"عيد الحب" أو الفالانتين، هو يوم عالمى للحب، يحتفل فيه الملايين من العشاق فى كافة أنحاء العالم، وعادة ما يكون يوم الرابع عشر من كل عام هو يوم الاحتفال بعيد الحب ، فالحب هو روح الحياة ، وطعم الوجود ، ولذة الدنيا ، وغذاء الروح وبهجة القلب ، وضياء العين ، ونور الفؤاد ...حياة بلا حب فهى حياة باهتة ، وقلب لاحب فيه هو قلب جامد ، الحياة جسد والحب روح ، فإذا غابت الروح فلا قيمة للجسد
قصة عيد الحب .
بحسب كتاب "قصة العادات والتقاليد واصل الأشياء" لـ تشارلز باناتي، فإن احتفال عيد الحب يعود إلى محاولة منع السكان الوثنين من إجراء شعائر عيد الخصب الذى يقطع فيه رأس أحد المحتفلين كضحية للآلهة القديمة، واعتاد الرومان حتى القرن الرابع الميلادى أن يجروا شعائر ممثلة بانتقال شاب يافع إلى الإله "لوبر كوس" وأن يضعوا أسماء الفتيات المراهقات في صندوق يجره الرجال البالغون بشكل عشوائى ويقوم كل منهم بعد ذلك باختيار رفيقة ليقضى معها تسليته ومتعته الجنسية طوال العام المقبل، ويتكرر الإجراء كل عام لذات الغرض.
وحاول آباء الكنيسة أنذاك، وضع نهاية لهذه الممارسة القاسية بإيجاد قديس للحب ليأخذ ألوهية لوبر الوثنية، فرشحوا لذلك الأسقف المحبوب فالنتين، الذى قتل قبل مائتى عام في ذلك الوقت، حيث في عام 270 ميلاديا أغضب "فالنتين" الإمبرطور كلوديوس الحادى عشر، الذى كان قد أصدر قرارا بإلغاء الزواج، لأن الرجال المتزوجون يشكلون جيشا غير قوى فهم يكرهون ترك أسرهم والذهاب إلى الحرب، فما أن علم فالنتين أسقف إنترافنا في إيطاليا آنذاك، بذلك حتى جمع بين الشباب المتحابين سرا بالزواج لأنه سر مقدس.
وعندما علم كلوديوس غضب من الأسقف فالنتين، فدعاه إلى قصره وحاول رده عن المسيحية والعودة إلى الوثنية، فرفض "فالنتين" ، فأمر الإمبرطور الروماني برجمه بالحجارة ثم قطع رأسه في 14 فبراير عام 270 ميلاديا.
ويروى عن القديس "فالنتين" أنه وقع في حب ابنه سجانه "استريوس" وكانت عمياء ، وأنه استطاع بفضل إيمانه القوى بالله أن يقوم بمعجزة ويعيد إليها بصرها، وكتب قبل موته رسالة وداع بعبارة "من فالنتين" إلى حبيبته التي عاشت على ذكراه بعد موته لفترة طويلة .
ومنذ تلك الواقعة أصبح هذا اليوم مظهرا من مظاهر الاحتفال بالحب في أوروبا وأمريكا ومختلف دول العالم بتبادل الورود الحمراء، وأصبح "فالنتين" المرشح المثالى لنيل شرف شفاعة الحب.
الحب والدراما
من الخطأ في حق الحب الطاهر والعفيف أن نتعلمه من غير أهله، أو نبحث عنه وسط حب الشهوات والمحرمات، فالحب أكبر من أن يبدأ من مكالمة هاتفية، أو رسالة عبر المواقع الالكترونية ، أو تغريده في تويتر ، والحب أسمى من أن تكون المسلسلات والأفلام مدرسته، ومكان تعلمه ، وهو أطهر وأنقى من أن نبحث عن معانيه الراقية في كلمات لشاعر وهو يتغزل في جسد محبوبته .
الاسلام والحب .
أعطى ديننا الحنيف للحب قدرًا من الاهتمام، لانه دين الحب والروح والجسد والعقل والفطرة السليمة، وضرب لنا أروع الأمثلة للحب الذي يصون كرامة المرأة وعفافها، ويكرم الرجل ويحفظ مكانته، بعيدًا عن اللعب واللهو والعبث باسم الحب، والتشبه بالضائعين والضائعات ، ولسنا بحاجة الى الحب بالمعنى المستورد من المجتمعات المتفككة والعابثة والبعيدة عن قوانين السماء مهما كانت دعاواهم .
