مع مطلع
كل عام دراسي، تشرق الآمال في نفوس المعلمين، وتفتح الأبواب لاستقبال جيل جديد من
الحالمين. مدارس تُعد، جداول تُنظم، وقلوب تُشحذ بالعزم على بناء غد مشرق لأبناء
هذا الوطن. ولكن، ما كل إشراقة تحمل الأمل، فقد بات المشهد في بعض مدارسنا يستدعي
وقفة طويلة، وقفة أمام ظاهرة تجاوزت حدود الفوضى، وتنكرت لكل معنى من معاني
التربية.
فمنذ
انطلاق العام الدراسي، باتت أبواب المدارس تشهد مشاهد لا تليق إلا بساحات
الاشتباك، لا بحرم تربوي يفترض أن تسوده الهيبة والنظام. أولياء أمور يجلبون
أبناءهم بعد بدء الطابور بوقت، وكأن المواعيد باتت وجهة نظر، وكأن الانضباط أمر
ثانوي يمكن التنازل عنه متى شاؤوا! ثم ما أن يُطلب من الطالب الالتزام، حتى نجد
الولي "الموقر" ينهال على الأبواب بالضرب، يكسر، يقتحم، يهدم، ويعلو
صوته بالسباب!
ومن لم
يجد الباب مفتوحا، وجد في السور سلما، فيقفز كما يقفز المتسللون، لا لشيء، سوى
لأنه يرى أن ابنه لا يخطئ، وأن معلمه لا يفقه. فيصعد الجدار، ويقتحم الفصل، ويشير
بأصابعه في وجوه المعلمين الذين وكلت إليهم أمانة التربية، وكأن أبناءه أنبياء لا
يُساءلون، أو ملائكة تمشي على الأرض آمنين.
يا
سادة، التربية لا تعني أن ندافع عن أخطاء أبنائنا، بل أن نعلمهم كيف يتحملون نتائج
أفعالهم. المدرسة ليست خصما، والمعلم ليس عدوا. فكيف يُنتظر من طفل أن يحترم
النظام، إن كان أبوه أول من كسره؟ وكيف نطلب من الطالب أن يوقر معلمه، وهو يرى
والده يتهجم عليه في عقر داره؟
أيها
الناس ؛ كفوا عن ادعاء الفضيلة لأبنائكم، فإن الفضيلة لا تُمنح بالوراثة، بل
تُكتسب بالتربية والقدوة. تذكروا أنكم شركاء في هذه المنظومة، لا أوصياء عليها. أنتم
ترسلون أبناءكم إلى المدارس ليتعلموا، لا ليعاملوا كأمراء لا يسألون عما يفعلون. لا
تجعلوا من حبكم لهم سلاحا يهدم كل قيم الانضباط والاحترام، فإن أول درس يجب أن
يتعلمه الطفل: أن المخطىء يُحاسب، وأن القانون فوق الجميع.
يا
سادة؛إن هيبة المدرسة يجب أن تصان، لا بالشعارات، بل بالتشريعات الحاسمة. نريد
لوائح واضحة، لا تقبل التهاون، تحفظ للمعلم كرامته، وتضع حدودا صارمة لأي اعتداء
على حرمة المدارس. لا تتركوا إدارات المدارس في مواجهة مفتوحة مع الفوضى، دون دعم
قانوني حازم. وإن كان المجتمع يريد تعليما محترما، فعليه أن يبدأ من احترام
المعلم، واحترام النظام.
#فى_النهاية_بقى_أن_اقول؛
لا مستقبل لأمة تهان فيها المدرسة، ولا نهضة في وطن يكسر فيه باب الفصل، ويهان فيه
من يزرع العلم في العقول. فليعد للمدرسة اعتبارها، وللمعلم مكانته، وللنظام
قدسيته، وإلا فعلى التربية السلام..!!

0 comments:
إرسال تعليق