعض المواطنين بين ليلة وضحاها متذمرين من عنصرية الكويتين ضدهم ؟! إن كان لا بد من تحرك، فليخاطب ويحاسب المواطن الكويتي نفسه وحكومته، لا الوافدون الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وفدوا إلى الكويت بتصاريح عمل رسمية للعمل مقابل أجر ....
المثير للسخرية أن الكثير من الأخوة الكويتيين يأملون أن تكون الكويت مثل دبي، بنهضتها الاقتصادية والعمرانية والسياحية والثقافية والاجتماعية، وفي الوقت ذاته يشتكون من وجود الوافدين في الكويت ، ويمارسون كل الانتهاكات الدينية والعرفية والقانونية.. وأقسم لهم بالله - بتصرفاتكم العنصرية والاستعلائية ضد الوافدين لن تكون الكويت دبي ولا حتى أبوظبي ...
وأختم حديثي بقول الله تعالى: «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا *كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا *وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا *وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا *وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا *قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا*لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا *وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا *فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا *أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا *وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا *وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا *هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا)،
جاء في تفسير هذه الأيات في «القرآن العظيم»، أن الكافر دخل جنته وهو ظالم لنفسه، بكفره وتمرده وتكبره وتجبره وإنكاره المعاد، قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا، اغترار منه، لما رأى فيها من الزروع والثمار والأشجار والأنهار المطردة في جوانبها وأرجائها، ظن أنها لا تفنى ولا تفرغ ولا تهلك ولا تتلف وذلك لقلة عقله، وضعف يقينه بالله، وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها، وكفره بالآخرة، ولهذا قال وما أظن الساعة قائمة، ولئن كان معاد ورجعة ومرد إلى الله، ليكونن لي هناك أحسن من هذا لأني محظي عند ربي، ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا.
قال له صاحبه المؤمن، ناصحاً ومذكراً بحاله الأولى، التي أوجده الله فيها في الدنيا، فهو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد والإمداد، وواصل النعم، ونقلك من طور إلى طور، حتى سواك رجلاً كامل الأعضاء والجوارح، ويسر لك الأسباب، وهيأ نعم الدنيا، فكيف يليق بك أن تكفر بالذي خلقك من تراب، ثم من نطفة ثم سواك رجلاً وتجحد نعمته، وتزعم أنه لا يبعثك، وإن بعثك أنه يعطيك خيراً من جنتك، هذا مما لا ينبغي ولا يليق.
وإن فخرت علي بكثرة مالك وولدك، ورأيتني أقل منك مالا وولداً، فإن ما عند الله، خير وأبقى..
أكتفي بهذا القدر ولن أكمل تفسير الأيات لشيء في نفسي ... لكن أقول للأخوة الكويتين " أفيقوامن غفلتكم يرحمكم الله"
0 comments:
إرسال تعليق