(لا اظن اني مخبول وجع، يجيد سرد الحكايات والسوالف،لهذا اتوسلكم ان لا تصغوا الى الوارد من جنوني،والجنون كما قرأت قبل وفاة جدي العلامة( بدر الزمان الغريب)محض اخيلة جامحة يراد من خلالها تخريب العلاقات الحميمة بين المعبد والكهنة،وابناء الارباب الذين لايدرون لم يتعمدون وضعهم في خانة القبول،رغم طاعتهم الراضية والشريفة لما يقولونه، امرونا من علياءامجادهم، ان نطيع اولي الامر منا؟وهذا ما فعلناه فعلا،اطعنا كل مافعلته معاصيهم،ومفاسدهم،ولكن السؤال الوقح الذي نحتاج اجابته،—من يحدد مافاسدهم ومن يحدد فقرنا ورضا الارباب وقبول الكهنة؟!!ذاتي تمحو مكونات الذاكرة،لانني ببساطةاحمل جينات غبية،قلدني إياها الكبير المطاع بين الارباب، قال/- اقتعدوا هذا الكرسي؟!!
قلت—- لا احبذ القعود على كرسي آلهة يتشحون بالأكاذيب….!!
قال—اتأد مالك لاتعي حقيقة مايقال… المنسيات وضوح..والوضوح معنى والمعاني سؤال ..أوقف عند هذا الحد غباء الاجابة!!
قلت—فراغك دوامة اوهام ويباس عقول!!
قال— ماالذي تعنيه وأنت توقظ الأسئلة،بين حد المسافة وجز الاجابة عجز الاكتشاف!!
قلت—كيف يمكنالبدء… والبدايات تشير الى تلال مهجورة تسكنها السنة ذربة تزور الاجابات لتحطم روح السؤال وتضعف جبروته!!
قال— بين السؤال ولاجابة مراحل فارغة من المعنى..ماالذي تمسكه الآن بين وجود يؤثر وفراغ لايعطيك سوى خمرة انتشاء زائلة..تأمل ماالذي تريده من خياراتك تلك(هنا يضحك الاله الفتي ،الغير القادر على الاستقرار،الاز مثل زنبور مقصوص الاجنحة..اعطتني ثمالته قوق عناد غجري،فالقيت إليه بعض من جنوني قائلاً)
— بين أن تكون او لاتكون ارتباك معاني التكوين؟!!
— انظر الى عينيك في مرآة وضوحك..ماالذي ترى؟!!
—-اااااااااااااااااااا!!
— المشوافة تقول أنك لاترى سوى الاشيء..المحنة في الرؤيا؟!!
—-بل تقيم لوجودي وجود آخر؟!!
— ذاتك وحدها التي افرغتها من معانيها…ماتراك فاعل؟
— أمسح مسافات الرؤيا لأضع نقطة واحدة لامحو المكونات التي لاتتسع للاجابة؟!!
(ماالذي يحدث؟ذلك مالا اقدر على سبر اغواره،اوؤمن بدقة المتفحص العارف السؤال غبار جدل..يتبعه تفحص ورفض،لهذا اوحى ليَّ جنوني، بحمل قفاف من العلامات التي اعجزني الوقت في اعلان اجاباتها(أضحك بملء غروري دافعاً الاله الكامش بغباءه الى طرف قصي من قاعة عرشه ،المزكشة بجماجم وراح ورايات سود وصفر،اناث يجلسن مراقبات المشهد شديد الحساسية ،بملل وهن يداعبن اطراف اصابعن المطلية باخضرار كدر خال من الادهاش،قال صائحاً بصوت خال من الرنين والاتزان)
— عجزك سؤال..واجابتك عجز..فكيف يمكن حل التشابك بين المعنى وفضاءات غرابته؟!!
(اربك الصوت الاناث اللواتي،اشعرهن العجز بخيبات أمل متلاحقة ،أصابهن بالذبول والخزن..لم يستطع جنوني الثبات،سحلني بعنف جلاد سجن خارج قاعة العرش التي همدت على عروشها خاوية،لايسمع احداً منها،سوى نداءات الاستغاثة والتوسل والبكاء.
—-٢—
بعد تلك الرحلة الغريبة،التي تشبه رحلة تلك الفتاة المضمخة برائحة التفاح(اليس)في بلاد العجائب، ادخلني جلادي،مصحوباً بالجلاليق،والسباب والشتائم المبتكره،والمثيرة للضحك،قاعة مكتظة بوجوه وقحة،تماهت وبشكل لايمكن تصديقة مع تلك الكلاب التي تقف عند ابواب اصحاب الامر،فاضحة كل اولاد الشر ونغولته، وجوه واسعة تحيط بها هالات سود،وحمر متوهجة،و اخريات تشبهن تبن ممطور، قال الجلاد،بعد أن مجد الرب الاكبر وانشد نشيد الوفاء،والاخلاص،—-هوذا سيدي؟!!
نظرني الجالس بهيبة سلطان عثماني،وجبروت خليفة عباسي، نظرات مريبة،مشعة بضوء شعرته يخترق جسدي الشديد النحول،فسالت مياه ساخنة مابين فخذي حتى لامست قدمي الحافيتين،المليئتين بالقيح والقاذورات،قال—ماالذي جئت تطلبه..مالذي فعلناه بك لتسب عرشنا الذي لايسب؟!!
