• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 3 يوليو 2018

    الدكتور رضا عبد السلام. يكتب عن :قانون جريشام: المعدن الرديء يطرد المعدن الجيد من السوق...إستمتع!!

     



    السير توماس جريشام، عمل مستشارا اقتصاديا لأبرز ملوك المملكة البريطانية، وهي الملكة فيكتوريا...التي شهدت بريطانيا في عهدها التوسعات الكبرى والامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس....فاكرين؟!

    في تلك الأثناء كانت عملة المملكة من المعدن، سواء الذهب أو الفضة...خلال سنوات الازدهار في المملكة البريطانية والفتوحات والاكتشافات من الذهب والفضة كانت العملة يتم سكها من المعدن الخالص سواء الذهب أو الفضة، دون خلط أو شوائب...وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي وزي الفل.

    ولكن عندما كشرت الدنيا عن أنيابها، ودخلت المملكة البريطانية في حروب طاحنة، وقل ما يتم اكتشافه من المعادن النفيسة، بدأت وزارة الخزانة البريطانية في سك عملات معدنية جديدة، ولكن بمكونات نفيسة أقل جودة...

    أي تم خلط الجنية الاسترليني الذهب بنحاس مثلا...ولكنه جنيه في كل الأحوال، ويتم تداوله في السوق مثله مثل الجنيه الذهبي الخالص، ويتمتعان بنفس القوة في تسوية المعاملات...يعني الجنيه الذهبي الخالص يشتري خروف، وكذلك الجنيه الجديد المخلوط يشترى نفس الخروف.

    ترتب على هذا الوضع اختفاء الجنيه المعدني النفيس من السوق، وبقاء الجنيه المعدنى المخلوط في السوق يتداوله الناس، وتصدر المشهد وفي المقابل انزوى المعدن النفيس.

    وبناء عليه، لا يمكن للمعدن النفيس والمعدن المخلوط والمتلون أن يجمعهما مكان واحد...فإذا وجد المعدن المزيف والمخلوط غير الخالص...حتما يختفي المعدن النفيس....مش كده ولا أيه؟!

    ويرى البعض ان قانون جريشهام هذا يستحق التعميم على كافة جنبات الحياة...ليس فقط في الاقتصاد ولكن في السياسة والادب والفن والإعلام والجهاز الاداري...الخ.

    مثلا...لا يمكن أن يجتمع السياسي النقي والمحب لوطنه مع المتلون والمخلوط والغارق في الشوائب في مكان واحد...لا يمكن.

    حتما سيسود المتلون والمتشكل وسيختفي النقي الذي لا يعرف غير طريق واحد في حبه لوطنه....وفي النهاية لن يبقى في المشهد ولن يتصدره غير المتلون والمتسلق....الذي يجيد الكيد والكذب والنفاق....الخ....

    أما النظيف ومن لا يجيدون اللعب على الحبال، فلن يمكنهم مجاراة المتسلقين...وسريعا ما يختفوا من المشهد...مش كده ولا أيه؟!

    ولهذا انظر لأوضاع الدول المختلفة وخاصة المتخلفة منها، في الغالب ستجد من يتصدرون المشهد، ومن يملؤنه صراخا وعويلا، ومن يدعون أنهم يحملون صكوك الوطنية وملكية الأوطان هم المتلونون ومن يستطيعون التكيف ومجارة كل العصور وكل الأنظمة...مش كده ولا أيه؟!

    أما من لا يجيدون هذا اللون من النفاق السياسي والتجارة بالاوطان، والذين لا يعرفون إلا طريق واحد لحب الوطن، فهؤلاء حتما ليس أمامهم غير الانسحاب والاختفاء من المشهد...فما أسهل من تشويههم وطحنهم على أيدي طيور الظلام.

    قس على ذلك الأدب والفن...أنظر إلى مطربي دار الأوبرا ومطربي بير السلم...أيهما اجدر بأن يتصدر المشهد؟!

    انظر إلى من نسميهم تجاوزا بالاعلاميين...أي من هؤلاء يتصدر المشهد: الطبالين وأبواق كل العصور واللاعبين بالحبال أم أصحاب الصوت الهاديء والمتزن والمعتدل...وأيهما أزاح الآخر؟!

    قارن بين فنان هادف وراقي مثل طارق دسوقي وبين غيره من نجوم الشباك، ممن هدموا الأوطان هدما، من أساطير هذا الزمان....أيهما يتصدر الشباك والمشهد وأيهما انسحب واختفى من المشهد؟!

    قارن بين الموظف المنافق والمتسلق وبين الموظف الجاد والفاهم...أيهما يرتقي وأيهما يدفن ويختفي قسرا؟!

    بكل أسف...هذه هي الحقيقة المؤلمة والصادمة.

    حقا جريشام...المعدن الرديء يطرد المعدن النقي من السوق...في كل شيء...وواقع الأمم المؤلم يؤكد هذا...دمتم بألف خير.
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور رضا عبد السلام. يكتب عن :قانون جريشام: المعدن الرديء يطرد المعدن الجيد من السوق...إستمتع!! Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى