
وقفت أنا المسكون بالكلمات التي فاضت عن حد حزني ..
وقفتُ ولم أدر أين موضعي بين ظلال الخيال واحتمالات اليقين ..بين السكون وبكاء الريح وانحدار فقاعة الغروب واسرار هذا الكون ..
وقفتُ أنا المهووس بالحزن الذي ينساب نهرا من أضلعي .. يروي من كان قلبه مثل قلبي ، ويسأل ظلال الأشجار عن يتامى مشاعري في صدري وفي دمّي..
وقفتُ ذات بكاء يأخذني إليّ مني..
وقفتُ أحاور موج البحر.. فأنا مأخوذ بالبحر وعمق البحر وسر البحر وملامح حزني الطافية على سطح البحر..
صحيحٌ أن نوارس الشطآن هي رسلُ المواعيد الفائتة من حياتي.. وصحيح أن صراخ الموج المتحطم عند أقدام صخورٍ لا ترحم هو نبض سؤالي ..غير أن أحلامي المؤجلة لا يعلمها غير الله ..
وقفتُ أنا ..لا يجمعني بهذا الأفق البعيد سوى أننا نحن الاثنان غرباء لا نلتقي..
ولا يجمعني بهذا الرمل تحت قدمي سوى أننا فُتات أحلام لا نصلح حتى لعصافير الدوري ونوارس المساء ..
أيها البحر وقفت أناجيك ..انظر في عينيَّ..ألا ترى تباريح قلبٍ وجيران حزنٍ لا ينكرهم ملحٌ يكمن في أحشائك..
أيها البحر..كن ما تريد..ثم أجبني..فقد أعياني السؤال..ولم أعد أعلم ما أريد..!!
فالعالم حولي ضباب مشاعر ، والناس كثيرٌ منهم خواء ..
فماذا تريد أنت أيها البحر المنداح أمامي .. يا صديق الشمس والريح والشواطيء.. أم أنك صرت مثلي يسكنك الملح والحزن والأسئلة ؟!
ايها البحر الممتد كأفكاري ..أقرضني بعض حكايا قراصنتك..
أقرضني بعض ما ترويه لك الجزر في ليالي الشتاء..
فأنا المسكون بالكلمات..المهووس بالحزن..المأخوذ بك يابحر..
فهلا أطعمت قلبي من بقايا السفن الغارقة بقلبك منذ قرون..
وهلا أخذتني من سواحلي إلى قاراتك العجيبة في أغوارك ..
فأنا يا بحر مشتاقٌ لأعماقٍ تحويني وتحوي سلال وجدي وحبي الغامض كأحشائك .. مشتاق لبكاء يأخذني عن حزني الذي التقم حوتَه حُلمي ..
ومشتاق قلبي لحكايا الجدات التي اعتادها صغيرا بريئا ..
فهل لديك من حكايا الأحلام يا بحرُ مزيد ..؟
فأنا أيها البحر
أنفقت أحلامي على حزني..
وأنا خالٍ إلا من قلب وروح .. وبعض ذكريات راعشة راعفة ..
فهل لديك المزيد..
أم أنك صرت يا بحر مثلي.. يكويك الملح والصَهْدُ ..
فما عدتَ تدري حقا..في هديرك أو في سبيلك ما تريد !!
..............................................
تأملات ( في الحب والكون والحياة ) 7
د. محمد بدر عبد القادر لولو – المدينة المنورة - 19/6/2018
0 comments:
إرسال تعليق