هززت رأسي ببطء،فاتحاً عيني على اتساعهماً،محاولاً اختراق هيبت السلطان،مثلما اخترق ضعفي المثير للشفقة،عوى بهدوء،ومالبث ان نبح بشراسة عنوانية لايمكن تحملها—لم سكت اجب؟
رأيت إليه،باشمئزاز تعمدته ساخناً ،وبصوت هاديء رصين ،قلت.
—اريد والدي؟
—وأين هو والدك لتريده مني؟!
—قتلته ..جندك جاءوابه ملفوفاً بخرقة باليه..وقالوا لامي ،أمي المسكينة المصابة بكل انواع الفواتك من الامراض..هو هذا اياك والبكاء.. !!
—جندي أنا…وماعلاقتي بقتله..لم تتهمني بما لا اطيق فعله..ماقتربت الدم يوماً ولن اقترب منه؟!!
—-لكنهم سلمونا قرطاساً مختوم بختمك..يقول انه مات مذبوحاً بإمر منك؟
— بأمر مني…لا اصدر اوامر قتل..ولااريد للموت ان يكون عماد وجودي؟!
—هم قالوا هذا…والقرطاس شاهد وجود!!
( هاجت القاعة مثل سرب جراد،تطن، باصوات خالية من الوضوح،وصفن اولي الامر،نافثاً دخان سيجاره العابق برائحة النعناع،وبعينين ذئبيتين تشعان خبثاً قال)
—آه اتريد معرفة من قتل والدك؟
—-نعم..نعم!!
ببطء نهض من مكانه،فنهضت الاجساد بتثاقل يشوبه مكر وخداع، مقترباً من وقوفي المأساوي،أخذ بيدي دافعاً بي صوب مكان جلوسه،قال—-اترى هذا الكرسي؟!!
قلت بوهن ،—-نعم اراه!!
قال ضاحكاً— مادمت تراه بوضوح فسله عن والدك لانه من قتله!!
ضجت القاعة بالتصفيق ،وتعالت الهتافات،وبغتة بدأت الفرقة الموسيقية السامية بعزف نشيد التمجيد الذي جعل صاحب الامر،يفلت يدي ،رافساً مؤخرتي، بقدم بغل،شمرني الى البعيد،انفجرت القاعة ضاحكة،وباتقان مثير للدهشة،راح يتفتل راقصاً،مطلقاً بين فينة وآخرى،وابل من الصرخات المتوحشة التي تشبه نهيق حمار،!!
—-٣—
قال جدي(بدر الزمان الغريب) في واحدة من تجلياته العظمى،والتي اربكت الجماجم،واشعلت الرؤوس بفوضى الترقب والفضول،فراحت تبحث على عجل في بطون المخطوطات التي دونت احوال الازمنة والدهور،عن حقيقة ما قال(عقل الحاكم سيفه،وحكمته بغضه،وقبوله وهم اكاذيب،ودنياه عذوبة ماء كدر،وذكورته حيلة ماكره،تجددها اغطية ليالي السهاد..الحاكم ان فشل في ارضاء نزواته،تحرك سيفه عند حد الرقاب)!! لا اجد ثمة ما يثير الاستغراب ويدفع الناس الى اتخاذ دروب البحث المليئة بالمخاوف والمخاطر،من أجل اثبات حقيقة قالها جدي بحكم اعتماده بديهية القول المستنسخ عن مايعرفه ما افعال(الحكام لايقتلون من يقول لهم لا..الكرسي هو الباشط الذي يجز الرقاب دون استشارة احد ، او الايمان بقول غير قولة،الكرسي هو الحاكم،أما هذا الذي تورنه ماهو الا حمار يتخذه الكرسي مطية لتنفيذ مطامعه والحفاظ على هيبة وجوده،قيل( بحسب رواية جدي) لحاكم،آمر باقامة مدفن بهي لضحاياه،
___من أنت؟
فما كان منه الا ان حمل كرسي عرشه على قفاه،منادياً،في طرقات مدينته وابواب بيوتها—-أنا هذا ..أنا هذا من اطاعه اجزلت له العطاء وجعلته الاقرب اليَّ،ومن عصاه واخفى تبجيله،وتعمد انكار وجوده،جعلت نهار ايامه فقراً وليلها رعباً..ومابينهما ذعر لافكاك منه!!
( تشير المخطوطة وعلى صفحتها الالف بعد المئة،والمكتوبة بخط كوفي ضعيف متداخل)
—أن الكاره للحاكم انما كاره لكرسية،فإن اقعدناه على ذات الكرسي يوماً.. رأيناه ينبح ويزأر ويعوي ،فاقداً ادميته،الحاكم من ابناء ادم ولكنه ليس من اولاد الانسان…وتلك مشكلة ازلية لايمكن حلها مهما كان الانسان قوياً..!!
—-ماذا لو ثار الكرسي على الحاكم؟!
—-أنت تقول المحال…الكراسي عروش للظلم تعمدت بالدم ولهذا لاتجيد التحريض ولا الثورة..الكراسي لعبة تتكرر بافتتان القتلة ورغبة الطامحين بعبوديتها!!
0 comments:
إرسال تعليق