• اخر الاخبار

    الاثنين، 9 يوليو 2018

    الدكتور رضا عبد السلام يكتب عن :القيادة ليست فتونة...هي علم وفن..وإدارة بالحب!!

     



    عزيزي القاريء...في رأيك أي القادة أفضل وأنجح وأدوم؟! الشديد القاسي الذي لا يعرف الابتسام أو الحوار، الذي يتعامل بديكتاتورية مع أسرته أو مع مرؤوسيه أو مع شعبه؟ أم القائد اللين الضاحك المتساهل؟! أم أن للعلم كلمة قاطعة في هذا الشأن، وبالتالي لا داعي لأن نهدر وقتا في التنظير؟!

    الحقيقة المؤكدة...وكما تعلمنا من التجارب الناجحة عالميا ومن الدراسات العلمية الرصينة، أن كلا النوعين (المتسلط أو الديكتاتور والمتهاون المتساهل) كلاهما لا يصلح مطلقا كنمط قيادي، سواء كانت قيادة أسرة أو مؤسسة أو حتى دولة.

    فالقائد الأمثل والناجح، هو باختصار شديد:

    1. ذلك الذي يحقق المعادلة الصعبة: ألا وهي تحقيق النجاح للأسرة أو للمؤسسة أو للدولة، وفي نفس الوقت يضمن الأمل والحلم والحب والاحترام والانتماء لدى مرؤوسيه...هذا النوع الناجح من القيادة يضمن استدامة واستمرار النجاح، ويبني أجيال من القادة، ليتواصل البناء والعطاء.

    2. وفي المقابل، فإن القائد المتعالي أو المتغطرس، الذي يعتقد أن مثله لم تلد النساء، قد يحقق نجاح وقتي، ولكن - قطعا - لا يضمن استدامة او استمرار النجاح، حيث لن يكون هناك انتماء لدى مرؤوسيه...ومن ثم، إذا زرع هذا القائد الكره والخوف، فلن يحصد في أقرب وقت إلا الخراب والفشل..

    فهؤلاء المرؤوسين الذين لم يشعروا بالانتماء للمؤسسة أو للدولة سيكونوا في مقدمة الهدامين، واذا أتيحت لهم الفرصة لوهلة أو للحظة سيحرقون المؤسسة على رأس هذا القائد المتغطرس، الذي يتعامل معهم كأشياء...سيحرقونها دون تردد.

    3 وبالتالي فإن القيادة بالحب هي أفضل وأرقى صور القيادة...والقيادة بالحب لا تعني التسيب أو الانحلال او غياب العقاب، كما قد يعتقد البعض خطأ...

    فالقائد من هذا النوع حازم عادل، يشعر كل مرؤوسيه بأنهم ملاك للمؤسسة أو للمصنع، وأنا نجاحها نجاح لهم...يضع في اعتباره راحة المرؤوس ليضمن عطاؤه، هذا هو القائد الواثق والمؤهل والذكي.

    4. القائد الناجح ليس كوميديان أو أراجوز...ولكنه معتدل يبتسم في وجه من يستحق الابتسام، ويكشر عن أنيابه لمن يستحق...يرق قلبه ويبكى عندما يكون هناك ما يستحق البكاء ويزمجر عندما يكون في موقف يستحق ذلك...فلكل مقام مقال ولكل حادث حديث...يؤمن ويعمل مبدأ الثواب والعقاب...والتاريخ عامر بمثل تلك النماذج المشرفة من القادة...وهل هناك أفضل من الفاروق عمر؟!

    5. حتى نكون بصدد قيادة ناجحة وتاريخية لابد وأن تشرك المرؤوسين في الحلم، بحيث لا يكون الحلم حلم رب أسرة أو حلم مدير، أو حلم رئيس، ولكنه حلم أسرة ، فريق مؤسسة، وحلم شعب...عندما يحلم الجميع، يعمل الجميع بكل ما أوتوا من قوة لتحقيق حلمهم، وليس حلم قائدهم الملهم!!

    بواب أو فرد الأمن على الشركة أو المصنع...يسهل عليه أن يضيع المصنع ويبيعه في لحظة، إذا لم يكن لديه انتماء للمصنع، وفي المقابل قد تجده يفقد حياته دفاعا عن المصنع، اذا ترسخ لديه انتماء للمصنع...ولا يخلق هذا الانتماء أو يرسخه إلا القائد الناجح.

    6. القائد الناحج يرسخ الانتماء لدى مرؤوسيه بالعدل، والاستماع والمشورة والمشاركة في اتخاذ القرار، وإشعار كل مرؤوس بأنه ترس مهم وأساسي في الآله، وأن نجاح المشروع أو الدولة مرهون بدور هذا العامل أو البواب أو المهندس أو الطبيب...الخ.

    تعاملنا نحن المصريين باستخفاف وتريقة مع خبر قيام رجل أعمال ياباني بارسال موظفي وعمال المصنع في رحلة لأوروبا على حسابه الخاص!! هذا ليس قائدا غبيا...بل نحن الأغبياء...هو يدرك أن لمسة كهذه ستشعر جميع مرؤوسيه باحترامه وحبه لهم، وبالتالي يكون الجزاء من جنس العمل، أي أن انتمائهم وإبداعهم سيكون لا محدود.

    7. القائد الناجح لا يكون همه تحقيق مجد شخصي أو طموحات شخصية، ولكنه يكون مهموما بتحقيق السعادة والمجد لأسرته ولمؤسسته وللدولة التي أوكل إليه أمر قيادتها...لا يغمض له جفن ولا يستريح له قلب أو بال إلا بعد التأكد من راحة وسكينة من كلف برعايتهم.

    8. القائد الناجح لا يعرف الشللية أو البطانة أو الطبالين...فهو ليس بحاجة إلى أي من هؤلاء المتنطعين أساسا...هو في غنى عن كل هؤلاء المتسلقين...هذه النماذج النتنة لا وجود لها الا في بيئة ادارية فاسدة ومشجعة على ترعرعهم...أما القائد الناجح فهو محصن بالكل، بعد أن زرع العدل والحب والانتماء لدى الجميع.

    9. القائد الناجح يؤمن بالكفاءات، ويدعم وجودها ونجاحها، لأنه واثق من نفسه، ومؤمن بأن من شروط التقدم أن يكون التالي أكفاء من السابق...وما تقدم الغرب إلا بهذا الفكر...وبالتالي هو لا يعرف ما نسميه بأهل الطاعة أو الثقة...فالكفء يعين القائد الناجح القادر على الإصلاح والتطوير، وليس العكس.

    10. القائد الناجح ليس متعاليا أو متغطرسا...فهو رغم علمه بحل المشكلة أو بالفكرة، يتواضع برقي، يشرك مرؤوسيه في طرح الحلول، لأنه يؤمن بأنهم فاعلين وليسوا مفعولا بهم...القائد الناجح يشعر مرؤوسيه بأنهم أحياء لا أموات...وأن لوجودهم قيمة واحترام...عندها يتواصل البناء ويتحقق التقدم وتكون السعادة لهذا القائد السوي...ولمرؤوسيه...ومن يخرج عن النص او يستغل هذا الجو الطيب، يخضع للجزاء الرادع.

    نماذج القيادة الرشيدة يذخر بها التاريخ الإنساني، ويأتي على رأس تلك النماذج بالطبع، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدون، فقد كان رسول الله نعم القائد كرب أسرة ونعم القائد كرجل دولة...وإلا لما قال فيه الحق "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك". صدق الله العظيم.
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور رضا عبد السلام يكتب عن :القيادة ليست فتونة...هي علم وفن..وإدارة بالحب!! Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top