الحب مع سيدنا ابراهيم عليه السلام
"سيدنا إبراهيم عليه السلام كان يحب زوجته سارة حبا" شديدًا، حتى إنه عاش معها ثمانين عامًا وهي لا تنجب، لكنه من أجل حبه لا يريد أن يتزوج غيرها أبدًا حتى لا يؤذي مشاعرها، فلما طلبت منه السيدة سارة أن يتزوج من هاجر وألحت عليه اضطر إلى النزول عند رغبتها"! "
الحب مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
أما عندما نتحدث عن الحب الحقيقي بكل ما تحمله الكلمة من معاني ومشاعر ، فتعالوا نتعرف عن الحب في حياة أتقى وأنقى الخلق - صلى الله عليه وسلم - لنعرف أين نحن منه، وكم حرمنا أنفسنا من حقيقة الحب:
تتجلى قيمة ((الحب)) في حب الرسول صلى الله عليه وسلم ل ((خديجة )) رضي الله عنها.. فقد قدمت سيدة عجوز على النبي فاهتم بها وخلع عباءته ووضعها لها لتجلس عليها.. فسالت عائشة عن هذه السيدة التي اهتم بها الرسول .. فاخبروها انها كانت صديقة خديجة رحمها الله .. فغارت عائشة وقالت للنبي : وهل خديجة كانت سوى عجوز ابدلك الله خيراً منها ؟ فقال النبي : لم يبدلني الله خيراً منها أبداً . .لقد آمنت بي إذ كذبني الناس ، وآوتني إذ رفضني الناس ، ورزقت منها الولد .. فقالت عائشة استغفر لي يا رسول الله .. فقال لها : استغفري لخديجة واستغفر لك.
وكان الرسول يذبح الذبيحة ويرسل بها لأصدقاء خديجة.
"لا تؤذوني فى عائشة".
لخصت تلك الكلمات الرقيقة أسمى معاني الحب الذي حمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضرب به مثلًا يحتذى به في العالم أجمع، فالحب في حياة النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن ملحوظا فقط في كلماته وتعبيراته، بل كان ظاهرا بارزا في أفعاله وتصرفاته، فها هو ذات يوم حال عودته من سفر، ثم يقول لزوجته: سابقيني يا عائشة. فيتسابقان، وتسبقه. ثم يكرر الأمر في سفرة أخرى بعدها بفترة طويلة، ويسبقها هذه المرة. وحينئذ يداعبها ضاحكا بقوله: "هذه بتلك"، وهو موقف يندر أن يقوم به رجل مِنّا في الظروف والأحوال الطبيعية، فكيف وهو عائد من سفر شاق؟ وغالبا ما كان ذلك بعد غزوة من الغزوات .
ووصل الأمر إلى حد رواية عائشة رضي الله عنها لأمور دقيقة جدا تستشهد بها على شدة حب النبي صلى الله عليه وسلم لها، فتقول: كنت إذا أكلت من طعام أخذه النبي ووضع فاه على موضع فِيَّ.
أجمل وأرقى عبارات الحب .
((ولا يفرك مؤمن مؤمنةً)).....((واستوصوا بالنساء خيرًا))....((ورفقا بالقوارير )).... (( خيركم خيركم لأهله ))
هذا الحب الطاهر العفيف كان يجري في ميدانه الفسيح ومكانه الآمن في حديقة الزواج الوارفة، وبيت الزوجية التي تنعم بظلال الحب، فتأتي السعادة إليه راغبةً أو راغمةً.
ومن هذه المدرسة، ومن أستاذ البشرية ومعلمها ينبغي أن نتعلَّم الحب بعيدًا عن التلاعب بالعواطف، والتقليد الأعمى لمن لا تحكمهم ضوابط، ولا تردعهم أخلاق، ولا يفرقون بين ما يصح وما لا يصح .
لا يكاد الحديث عن الحب ينتهي، خاصة إذا كان في حياة أفضل البشر عليه الصلاة والسلام، لكن اللبيب تكفيه الإشارة، فالمقصود هو لفت النظر إلى الحب الطاهر الشريف، بعيدا عن عيد حب يحتفل به الناس يوما في العام دون أن يعرفوا حقيقة الحب، حتى ابتذلوا الحب في لقاء ممنوع أو أعمال آثمة محرمة ، أو شهوة فانية .
وفى عيد الحب لن نجد مثالا أروع من النبى صل الله عليه وسلم لنتعلم منه أصول الحب الحقيقى فلم يقصر الرسول حبة على زوجاته بل كان قلبا نبعا من الحب ينهل منه العالمين فقد كان أبا حنونا وصديقا رائعا وكان رجلا حنونا يلاعب الأطفال ولا يقسو عليهم فقد واسى أحد أبناء الصحابة حين مات عصفوره .
فبدلا من أن تحتفلوا بعيد الحب تعلموا أن تحيوا حياتكم بالحب أولا وسيروا على نهج رسول الحب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
فالحب شىء لا يباع ولا يشترى ، ولا يوهب ولا يستعار ، فهو فطرة سليمة لقلوب نظيفة ، فلم يملك انسان من الغنى ما جعله يسيطر عليه .. ولم يبلغ انسان من الفقر ما جعله يفقده.
0 comments:
إرسال تعليق